يأتي شهر رمضان المبارك بمثابة {نفحة إلهية} للعاملين في الوسط السينمائي في ظل الكساد الذي أصاب سوق السينما المصرية في الآونة الأخيرة، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي أحكمت قبضتها على المنتجين وضيقت الخناق عليهم، فهبطت معدلات إنتاج الأفلام بشكل غير مسبوق، كذلك الأوضاع الأمنية المتردية التي كانت سبباً في تراجع الإقبال الجماهيري على صالات العرض وضعف الإيرادات بصورة مذهلة، ما أجبر المنتجين على التوقف عن الإنتاج، والموزعين إلى تعديل خارطة العروض في الصالات، وتأجيل الدفع بأفلام جديدة إلى أجل غير مسمى!

Ad

استحكمت الأزمة بقوة، ولم تظهر في الأفق أي بوادر لانفراجها، ومن ثم أصبحت الدراما التلفزيونية الرمضانية الملجأ الأخير لكثير من الفنيين، كأطقم الإخراج والتصوير والديكور والملابس والماكياج، لكنها كانت بمثابة {طوق النجاة} لممثلين وممثلات كُثر لم يجدوا لأنفسهم مكاناً على الساحة السينمائية، نتيجة لانحسار الأضواء عنهم، مثلما هي الحال مع نجوم مثل: عادل إمام الذي فشل في إيجاد المنتج السينمائي الذي يدفع له الأجر الذي يحافظ به على نجوميته، فما كان منه سوى أن اتجه إلى الدراما التلفزيونية، وقدم في عامين متتاليين مسلسلين دراميين هما: {فرقة ناجي عطا الله} و{العراف}، وهو الذي اكتفى طوال مسيرته الفنية، التي تجاوزت النصف قرن، بثلاثة مسلسلات فقط هي: {كيف تخسر مليون جنيه} (1978)، {أحلام الفتى الطائر} (1978) و{دموع في عيون وقحة} (1980)!

أما نور الشريف فقد تجمدت علاقته بالسينما تقريباً، في أعقاب بطولة فيلمي {ليلة البيبي دول} و{مسجون ترانزيت} (2008)، وهي الحال التي تكررت مع ليلى علوي التي توارت عن الشاشة الكبيرة منذ مشاركتها في بطولة فيلم {ليلة البيبي دول} (2008)، كذلك يسرا التي اختفت بعد فيلم {بوبوس} (2009)، وهو العام نفسه الذي انسحبت فيه إلهام شاهين من الساحة السينمائية بعد بطولة فيلمي {خلطة فوزية} و{واحد صفر}، ولحق بهما حسين فهمي بعد بطولة {في لمح البصر} الذي عُرض تجارياً بعد أربع سنوات من إنتاجه وحقق إيرادات مُخيبة للغاية. لكن محمود حميدة يمثل حالة فريدة من نوعها؛ إذ تراجع ظهوره على الشاشة الكبيرة بعد بطولة فيلم {تلك الأيام} (2010)، لكنه لم يتجه إلى الدراما التلفزيونية، على رغم الإغراءات الكثيرة التي تعرض لها مذ مشاركته في بطولة مسلسل {الوسية} (1990)، ثم وافق فجأة، ومن دون إبداء الأسباب، على بطولة مسلسل {ميراث الريح} الذي يُعرض على الشاشة الصغيرة هذا العام!

على الجانب الآخر لا يمكن تجاهل فصيل من الممثلين والممثلات حجز لنفسه مكاناً سنوياً في المسلسلات الدرامية الرمضانية، لأن السينما خاصمتهم والجمهور لم يتجاوب مع تجاربهم السينمائية التي تعثرت، مثلما حدث مع: مصطفى شعبان، غادة عبد الرازق، علا غانم، فتحي عبد الوهاب، يوسف الشريف، محمود عبد المغني. بالتالي تفرغوا، بكل ما أوتوا من قوة لتعويض إخفاقاتهم السابقة على الشاشة الكبيرة، والتشبث بأهداب الشاشة الصغيرة، التي صارت تمثل الأمل الأخير بالنسبة إليهم!  

بعيداً عن هؤلاء وأولئك كانت الأزمة الطارئة الأخيرة سبباً في تواجد نجوم ونجمات لم يسبق لهم الظهور كثيراً على الشاشة الصغيرة مثل: هاني سلامة الذي يقوم ببطولة {الداعية}، ومنى زكي التي تتواجد على الشاشة الصغيرة من خلال مسلسل {آسيا}، ومنة شلبي التي تُشارك في {نيران صديقة}، وهي تجارب تمثل تحدياً كبيراً، بل اختباراً حقيقياً لجماهيريتهم التي تحققت في السينما سابقاً.

في هذا السياق يمكن القول، في مفارقة جديرة بالتنويه، إنه باستثناء أحمد مكي، عمرو واكد، خالد صالح وخالد الصاوي، أحجم النجوم الشبان الذين فتحت لهم السينما ذراعيها، وما زالت أفلامهم تحظى بإقبال جماهيري كبير؛ مثل: أحمد حلمي، محمد سعد، أحمد السقا وأحمد عز، عن التواجد على الشاشة الصغيرة، ولم يهرولوا إلى الدراما التلفزيونية الرمضانية كغيرهم، وهو ما يعني أن الأسماء التي اتجهت إلى المشاركة في المسلسلات التلفزيونية كانت مُجبرة على اتخاذ القرار تحت ضغط الأزمة الاقتصادية، وبالطبع حالة الكساد التي أدت إلى تراجع، بل انعدام فرص العمل في السينما، واقتصار الاختيارات على أسماء محدودة للغاية صارت تتكرر بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة، بسبب ثقة المنتجين في جماهيريتهم، وقدرتهم على تحقيق الإيرادات التي تُشجع على التعاون معهم من دون الدخول في مغامرات غير محمودة العواقب، ما يعني أن نجوم الدراما التلفزيونية هم: {أصحاب الفرص الضائعة}... أو المُهدرة!