«ياهو» تقترب من قلوب شباب الإنترنت بصفقة «تامبلر»
تراهن الرئيسة التنفيذية لياهو، ماريسا ماير، من خلال استحواذها على «تامبلر» مقابل 1.1 مليار دولار، على أنها ستعمل بصورة أفضل من نيوز كورب أو أميركا أون لاين، من حيث دمج شبكة اجتماعية جديدة وسريعة النمو ضمن شركة الوسائط الإعلامية التقليدية.وتراهن ماير أيضاً على أنها ستتمكن بمثل هذه الصفقات من التحرر من تاريخ ياهو الذي يغلب عليه الفتور. واعترفت ماير بذلك وهي تكتب على موقعها على شبكة تامبلر بالأمس: «نحن نعد بعدم إفساد هذا الأمر». وقارنت ياهو شراءها لتامبلر باستحواذ «فيسبوك» على «انستغرام» في العام الماضي، واستحواذ «غوغل» على يوتيوب عام 2005.
مناجم جديدة للذهبوخلافا لـ«فيسبوك» و«غوغل»، لم تحرز أميركا أون لاين القدر نفسه من النجاح عندما استحوذت على بيبو مقابل 850 مليون دولار عام 2008، أو عندما استحوذت نيوز كورب على ماي سبيس مقابل 580 مليون دولار عام 2007. واعتبرت هذه الصفقات حينئذ، مناجم جديدة للذهب لكل من المساهمين والمؤسسين، لكن ظهر في ما بعد أن ذلك كان كارثة على شركات الإعلام، وبيعت كل منهما خلال سنوات قليلة بجزء من الثمن الذي دفع فيهما.وبالنسبة لياهو، كما هو بالنسبة لأميركا أون لاين ونيوز كورب، كانت صفقة تامبلر مدفوعة بالرغبة في الاستفادة من العدد الأكبر من المستخدمين الأكثر حيوية وشباباً على الشبكة. وقال جيم بريجدين، كبير الإداريين التجاريين وشؤون العملاء في «آي بروسبيكت»، وهي وكالة تسويق رقمية، إن ياهو «دفعت ثمناً عالياً لتظهر بمظهر الجيل الرائع».وقال مصدر لـ»فاينانشيال تايمز»، إن بعض المساهمين الأوائل الذين استثمروا في تامبلر منذ عام 2007، من أمثال يونيون سكوير فنتشرز وبيتاويركس، يرون أن الدمج سيضاعف لهم العوائد مئة مرة. وأضاف المصدر أن من المتوقع أن تصل العائدات السنوية لتامبلر (عند احتسابها على أساس العوائد السابقة) إلى 100 مليون دولار بحلول نهاية هذه السنة، لكنها تحتاج إلى شراكة مع شركة إنترنت أكبر للوصول إلى هذا المستوى.وفي الأسابيع الأخيرة تحولت المحادثات بين تامبلر وياهو حول الشراكة بينهما إلى مناقشات حول عملية شراء كاملة.وفي وقت أصبحت فيه ياهو تعاني انخفاض إيراداتها من الإعلانات على صفحاتها، رغم محاولات ماير إعادة الحيوية إلى صفحتها الرئيسية وبريدها الإلكتروني ومنتجاتها الأخرى، قال بريجدين: «لاتزال ياهو تكافح كي تكون أكثر قرباً لقلب الإنترنت الشاب. ياهو بحاجة ماسة إلى المستخدمين الأساسيين في تامبلر، وتامبلر وجدت نفسها في وضع تحتاج فيه إما إلى زيادة إيراداتها، وإما إيجاد مخرج لها من مشاكلها».وفي مقابلة مع «فاينانشيال تايمز»، أشارت ماير إلى خبرة يوتيوب مع غوغل، الشركة التي عملت معها سابقاً، كمثال على مستحوذ «يحترم المجتمع» الذي تم الاستحواذ عليه، من خلال الإبقاء على استقلاله، تماماً كما وعدت ياهو أن تفعل مع تامبلر. وتضيف: «هذه شركات ناجحة بالفعل، وتجري فيها أشياء عظيمة، وآخر شيء تريد أن تعمله هو أن تقلب عربة التفاح التي تقودها». صفقات الوسائط الإعلاميةوقالت إن إبقاء ديفيد كارب، المؤسس المشارك لتامبلر، للعمل مع ياهو، سيكون أمراً مركزياً بالنسبة لهذه العملية: «أنا لا أعرف مجتمع تامبلر، ونريد من ديفيد أن يستخدم معرفته وخبرته لبناء المنتج الذي أرادوا بناءه». واعترفت ماير بأن سجل ياهو نفسها في التعامل مع صفقات الوسائط الإعلامية لم يكن موفقاً تحت الإدارة السابقة. وقالت: «كانت لدى ياهو في الماضي مشاكل في التنفيذ في المواقع الاجتماعية ومواقع النشر».