اختيار امرأة سعودية كشخصية العام لمهرجان الجنادرية السنوي هو بكل حق انجاز للمملكة العربية السعودية وللسياسة الجديدة التي تسير عليها بخطى جادة وللمرأة السعودية والخليجية. وهذه هي المرة الأولى منذ النسخة الأولى لهذه التظاهرة الثقافية الكبيرة في عام 1986 التي يختار فيها القائمون على مهرجان الجنادرية امرأة كشخصية العام، وهو ما يؤكد الدور الكبير الذي تلعبه المرأة المثقفة في الحياة الاجتماعية والثقافية في السعودية بشكل خاص وفي العالم العربي بشكل عام، ولكن من هي هذه المرأة التي تم اختيارها ليحتفي بها المهرجان؟

Ad

الدكتورة ثريا أحمد عبيد ربما هي اسم لم يكن مطروحا في الساحة العربية من قبل الا للقليل من متابعي الأنشطة الدولية لمنظمات العمل الأممي، لكنها عالميا هي اسم استحق الكثير من التقدير الدولي على الساحة الأكاديمية والأممية، بدأت حياتها التعليمية في القاهرة وابتعثت في عام 1965 للدراسة في الولايات المتحدة لتحصل على تعليمها الأكاديمي هناك حتى حصولها على الدكتوراه في الأدب الانكليزي عام 1974 من جامعة وين في ميشيغان، ديترويت. في عام ابتعاثها كانت جامعة الملك عبدالعزيز التي ابتعثتها حديثة الولادة بعيدة النظر رغم قلة المبتعثات معها في تلك الفترة.

وقبل أن يتم تعيينها عضوة في مجلس الشورى السعودي كانت الدكتورة ثريا عبيد قد أسهمت في دعم العمل الانساني في الاسكوا منذ كونها عضوة فيها ثم رئيسة لقسم التنمية الاجتماعية والسكان وأخيرا مدير قسم الدول العربية وأوروبا في صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأمم المتحدة وتكليف الأمين العام لها في 2006 رئيسا للجنة العليا لادارة مجلس تنسيق كبار تنفيذي نظام الأمم المتحدة. وجميع جوائز وأوسمة الدكتورة ثريا عبيد التي نالتها في مجال تطوير حياة المرأة في العالم ومناهضة الفقر وتحسين التعليم وفرص العمل جاءت من جهات أجنبية.

الدكتورة ثريا عبيد وكثير من الكفاءات النسائية السعودية والخليجية كافحن بصمت وعملن دون ملل أو يأس في سبيل تفوق الانسان الخليجي واثبات قدراته وكفاءته على قيادة العمل المحلي والعالمي رغم كل الصعاب التي نعرفها جميعا. وهي أيضا كحال جميع العاملين بصمت لا ينتظرون ضوءا اعلاميا يتم تسليطه على الأقل أهمية وكفاءة. والطريق الصعبة التي سارتها رحلة الدكتورة عبيد يسير عليها عدد غفير من طلبة السعودية في خطة ابتعاث مدروسة ومنهجية لصناعة العقول السعودية القادرة على التعامل مع التطور الجبار للصناعة والاقتصاد والفكر في العالم من حولنا. والميزانية الضخمة المرصودة لهذه العقول الشابة في مختلف دول العالم تدل على سياسة تضع الانسان في أول اهتمامها.

كنا في السابق ننقل خبراتنا في الكويت الى الأخوة في الخليج ونساعد على تنمية التعليم ولكن علينا اليوم أن ننظر للتجربة السعودية في التعليم بمنتهى الجدية وأن نتعلم منها اذا أردنا فعلا أن نخلق جيلا متعلما مطلعا على مشارب المعرفة التي تتغير كل يوم ويصعب مواكبتها بالطرق التعليمية القديمة التي نعرفها.

حين سمعت عن اقتراح عضو مجلس الأمة لابتعاث ستة آلاف طالب كل عام صدمت أولم نصل الى هذا الرقم بعد؟ أرجو من الأخوة في التعليم العالي أن يطلعوا على أرقام المبتعثين في المملكة العربية السعودية. اذا لم يكن من أجل مجاراة التجربة فمن أجل العلم بالشيء ليس إلا.