يعيش 75 ألف نسمة فقط في غرينلاند، وقد توجه أكثر من 30 ألفاً من بينهم إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة التي جرت في 12 مارس الماضي، وانطوت نتائج الاقتراع فيها على تداعيات قد تطول الملايين من البشر في شتى أنحاء العالم. وتقبع غرينلاند على صناعة تصدير لم يتم تفعيلها- وإذا استثمرت- يمكن أن تترك أثرها على محافظ وجيوب كل من يرغب في شراء حاسوب أو تلفاز أو ثلاجة.

Ad

قد لا يكون العالم في غالب الأحيان مهتماً إلى حد كبير بما هي غرينلاند... لكنه بالطبع سيكون معجباً بما هو كامن تحت سطحها. ومع ذوبان الطبقة الجليدية في غرينلاند أصبحت الثروة المعدنية الخفية فيها سهلة المنال بصورة مثيرة ولافتة.

وتشمل ثروات البلاد معادن الأرض النادرة ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة إلى إنتاج العديد من الأجهزة الإلكترونية– من بطاريات السيارات الكهربائية الى شاشات التلفاز. والمعادن مثل السيريوم (الذي يستخدم في صنع الزجاج)، والليتريوم الذي يستخدم في شاشات العرض الإلكترونية) هي بين تلك المعادن النادرة الخفية تحت سطح الجليد.

هناك العديد من معادن الأرض النادرة، وهي ليست نادرة كما يشير اسمها المضلل غير أنها مبعثرة وموزعة بصورة رقيقة وقد يكون من الصعب استخراجها. وهي في غرينلاند تكون مختلطة في غالب الأحيان بمادة اليورانيوم التي تحظر القوانين الحالية في البلاد تعدينها، لذلك فإن معظم المعادن الثمينة تظل تحت سطح الأرض.

جاء التعدين واستخراج المعادن القضية التي قررت نتيجة الانتخابات الأخيرة... وفي ظل مشاركة 43 في المئة من الناخبين في غرينلاند، تمكن حزب "سيوموت" الاشتراكي الديمقراطي من طرد حزب "إنويت أتاكاتيغيت" الاشتراكي الحاكم الذي حصل على 34 في المئة من أصوات الناخبين. وأصبحت زعيمة "حزب سيوموت"، أليكا هاموند، التي تبلغ السابعة والأربعين من العمر والتي نشأت في قرية صيد أسماك نائية أول رئيسة للوزراء في غرينلاند. الحزبان الرئيسيان كانا بصورة عامة من أنصار عمليات الحفر، غير أن السيدة هاموند قالت إنها سترفع الحظر على استخراج اليورانيوم ما يسهل الوصول الى معادن الأرض النادرة البالغة القيمة. كما أنها اقترحت أن تدفع شركات التعدين عوائد أكبر، وقد قوبل ذلك بشكل جيد في صفوف الناخبين الذين شعر العديد منهم بأن الحكومة السابقة تصرفت بسخاء كبير مع الشركات الأجنبية التواقة الى استثمار موارد البلاد.

وإذا مضت خطط هاموند قدماً وتمكنت غرينلاند من تسريع عمليات استخراج المعادن النادرة فقد تتمكن من إحداث هزة في أسواق المعادن القيمة. وتهيمن الصين في الوقت الراهن على إمدادات معادن الأرض النادرة وكانت قيدت في السنوات الأخيرة صادراتها من تلك المعادن بحجة مخاوف بيئية.

يذكر أن استخراج المعادن عملية قذرة وخطرة وتتردد روايات حول حوادث تسمم بسببها، ولكن البعض ينسب إلى بواعث خارجية قرار الصين بخفض تلك الصادرات: إن قدرة الصين على التحكم بإمدادات المواد العالية القيمة تمكنها أيضاً من التحكم باستخدامها في المنتجات الخاصة بتلك المواد، وربما يساعدها ذلك في استراتيجيتها الأوسع الرامية إلى الانتقال من التصنيع المتدني إلى التصنيع الرفيع. وإذا أصبحت غرينلاند مصدراً كبيراً لتوريد المواد ذاتها ستضعف قبضة الصين في السوق وقد تهبط الأسعار في شتى أنحاء العالم- لذلك فإن السياسة القطبية قد تهم أكثر من سكان غرينلاند الذين يعدون 75 ألف نسمة فقط!