ومن خلال صفقات في 2005، بما في ذلك «فليكر» لمشاركة الصور، وموقع «ديليشاس» الاجتماعي المتخصص في مشاركة عناوين الإنترنت، وموقع «أبكامينغ» لمواعيد المناسبات والأحداث، استحوذت ياهو على كثير من مكونات «فيسبوك»، لكنها فشلت في استثمارها. وأصيبت فليكر بالركود، بعد أن فوتت التحول الضخم إلى المشاركة بالصور من خلال تطبيقات الهواتف الذكية التي أدت إلى نشوء إنستغرام، بينما تم بيع ديليشاس وأغلقت ياهو أبكامينغ الشهر الماضي.وقال روبين جرانت، مدير «وي آر سوشيال»، وهي وكالة تسويق: «يوجد هنا بعض أمثلة التوازي اللافتة للنظر، لأن فليكر كانت شركة إعلام ناشئة وناجحة بصورة مذهلة ولديها قاعدة واسعة من المستخدمين والمتعاطفين. لم تكن المسألة أنهم أخفقوا، لكنهم لم يقوموا فعلاً بعمل شيء حيال ذلك». وأضاف «صعدت الشركة إلى الحلبة وبقيت ساكنة».وتقول ماير إن ياهو ستتعلم من أخطائها. وتضيف: «يجب أن تستمر كل منتجات الشبكة بالتطور، ويجب أن يكون ذلك التطور منسجماً مع قيم المجتمع الجوهرية. حين تحاول تغيير المقدمة الأساسية للمستخدم فلابد من أن تواجه المشاكل. سنكون على دراية تامة بأية أسئلة متعلقة بهذا الموضوع». ويقول جون بورثويك من «بيتا ويركس»، وهو أحد المساهمين في تامبلر، إن ماير «متحمسة لتحويل ياهو إلى نوع آخر من الشركات»، وانها تعتقد أن هذه الصفقة ستجعل ياهو مهمة مرة أخرى بالنسبة لجمهور جديد على الإنترنت. ويضيف: «إذا اندمجت تامبلر وأذيبت في ياهو فسيكون ذلك كارثة، لأن ماريسا اشترت تامبلر لأسباب مخالفة لذلك تماماً».ويتابع: «يعاني الجوهر الأساسي لأعمال ياهو من تضاؤل موجوداته، وتعمل هذه الصفقة على تغيير ذلك بين عشية وضحاها (...)، وإذا استطاعت أن تجعل ديفيد منخرطاً في إنشاء ذلك، يمكن أن يصبح هذا رصيداً ذا قيمة عالية جداً، تماماً مثل وضع يوتيوب بالنسبة إلى غوغل».عملاق تكنولوجيوحتى في الوقت الذي يجني فيه كارب مبلغاً ضخماً يصل إلى 200 مليون دولار مقابل حصته التي تقدر بـ20 في المئة، فإن تعليقاً كتبه أندي بايو، مؤسس أبكامينغ، على مدونته في الشهر الماضي ربما يجعل كارب أكثر انتباهاً وأقرب إلى الواقع. كتب بايو: «بدت ياهو كأنها البيت المثالي لأبكامينغ- وعدت ياهو بتوفير موارد لتنمية مجتمعها، وتوقعنا أن نعمل مع أفضل موظفينا من خلال عملاق تكنولوجي يبشر بالخير. لكننا ندرك الآن أن بيع أبكامينغ لياهو كان خطأً مريعاً».وأضاف: «حين تبيع شركتك فإن هذا يعني دائماً التضحية بالسيطرة عليها وتعريض مصيرها للخطر، ونحن نعرف الآن أن مجتمعات الإنترنت تفشل دائماً تقريباً بعد الاستحواذ عليها». وبالأمس قال كارب لـ»فاينانشيال تايمز»: «ليس لديّ توقعات. الأمر المؤكد أن بيعاً لن يتم في هذه السنة. هذا شيء ثمين جداً بالنسبة لي، أتوقع من هذه الشركة أن تبقيني موظفاً لديها لمدة 30 سنة من الآن. لن يتغير ذلك أبداً».* (فايننشال تايمز)