كل العوامل اللازمة للتنمية في دولة الكويت متوافرة (فوائض مادية، أمن، خطط، أيد عاملة) إلا أنه من الواضح أن تأثير الاستقرار السياسي الذي ألقى بظلاله أوقف قطار التنمية؛ لذا من الضروري إيجاد مخرج لتلك الأزمة دون المساس والتنازل عن دولة القانون والدستور.
غياب مبادرة الإصلاح من قبل أطراف النزاع معارضة وحكومة ومجلساً حتى هذه اللحظة ما هو إلا دليل فشل على مواكبة التطور الديمقراطي، فكل الأطراف عجزت عن إيجاد حل متكامل يمكن أن يعول عليه كنقطة التقاء، فكل ما طُرح لا يعدو عن أنه تصريحات صحافية وتغريدات شخصية لا تتناسب وحالة الاحتقان التي نعيشها.هذه التصرفات الفردية بين نواب سابقين وحاليين وأعضاء في الحكومة الحالية توضح ضحالة الثقافة الديمقراطية التي لا تضيف شيئاً إلى أصل الخلاف، فما نراه لا يتعدى "لعب عيال"، واللغة الحاضرة ما زالت تستمد نفسها من ثدي التعصب الطائفي والطبقي والقبلي الأعمى.هذا النفس البغيض إن لم يتغير نحو تعزيز روح المواطنة واحترام القانون فلن نجني منه إلا الدمار، فزوال الدول والمجتمعات يبدأ من صغائر الفتن ومن هكذا عقول.ما ذهب إليه هربرت سبنسر الفيلسوف البريطاني مؤلف كتاب "الرجل ضد الدولة"، وصاحب مصطلح "البقاء للأصلح" الذي لو كان كويتياً لما قال ما قاله، ولتبنّى فكرة "حرق الأصلح"، حتى لو كان الأصلح فكرة لا فرداً. نقاشنا اليوم تعدى القيم والفكر، وارتمى في أحضان الفجور بالخصومة، فلم يعد المثقف يقود الشارع بعد أن سلم أمره لحساب مجهول الهوية.من يحاول أن يساوي بين حراك اليوم وحراك "ديوانيات الاثنين" لا يفهم في السياسة، حيث وضوح الهدف والرؤية، أما اليوم فكل مجموعة تنادي بأهداف غير الأخرى؛ فمرّة المطالبة بإلغاء مرسوم الصوت الواحد، ومرّة بإمارة دستورية، ومرّة بدستور جديد! "كلها محل خلاف شعبي ودستوري".هذا التخبط أضعف الحراك الشعبي وصعّب عليه الطريق، فمن يناد بتطبيق القانون تجده أول من يكسره، وإن بقيت الحال على ما هي عليه فلن نخرج من هذه الدوامة، فالأمر يحتاج إلى الجلوس على طاولة الحوار وتقديم المصلحة الوطنية على ما سواها من المصالح. تعليق "للأسف الشديد ردود فعل البعض من المجلس المبطل والحالي أتعس من أن يقال عنها انتصار للقانون والدستور".التعبير الشعبي بإجراء المسيرات كوسيلة مشروعٌ ومحمودٌ شرط أن يتم تنظيمه مع الجهات المختصة لكي لا تخرج تلك المسيرات عن أهدافها التي أجريت من أجلها كما حدث في المسيرة الأخيرة بمنطقة العارضية عندما عطل مجموعة من المراهقين حركة السير دون أدنى مسؤولية.سياسة العناد والإقصاء مستمرة للأسف الشديد في نفوس بعض ممثلي المجلس الحالي، كما هو في المجالس السابقة، وهذا النوع من السياسة لا ينهض ببلد ولن يمكّن الوطن من تحقيق مبادئ العدل والمساواة التي نص عليها الدستور. ودمتم سالمين.
مقالات
نهضة دولة
25-01-2013