لا أحد في العالم شغل بال الإعلاميين والسياسيين وسُلِّطت عليه الأضواء مثل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فهو رجل عام 2012 وكل الأعوام، من يوم أن أصبح رئيساً للوزراء عام 2005 إلى هذه اللحظة، في إثارة المشاكل وافتعال الأزمات مع الآخرين دون أن يحسب الحساب لعواقبها الوخيمة ونتائجها المدمرة على مستقبل البلاد والعباد.
المهم للمالكي أن يشغل الناس بقضية ويجذب أنظارهم إلى ملاحمه الوهمية وسياساته الفاشلة وإظهار نفسه كبطل شامل وكامل "من مجاميعه"، يجمع كل البطولات في شخصه، فهو لا يكتفي بأن يكون بطلاً وطنياً لا يساوم ولا يهادن على الثوابت الوطنية ولا يفرط في شبر واحد من أرض الوطن، بل يحاول أن يكون بطلاً قومياً أيضاً من خلال حشد القوات وتجييش الجيوش ضد الأكراد الطامعين في الأراضي العربية رافعاً شعار العروبة الخالد!وكذلك يحاول أن يصبح بطلاً طائفياً يمهد لخروج الإمام المهدي صاحب الزمان من خلال إثارة الفتن والدسائس الطائفية وتعميق الأزمات في العراق والمنطقة، فالكوارث والحروب والخراب المستعجل تمهد لخروج المهدي، وبدون هذه الفتن والمصائب لا يمكن ظهور القائم، ولكن عندما يظهر أول ما يفعل يبدأ بقتل الأكراد، وليس كل الأكراد، بل أكراد العراق حصراً على حد قول خطيب جامع "البراثا" الشيخ جلال الدين الصغير.فلا عجب بعد أن يحاول المالكي وهو زعيم شيعي لا يشق له غبار - وقد وصفه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مرة بأن المالكي يريد أن ينشر التشيع في العراق- أن يخلق المشاكل ويؤزّم الأوضاع من أجل التعجيل بظهور القائم، وإلا فما معنى هذه المشاكل الكثيرة التي يفتعلها بحيث لا يمر يوم دون أن يقوم بشيء يعكر المزاج العام العراقي ويرفع من حالة التوتر بصورة مطردة، ويفعل كل ذلك عن سابق عمد وتصميم، من أجل الحصول على مكسب سياسي أو بهدف التغطية على فشله الإداري والخدمي!يفعل المالكي كل ذلك بدلاً من أن يتجه إلى الإصلاح والتنمية وتطوير المؤسسات الحكومية وإشراك الفرقاء السياسيين في الحكم ونبذ النزعة الدكتاتورية التي بدأت تتشكل عنده شيئاً فشيئا حتى أصبحت تهدد وحدة العراق واستقراره، لم يترك أحداً أو جهة دون أن يدخل معها في مشاحنات وصراعات بيزنطية لا طائل من ورائها، تارة مع الصدريين وزعيمهم الشيعي مقتدى الصدر، وتارة مع نائب رئيس الجمهورية السنّي طارق الهاشمي الذي يتهمه بالإرهاب ثم يصدر بحقه خمسة أحكام بالإعدام "إعداماً ينطح إعداماً"، وتارة أخرى "يفركش" حلفه الاستراتيجي القديم مع الأكراد ويحشد قواته "الميليشياوية" بهدف اجتياح مدنهم من دون أي داع لذلك.فقط يفعل ذلك لإشباع رغباته والتغطية على إخفاقاته المتواصلة، وأخيراً وليس آخراً وعلى حين غرة، اختلاقه أزمة مع وزير المالية رافع العيساوي عبر اعتقال حراسه وحمايته كمرحلة أولى تسبق إلقاء القبض على العيساوي نفسه، ومن ثم البدء بعد ذلك بمحاكمتهم بتهمة الإرهاب وإصدار حكم الإعدام الجاهز بحقهم كما فعلوا مع الهاشمي.لكن يشاء ربك أن يقوم الشعب العراقي الأبيّ بإظهار غضبه وامتعاضه من ألاعيب المالكي الصبيانية وأزماته التي لا تنتهي من خلال احتجاجات وتظاهرات عارمة نادت بأعلى صوتها أن "الشعب يريد إسقاط النظام" إيذاناً بقدوم الربيع العراقي الذي لاحت بشائره.* كاتب عراقي
مقالات
هل أطل الربيع العراقي؟
05-01-2013