منظور آخر: الموت على حين غرة

نشر في 17-03-2013
آخر تحديث 17-03-2013 | 00:01
 أروى الوقيان فُجعت مدينة جازان في المملكة العربية السعودية بوفاة المريضة حنان من جراء نقل دم ملوث لها في أحد المستشفيات الحكومية، وكانت حنان تعاني الأنيميا المنجلية، وقد أُدخلت طوارئ المستشفى وهي تعاني آلاماً في البطن من هذه الأنيميا، وكانت نسبة الدم حينها ناقصة، حيث اعتادت كل شهر أن يُنقل لها دم من المستشفى.

وبعد يومين من نقل الدم شعرت بألم شديد في أنحاء جسدها، وبدأت حرارتها ترتفع مع نقص في نسبة الأكسجين، مما اضطر الأطباء لإدخالها إلى غرفة العناية المركزة بعد اكتشاف جرثومة في الدم الذي نُقل إليها وتدهورت حالتها إلى أن فارقت الحياة بعد 14 يوماً من دخولها المستشفى "ماشية على قدميها"، وقد دُوِّن في شهادة وفاتها أن السبب "جرثومة في الدم ناتجة عن نقل دم ملوث إليها".

الحادثة الثانية تمت في مستشفى الملك فهد المركزي في جازان أيضا بعد أن تم نقل دم مصاب بالإيدز لفتاة عشرينية في هذا المستشفى الذي شهد حالة استنفار بوجود فريق طبي متكامل!

هذه الأخبار منقولة حرفياً من مواقع إخبارية متعددة، كم هو مؤلم العبث بأرواح الآخرين، والمؤلم أكثر هو أن الإنسان بدلاً من أن يتلقى العلاج في المستشفيات تجده يتلقى الموت والأمراض المزمنة!

كون أن الحادثتين وقعتا في السعودية، فإن هذا لن يمنعني من العتب على تردي الخدمات الطبية وفداحة الأخطاء، ولو تمت هذه الحادثة في بلد أجنبي لوجدت حملات شرسة من وسائل الإعلام التي تعد واحدة من أهم الروادع لمحاربة الإهمال والفساد عالمياً، ولوجدت القضاء يحكم بتعويض يبلغ الملايين بلا مبالغة!

ما سيتم في السعودية أو أي دولة عربية هو التالي؛ استنكار من أفراد وبعض البرامج، ومن ثم طمر القضية في طي النسيان، وتبوء محاولات الأهل بالفشل للمطالبة بأي حق والتعويض.

بمعنى... إن كنت عربياً فتأكد أن حقك ضائعٌ، وروحك عرضةٌ للتجارب في المستشفيات، وتأكد أنك لا تملك سنداً إن لم تكن تملك "واسطة" تساعدك في الوصول إلى حقك.

مع الأسف نفتقد لجميع حقوق الإنسان ولا نملك من يحميها ولا نجد جهة نستطيع اللجوء إليها إن تعرضنا للظلم.

أروقة المحاكم مليئة بملفات الأخطاء الطبية دون أن نسمع عن تعويضات، حتى إن تمت تكون على مبالغ تافهة لا تعوض المريض صحته، ناهيك عن الفساد وسرقة الملفات وغيرها من الأمور التي تجعلك تشعر بمدى المغامرة التي تعيشها في دول لا تضمن لك حقوقك إن تم هدرها من مؤسسة حكومية أو خاصة، لأنك تعلم أن الإعلام والقضاء سيتناولان الأمور على نار هادئة إلى أن تنطفئ القضية وتنسى، ولكن تبقى الغصات في قلوب ذوي من تعرض للموت أو لمن أصيب بالأمراض المزمنة بسبب إهمال أو خطأ طبي!

قفلة:

محاربة الفساد لا تتطلب أجهزة حماية من الفساد أو أجهزة رقابية أو جمعيات شفافية تضع نسب الفساد وترصدها، الحل يكمن في تطبيق القانون وإبطال سلطة الواسطة والعلاقات الشخصية، حينها فقط نستطيع فعلاً محاربة الفساد دون الحاجة إلى رصده فقط من قِبل هذه الأجهزة التي لم تُفد يوماً في القضاء عليها.

back to top