ليس فقط ليل "البدون" طويل، بل أصبحت حياتهم التعيسة والظروف القهرية أطول من أعمارهم، فقضيتهم بدأت مع إصدار "الجناسي" في الكويت عام 1960، أي جاوزت الخمسين عاماً.

Ad

قبل أيام اطلعت على أرشيف للتصريحات الحكومية في أحد المواقع الإلكترونية لـ"البدون" ووجدت تصريحات لوزراء الداخلية بشأن حل قضية "البدون" كثيرة جداً، وأقدم ما شاهدت هو تصريح صادر من وزير الداخلية بشأن حل قريب لقضية "البدون" في يناير 1986، وهذا يدلل بشكل واضح لا يدعو إلى الشك أن الجهات الحكومية التي تعاملت مع ملف "البدون" لم تكن لديها الرغبة الجادة والحقيقية في حل القضية.

ومن المضحك المبكي في تعامل الجهاز المركزي مع قضية "البدون" أنه قام بإصدار بطاقات جديدة ذات شريطة خضراء مدتها خمس سنوات! علماً بأن عمر الجهاز المركزي القانوني سينتهي في نوفمبر 2015! كيف للجهاز المركزي أن يصدر بطاقات لـ"البدون" مدة صلاحيتها أطول من عمره القانوني!

بلا شك أنهم على يقين أنه سيتم تمديد مدة عمل الجهاز المركزي إلى خمس سنوات أخرى، وسيتبعه تمديد وتمديد، لذلك ليل "البدون" طويل وطويل جداً، ولن يرى النور قريباً.

اتصلت بي إحدى أسر "البدون" تشتكي بصفتي مقرراً لجنة "البدون" في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان التي تسلمت البطاقات الخضراء الجديدة، وقد تم إصدارها لجميع أفراد الأسرة إلا أحد الإخوة، وعند الاستفسار لماذا لا تريدون إصدار بطاقة خضراء له؟، كان الجواب بسبب وجود قضية مالية سابقاً عليه، ويعتبرها الجهاز قيداً أمنياً ضد هذا الإنسان!

تخبّط واضح وانعدام للعدالة في التعامل الجديد للجهاز المركزي مع "البدون"، وأسوأ أنواع البطاقات هي ذات الشريطة الحمراء التي ستمنح للأفراد المطلوب تعديل أوضاعهم خلال عام، ويمنح من خلالها حق التعليم والعلاج فقط!

بمعنى يتم حرمانه من العمل، ومن شهادات الولادة، والوفاة، ورخص القيادة، وعقود الزواج، وجواز السفر، لن أقول إن هذه انتهاكات لحقوق الإنسان ليست جديدة على تعامل الحكومة مع "البدون"، ولن أقول إنهم يقودون مجموعات من "البدون" نحو (الجنون) بحرمانهم من كل شيء.

"البدون الحمر" هم أسوأ وأضعف فئة ستكون ضمن "البدون" بعكس الهنود الحمر في أميركا، وهم أهل أميركا الأصليون! هذه البطاقات الملونة وتقسيم "البدون" إلى فئات سيؤدي إلى مشاكل كثيرة اجتماعية منها عدم تزويج "البدون" بناتهم لـ"بدون" آخر يحمل بطاقة حمراء! ربما يكون الأمر مضحكاً لكنه حقيقة ستحدث، وقس عليها العديد من الأضرار الاجتماعية والنفسية.

قسمت العنصرية المجتمع الكويتي إلى فئات عدة، وامتدت يد العنصرية لتشمل مسلوبي المواطنة من الكويتيين "البدون"... وبعد أن كان "البدون" بدوناً، فقد أصبح "أخضر"، وهناك آخر "أصفر"... والأخطر هو الأحمر!