أثارت القراءتان النقديتان للعمل الروائي "هولندا لا تمطر رطباً” مجموعة استفسارات تتعلق بمكونات المشهد الثقافي المحلي وأساليب النقد الحديثة.
جاء ذلك خلال استضافة الكاتب محمد السعيد والشاعر محمد صرخوه في مكتبة آفاق مساء أمس الأول، ضمن ندوة عقدتها ورشة السهروردي الفلسفية، لمناقشة رواية "هولندا لا تمطر رطباً» للكاتب علاء الجابر، بحضور عدد من الكتاب والأكاديميين.بدوره، تحدث مدير الورشة الفلسفية الكاتب محمد السعيد عن دور الملتقيات الأدبية في تقويض العبث الحاصل ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، مشدداً على ضرورة التركيز على المعنى الجمالي لمخرجات هذه المؤسسات الثقافية، لأن الجمال زاد الحياة. واعتبر السعيد أن البناء العام للرواية دفعه إلى انجاز هذه القراءة النقدية، لاسيما أن العمل يتسم ببناء الشعرية وسهولة التقديم، مبيناً أن إدراك الروح في العمل الأدبي لا يتحقق إلا من خلال تتبع اللغة الشعرية لرصد الجماليات في العمل الأدبي، مبدياً أسفه لوجود أعمال كثيرة تفتقد الروح رغم رنين كتابها.مناهج نقديةوعن المناهج النقدية، ذكر أن المعايير النقدية متداولة منذ القدم، لكن ثمة أساليب نقدية تتجدد بمسميات حديثة، كما ان الاتجاهات النقدية راهنا تتقاطع مع علم الرياضيات، مضيفا أن قراءة العمل الأدبي تعيد اكتشاف الذات لمنح القارئ أنسا مفقودا، لاسيما حينما تتلاقى الأحداث بمعطيات شخصية راسخة في الذاكرة خصوصا إن كانت التجربة صادقة.قرأ الشاعر محمد صرخوه ورقته النقدية "نافذة في رقعة الشطرنج”، وهي قراءة نقدية على القراءة التي قدمها الكاتب محمد السعيد لرواية «هولندا لا تمطر رطباً»، مشيراً إلى أن عناصر الرواية الأربعة، الحدث والشخصية والزمان والمكان، لم تعد هي المقاييس فقط في النقد الأدبي، بل ثمة من يبحث عن فضاء آخر أكثر رحابةً وأوسع صدراً تتماوج فيه أبعاد أخرى للتأويل لتستبطن فراسخ مديدة من التفاصيل، تترتب كلها كخرز مسبحة حول خيط الخيال والذاكرة والدلالة، مؤكداً أن الشعرية عملية مباغتة لمنطقية النظام.كما حدد صرخوه أسباب الربط بين خيال الكاتب وإضاءات الرؤية النقدية للكاتب محمد السعيد، وربط الحدث في الرواية بالواقع أو التاريخ، ثم التركيز على القواسم المشتركة بين ما يدور في الرواية وما حدث في التاريخ.ثم قرأ الشاعر محمد صرخوه الرؤية النقدية للكاتب محمد السعيد لرواية "هولندا لا تمطر رطبا” التي جاء فيها: «من المستوى الصوتي إلى الصرفي إلى النحوي، ومن النحوي نصعد إلى العنوان لنخرج ما كان بالقوة ليكون بالفعل، ونصل بذلك إلى الدلالة، والدلالة في الرواية هي النخلة، أما التناص فهو الحوار الذي سندخله مع النخلة، قالت النخلة: هناك علاقة حضور وهناك علاقة غياب الحضور محكوم بالعقل والمنطق وقواعد اللغة، والغياب محكوم بالخيال والـلاشعور”.إشكالية المصطلحوأثار محتوى الندوة العديد من النقاط الإشكالية، عقب فتح النقاش، وقد استغرب بعض المتداخلين استخدام بعض المصطلحات، مستفسرين عن ماهيتها، وتحدث الشاعر محمد صرخوه عن حديث المنصف حمزة حول اللغة التي يستخدمها المثقف، معتبراً أن المنهج النقدي العلمي يجب عدم تبسيطه.أما الكاتب محمد الأسعد فأكد أن القراءة النقدية للسعيد تعد نقد النقد لأنه ابتكر نصاً، مشيراً إلى صعوبة تحديد القارئ، معتبرا أن الثقافة العربية أفرزت قارئاً يتصف بحالة سكون، كما تساءلت الدكتورة ليلى السبعان عن إشكالية بعض المصطلحات السيميائية والمثقف.بدوره، ثمن الكاتب علاء الجابر دور ورشة السهروردي في تنظيم هذه الأمسية، معتبراً أن محتواها مختلف عن القراءات السابقة للرواية، كما عبرت الكاتبة سعداء الدعاس عن سعادتها لمستوى الجلسة الأدبية «التي تميزت بالقراءة الموازية التي لم نعتدها ضمن المشهد الثقافي».
توابل - مسك و عنبر
قراءتان نقديتان تثيران استفسارات بشأن مكونات المشهد الثقافي
10-04-2013