كلنا لاجئ!

نشر في 25-06-2013
آخر تحديث 25-06-2013 | 00:01
 طالب الرفاعي 20 يونيو، هو يوم اللاجئ العالمي، أو اليوم العالمي للاجئين، وإذا تكلمت عن هموم جيلي، فقد فتحنا أعيننا على نكسة يونيو 1967، ووجع ومأساة الوطن السليب، والقضية الفلسطينية واللاجئين، وحلم عودتهم إلى ديارهم حاملين المفاتيح التي يحتفظون بها لبيوت هُجّروا منها عنوة، أو تركوها هاربين من بطش اليهود المحتلين.

وظلت لعقود قصيدة الشاعر محمود درويش: "سجل أنا عربي، ورقم بطاقتي خمسون ألفا، وأطفالي ثمانية، وتاسعهم سيأتي بعد صيف، فهل تغضب" ظلت هذه القصيدة وقصائد كثيرة وقصص وروايات ومسرحيات وأفلام ومعارض تشكيلية، وخطابات الزعماء العرب والمسؤولين الحزبيين وتحقيقات الصحف المجلات، وقبل هذا وبعده، أحاديث أبناء الوطن العربي، أينما كانوا، حين يجتمعون حول فنجان قهوة أو كأس شاي، ظل كل هذا مقترناً باللاجئ الفلسطيني، وليس أي لاجئ آخر.

دارت الحياة دورتها، وظلت أرقام اللاجئ الفلسطيني في ازدياد، ولم يرجع ساكن الخيمة والمخيم إلى فلسطين، لكن أنظمة البطش العربية ودكتاتورية زعمائها الطغاة، بدأت بتهجير مئات الألوف من اللاجئين العرب، ومع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، بدأ اللاجئ العربي يقابلك في كل زاوية من زوايا المعمورة. لاجئون عرب افترشوا أرصفة أوروبا ودول أوروبا الشرقية ووصلوا إلى أميركا واستراليا والهند وأميركا اللاتينية.

دارت الحياة دورتها، وصرنا نحن العرب، نقف أمام لاجئ فلسطيني، وآخر عراقي، وآخر يمني، ولبناني، وسوري وليبي. لاجئون فروا من ديارهم الغالية لأنها ما عادت تحتمل صدقهم أو معارضتهم، وما عادت تسمح لهم بمجرد الحلم بوطن أجمل. كان على البعض أن يختار بين الموت والموت. الموت تحت ماكينة الجلاد أو الموت هرباً إلى منفى لا يعرف عنه شيئاً إلا كونه منفى!

تكدس اللاجئون العرب، شعراء وروائيون وصحافيون وإعلاميون وأطباء ومهندسون ومحامون وأناس بسطاء، تكدسوا في زوايا المهجر، وكلهم ينتظر بخفق قلبه زوال الحاكم الدكتاتور القاتل ليعود إلى بيته وحيه وأهله ووطنه. تكدس اللاجئون العرب، وبانتظار ساعة العودة، استقروا، بحكم قانون الحياة والبشر، وتزوجوا وجاء عيالهم في الغربة، وتحركت ألسنتهم برطانة العربية وهي تُنطق مخلوطة بلغات شتى. ومرت السنوات والعقود، ولعبت التجاعيد بوجوههم وراحت سحب البعد تنسج شباكا بيضاء لتغطي حلم العودة في قلوبهم.

اللاجئون العرب اليوم أكثر منهم في أي وقت! وأرقام اللاجئين العرب إلى ازدياد مضطرب، فما عادت كلمة لاجئ تخصّ الفلسطيني، بل لا أكاد أبالغ إذا ما قلت انها صارت تنطبق على العربي!

نعم أصبح العربي لاجئا في كل مكان، فحين يفتح عينيه على الفقر والخوف والرعب  والمستقبل الغامض فليس له إلا أن يفكر بالخروج من وطنه، ولو أتيحت الفرصة وسنحت الظروف لأبناء الشعوب العربية للهجرة، لهاجر من الأوطان العربية أكثر شعوبها!

20 يونيو، يوم اللاجئ العالمي، هو يومنا نحن الشعوب العربية باقتدار، أمسنا ويومنا الراهن ومستقبلنا. وطننا العربي الذي نتغنى به "من المحيط إلى الخليج" يعيش انقسامات وعنفاً واضطراباً وأنهار دم، ليس ما يؤمل من ورائها. وليس من رخاء يلوح بعدها. وكل ما في أوطاننا، يدعو ويدفع الى الهجرة!

صحيح أن أوطاننا العربية تعيش "ربيع" ثوراتها، وصحيح أن الثورات مخاض وولادة، ولكن الصحيح أيضا أن المكتوب يُقرأ من عنوانه، وأن العنوان يقول بشكل واضح ليس من ثمر لهذا الربيع قريب، وأن الثمر المتساقط من شجرة هذا الربيع مخضب بالدم!

عشت عمري متفائلاً أراهن على الغد بوصفه أجمل الأيام، ولكن حتى المنذورين للمغامرة، لن يكونوا متفائلين بما يحدث في الوطن العربي! وإن هم تفاءلوا وسأكون معهم، فلن يكون ذلك إلا من باب التمني!

back to top