إن كانت سنة 1938 هي سنة المجلس، فسنة 2012 هي سنة المجالس، مجلسان بنظامين انتخابيين مختلفين تصدرا أحداث هذه السنة، ولكنهما تشابها في أفعالهما الإقصائية ومطالبات نوابهما القمعية وإن اختلفت الوجهة.
إن كان «المجلس المبطل» ضيّق على الحريات الدينية والفردية، فإن «مجلس الصوت الواحد» لم يكن أقل سوءاً من ناحية الحريات، فنواب من المفترض أنهم يمثلون الأمّة، وأن المواطنين وحرياتهم هي همهم الأول والأخير، نجدهم يسعون إلى زيادة فترة الحبس الاحتياطي، وزيادة عدد سنوات السجن لمن يمس الذات الأميرية ووضع تشريعات خاصة لمن يخرج بمظاهرات تقطع السير لمدة تصل إلى 15 عاماً، فهو ليس إلا مجلسا صوريا يحمل قناع الديمقراطية ووجه دكتاتور كلاسيكي ممن تمتلئ صفحات تاريخنا بصورهم وأسمائهم.إن اختلاف هذه المجالس واتفاقها على قمع الآخرين ترسل لنا رسالة واضحة المعالم أن العلة تكمن في ثقافتنا وأسلوب حياتنا اليومي، نريد أن تصل آراؤنا- وهذا حق مشروع- وأن نقمع أي رأي آخر، وهذا ليس بحق وليس بمشروع!حتى في جلساتنا الأسرية، بـ«كشتاتنا» في هذه الأجواء الباردة، نتعصب لما نقول من معلومات وملاحظات وسرعان ما تصعد نبرة التحدي و«تراهن؟» و«أنت ما تفهم»، ففي أحسن الأحوال نسينا كيف نتحاور بسبب البيئة التي تحيط بنا، فأصبحنا ألسناً بلا آذان، وأيادي تبطش لا عقولاً تتحاور، وبعد كل هذا نتساءل: ما سبب زيادة موجة الجرائم؟! لا أعلم هل قانون من ينتقد المجلس ساري المفعول أم لا؟ وهل أنا أرتكب جريمة بمفهوم «نواب سنة أولى»؟ ولكن الذي أعلمه أن من يريد ويسعى أن يكون فوق النقد، فهو يريد أن يخفي عيوبه الجلية التي لا تخطئها الأعين.نهاية أن التطور الديمقراطي سيحملنا معه عاجلاً أم آجلاً، والعاقل من تبناه وسانده بطلاً، قبل أن يصبح مجبراً.
مقالات
«طلقها وإخذ أختها»
19-01-2013