تركيا وقطر تستعيدان «رأس جسر» في سورية ولبنان بعد صفقة أعزاز
نجحت القيادتان القطرية والتركية من خلال الوساطة التي تولتاها لإطلاق المخطوفين اللبنانيين في أعزاز بسورية في بناء رأس جسر للعودة الى التأثير في الملفين اللبناني والسوري، بعدما كانت التطورات السياسية والميدانية في كل من سورية ومصر خلال الأشهر القليلة الماضية أدت الى إبعاد أنقرة والدوحة عن القرار في مسارات "الربيع العربي".وفي رأي جهات سياسية ودبلوماسية لبنانية وأجنبية في بيروت فإن قطر وتركيا استفادتا من عملية خلط الأوراق التي رافقت الاتفاق الأميركي - الروسي في شأن ملف السلاح الكيماوي السوري والمواقف الخليجية المتحفظة على الظروف التي سمحت لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بالتقاط بعض من أنفاسه السياسية والعسكرية ولو بشكل مؤقت، من أجل السعي للعودة الى طاولة اللاعبين المؤثرين في تطورات الوضعين اللبناني والسوري.
وتلفت هذه الجهات الى أن تفرد المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بالملف المصري من خلال تغطية إطاحة الجيش المصري بنظام الإخوان المسلمين في مصر الذي كان يحظى بدعم تركي - قطري، انعكس خروجا قطريا تركيا من المعادلتين اللبنانية – السورية، وإضعافا مرحليا للازدواجية الإقليمية في إدارة التطورات الميدانية المتعلقة بمسارات الوضعين اللبناني والسوري. غير أن دخول أنقرة والدوحة على خط ملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز سمح لهاتين الدولتين بفتح ثغرة في الملفين اللبناني والسوري على حساب النفوذ السعودي والخليجي.وتوضح الجهات السياسية والدبلوماسية اللبنانية والأجنبية المطلعة في بيروت أن قطر التي كانت حتى الأمس القريب على علاقة متمايزة عن علاقة المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الأخرى بكل من النظام السوري وحزب الله من خلال الخطوط المفتوحة معهما الى حدود التحالف في بعض الأحيان، عادت لتستغل ملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز لفتح قنوات اتصال أدت الى استعادة بعض من الثقة المفقودة مع كل من نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات إيجابية على العلاقة مع القيادة الإيرانية في طهران. وعلى الخط التركي، التقط رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أنفاسه السورية بعدما وجد نفسه نتيجة للتطورات في مصر وللدخول القوي للمملكة العربية السعودية على الخط، وللاتفاق الروسي - الأميركي في شأن السلاح الكيماوي السوري، خارج القدرة على التأثير في مسار اللعبة الإقليمية.ولا تستبعد الجهات السياسية والدبلوماسية المراقبة في بيروت المزيد من عملية خلط الأوراق المحلية والإقليمية انطلاقا من نجاح قطر وتركيا في إنهاء ملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، بما ينعكس على موازين القوى الداخلية والإقليمية بالنسبة الى تطورات الوضعين السياسي والأمني في لبنان، والوضع الميداني في سورية.وتترقب الجهات المذكورة ما ستكون عليه ردة الفعل السعودية والخليجية على "الإنجاز" التركي - القطري لا سيما في ضوء ما ستحمله الأيام القليلة المقبلة من نتائج سياسية لهذا "الإنجاز" على أرض الواقع. فبقاء انهاء قضية المخطوفين في أعزاز في إطار ضيق من التأثير بحيث ينحصر الكسب التركي بإقفال الملف الضاغط داخليا على حكومة رجب طيب أردوغان لناحية الطيارين التركيين اللذين كانا مخطوفين في لبنان ليس من شأنه تحميل الوساطة التركية – القطرية أكثر من حجمها التقني. وبقاء المساهمة القطرية في إنهاء ملف مخطوفي أعزاز في دائرة التمايز التقليدي للدوحة عن الدول الخليجية الأخرى يسقط نظريات الرغبة القطرية في الرد في سورية ولبنان على تفرد المملكة العربية السعودية بالملف المصري.وتدعو الجهات السياسية والدبلوماسية العربية والأجنبية في لبنان الى انتظار تطورات الأيام والأسابيع القليلة المقبلة لمعرفة الخلفيات الكامنة وراء إنهاء ملف مخطوفي أعزاز، والانعكاسات السياسية لإنهاء هذا الملف على موازين القوى الداخلية في لبنان وعلى عملية تقاسم النفوذ الإقليمي بين الدول الفاعلة في موازاة الاتفاق الأميركي – الروسي الذي حمل في طياته شيئا من مؤشرات إعادة تقاسم النفوذ الدولي في الشرق الأوسط.