«ائتلاف المعارضة» والصوت الوطني الجامع

نشر في 11-03-2013
آخر تحديث 11-03-2013 | 00:01
إن العمل السياسي لدينا غير منظم ويغلب عليه الطابع الفردي والطموحات الشخصية، لهذا تغيب الأسس الموضوعية للنقد والنقد الذاتي باعتبارهما عمليتين ضروريتين للغاية في أي عمل سياسي مؤسسي، فتأخذ الخلافات السياسية طابع الهجوم الشخصي وليس الخلاف الراقي حول الأفكار والبرامج والرؤى والأشخاص.
 د. بدر الديحاني رفض الوضع الحالي السيئ والمطالبة بإصلاحات سياسية وديمقراطية جذرية هما الأساس الذي يجمع المكونات المختلفة للحراك السياسي الوطني، حيث تشكّل هذه المكونات المتنوعة اصطفافاً سياسياً وشعبياً واسعاً رغم اختلاف مرجعياتها الفكرية والسياسية والاجتماعية.

 وإذا ما أخذنا في الاعتبار غياب العمل السياسي المنظم وعدم وجود ساسة محترفين لديهم خبرة طويلة في تنظيم التحالفات السياسية الواسعة وإدارتها من جهة، وتداخل الاعتبارات الانتخابية والنزعات الفردية مع الاعتبارات السياسية من جهة أخرى فإن عملية التنسيق بين جميع عناصر الاصطفاف السياسي المتنوع والواسع وأطرافها تصبح عملية معقدة وشاقة للغاية.

وفي السياق ذاته فإنه من الطبيعي جداً أن تختلف بعض عناصر وأطراف الاصطفاف السياسي حول بعض التفاصيل الجزئية المتعلقة بأساليب العمل وآلياته وطرقه، وهو أمر صحي ومطلوب  بشرط ألا تُضخّم الخلافات الثانوية أو الجانبية فتصبح وكأنها خلافات جوهرية يترتب عليها فشل الاصطفاف السياسي العام، وبالتالي عدم الوصول إلى الهدف أو الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، وهو الأمر الذي لا يخدم سوى قوى الفساد والقوى المعادية للنهج الدستوري الديمقراطي.

ومن المعروف أنه كلما احتدم الصراعان الاجتماعي والسياسي في المجتمع اختلفت المواقف السياسية وتباينت، وهو الأمر الذي يفسر عملية الانشقاقات التي تحصل داخل الأحزاب أو الجبهات أو الائتلافات السياسية. أما لدينا فإن الوضع أكثر تعقيداً، إذ إن العمل السياسي غير منظم ويغلب عليه الطابع الفردي والطموحات الشخصية، لهذا تغيب الأسس الموضوعية للنقد والنقد الذاتي باعتبارهما عمليتين ضروريتين للغاية في أي عمل سياسي مؤسسي، فتأخذ الخلافات السياسية لدينا طابع الهجوم الشخصي وليس الخلاف الراقي حول الأفكار والبرامج والرؤى والأشخاص.

على هذا الأساس فإن مسؤولية تنظيم الاصطفاف السياسي المعارض وهيكلة العمل السياسي وترشيده تقع الآن على عاتق "ائتلاف المعارضة" الذي لا يزال في طور التشكل، وهو الأمر الذي يتطلب، ضمن أمور أخرى بالطبع، أن يكون خطابه السياسي خطابا وطنيا جامعا لا يثير النعرات الطائفية أو الفئوية والعنصرية، ويحظى بالتفاف شعبي واسع، حيث إن الصوت الوطني الجامع هو وحده الصوت القادر على حماية النسيج الاجتماعي والنهوض بالمجتمع، وتوحيد الصفوف من أجل استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية التي كان يفترض أن يتم البدء بعملية استكمالها بعد خمسة أعوام من بداية العهد الدستوري كما ينص الدستور، لكن للأسف، لما تستكمل بعد بل بالعكس جرت محاولات عديدة للتراجع عنها، وهذا هو سبب الأزمة السياسية المستمرة.

back to top