مصر تلك الأمة والموقع والدور والتاريخ والدولة، تنزلق اليوم بفعل فاعل نحو هاوية سحيقة، تدفعها إليها أياد غير بريئة نتمنى أن يتكاتف الجميع لقطعها ووقاية قلب العالم العربي من خطر داهم.

Ad

ما يحدث في مصر تخطى الحديث عن ثورة وتغيير تم تحقيق معظمه أو ما يمكن تحقيقه منهُ في بلد له ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، ولهُ أيضاً تأثيرات تراثية وعقائدية عميقة، وأضحى ما تعيشه مصر أشبه بحالة فوضوية تتقاطع مع مؤامرة كبيرة شاخصة للعيان في اختيار جزيرة سيناء مسرحاً مهماً لأحداثها المسلحة.

والأمم في هذه المرحلة من الخطر تعول على رجال قرار أشداء ذوي حزم وإقدام، وهذا ما تنتظره مصر وأغلبية العرب المخلصين من خلفها.

مصر دولة ضاربة في التاريخ موحدة منذ آلاف السنين، لم تشهد منذ زمن بعيد جداً أي حركات انفصالية، ولا يوجد على الإقليم المصري خطوط وهمية أو فعلية لتقسيمات عرقية أو طائفية أو مناطقية، باستثناء حركة النوبة المشبوهة والمستحدثة عبر إحدى العواصم الأوروبية، كل ذلك يجعل ما يحدث في مصر يتعدى الحركة الثورية إلى الفوضوية التي يجب أن تحسم أمنياً وعسكرياً بعد أن طويت صفحة حكم الرئيس المخلوع محمد مرسي رغم أننا اختلفنا في الأسلوب، ولكن الواقع اليوم على الأرض يقول إن مصالح الأمة وأمنها القومي في خطر، ومرسي وجماعته لم يتم إقصاؤهم نهائياً، بل إن الانتخابات بمختلف درجاتها البرلمانية والشورى والرئاسية ستكون ماثلة للجميع بعد 6 أشهر.

ما تريده مصر اليوم هو علاج أمني بعد أن وجد العلاج السياسي عبر تحديد آلية لصياغة دستور متوازن وعصري وعادل لكافة شرائح وطوائف المجتمع المصري، والعلاج الأمني يجب أن يكون حاسماً، ولا يلتفت إلى أوروبا وأميركا التي تلعب مع مصر لعبة خطرة لجرها إلى الفوضى، وليتذكر كيف تعاملت أوروبا وبالتحديد فرنسا مع الحركات الفوضوية في ستينيات القرن الماضي، وأخيراً تمرد المهاجرين في الضواحي الباريسية من حزم ورصاص حي، وكيف تعامل الحرس الوطني الأميركي مع أحداث حكم كينج في مدينة لوس أنجلس من حظر تجول وإطلاق الرصاص على كل من يخرقه، وأخيراً أحداث ميدان تقسيم في إسطنبول في تركيا.

التهاون في مصر وترك مدينة القاهرة الكبرى بملايينها والحواضر المصرية الأخرى تغرق في رمل الفوضى المتحركة أمر بالغ الخطورة، والتجرؤ على الجيش المصري عن طريق القضم المتوالي لهيبته سيكون ذا أثر مدمر يهدد مصر، فسقوطها لا سمح الله يعني نهاية العالم العربي واندثاره، لذلك ندعو الجيش المصري إلى الحزم قبل أن يصيب مصر ما لا نتمناه، ونطلب من دول مجلس التعاون الخليجي تقديم كل الدعم السياسي والاقتصادي المتاح إلى القاهرة قبل فوات الأوان.

***

يردد البعض بعد ثورة 30 يونيو في مصر أن العالم لن يسمح بنظام إسلامي أن يحكم، لكن هذا الكلام غير دقيق وغير صادق، فالحكم بمرجعية إسلامية – سياسية موجود في السودان منذ ثمانينيات القرن الماضي وأدى إلى تقسيم السودان، كما حكمت حركة طالبان الإسلامية المتشددة في أفغانستان سنوات طويلة قبل أن تسقطها الولايات المتحدة بسبب أحداث 11 سبتمبر 2001، وإيران تُحكَم بالملالي منذ أكثر من ثلاثة عقود، كما توالت حكومات إسلامية عديدة على حكم باكستان التي تعيش أزمات اقتصادية وسياسية متتالية، أما النموذج الأبرز للحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة فإنه قائم منذ ما يقارب القرن في المملكة العربية السعودية.