لا يمكن التكهن بالأحكام التي ستنطق بها المحكمة الدستورية في نظر الطعون الانتخابية المعروضة أمامها، والتي بلغت 56 طعنا، بينها 23 طعناً على مرسوم الصوت الواحد، إلا أنني على يقين قانوني بأنها ستفسر نص المادة 71 من الدستور، التي تخص سلطات سمو الأمير في اتخاذ مراسيم الضرورة، والشروط القانونية التي تتطلب تفعيل هذه المادة، وهل قانون الدوائر والانتخابات من القوانين المعصومة من التعديل في هذه الفترة أم لا؟

Ad

وبعيدا عما تنتهي إليه المحكمة الدستورية في نهاية المطاف سيكون المسلك الذي ستنتهي إليه مقنعا وسائغا، رغم أنه قد لا يكون مرضيا للجميع، لكنه بالتأكيد سيحدد مسار الحياة السياسية التي ستعيشها الكويت، سواء بعودة مجلس 2009 مجددا ليكمل ما تبقى من عمره، أو بالدعوة لانتخابات نيابية وفق نظام الأربعة أصوات، بعد إلغاء الصوت الواحد وما يترتب عليه من إلغاء المجلس الحالي، أو بالعمل باستمرار نظام الصوت الواحد واستمرار مجلسه، ما يعني رفض الطعون.

تلك هي أهم الخيارات التي قد تنتهي إليها أحكام المحكمة الدستورية، التي من المتوقع أن تصدر في منتصف مارس المقبل، والتي يتعين برأيي أن تكون مدعاة للتفاؤل المطلق من الطاعنين أو السياسيين لما سيصدر عن المحكمة بوجود نتيجة واحدة مؤداها إعادة نظام الدوائر السابق، بل يجب من الآن تقبل نتائج المعركة القانونية بالسلب أو الإيجاب لأنها المرآة العاكسة لحياتنا السياسية المقبلة التي سيكون عنوانها تصدي المحكمة الدستورية لمراسيم الضرورة بتفسير المادة 71 من الدستور، مثلما تصدت المحكمة لتفسير المادة 81 من الدستور الخاصة بتحديد الدوائر، إزاء نظرها لطعن الدوائر الذي رفضته في 25 سبتمبر الماضي.

شخصيا أرى أن المحكمة الدستورية أمامها طريقان لا ثالث لهما للفصل في مرسوم الصوت الواحد، ولكل منهما أسبابه وسوابقه القانونية والدستورية رغم رجحان أحدهما أكثر من الثاني لمنطقيته وسلامته أكثر مع أحكام الدستور.

الطريق الأول، وهو ما أرجحه، أن ينتهي قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية مرسوم الضرورة، لمخالفته نص المادة 71 من الدستور وفقدانه الشروط والأركان التي تطلبتها المادة 71، فرغم عدم وجود مجلس للأمة حسبما اشترطت المادة فإن الحدث لم يكن موجودا في الفترة التي أعقبت حل مجلس 2009، أي ما بعد 7 أكتوبر الماضي حتى 21 أكتوبر، وهي الفترة التي صدر فيها مرسوم الضرورة.

أما الطريق الثاني، الذي قد تنتهي إليه المحكمة الدستورية، بشأن مراسيم الضرورة، فهو تأكيد أن الحدث الذي وقع بعد حل مجلس الأمة قد ورد بخطاب الأمير من وجود أخطار داخلية وخارجية استدعت تعديل قانون الدوائر، وهي الأسباب التي أفصح عنها سمو الأمير في خطابين متلاحقين، وهو من كان بهذه الفترة يمارس إلى جانب الحكومة دور المشرع بإصدار القوانين وتعديلها، ومنها تعديل قانون الدوائر الانتخابية عن طريق إصدار مراسيم الضرورة التي لها قوة القانون، وتعد نافذة منذ صدورها إلى أن تعرض في أول جلسة لقبولها أو رفضها، وقد انتهى المجلس إلى قبولها.

ورغم أهمية تصدي المحكمة الدستورية لطعون الصوت الواحد لما لها من أثر على الحياة السياسية فإن أمام المحكمة الدستورية طعونا أخرى مرتبطة بطعون الصوت الواحد، يلزم عليها التصدي لها، وهي بطلان حل مجلس 2009، لعدم تثبت الحكومة من عدم انعقاد جلساته وبطلان حل مجلس 2009 لعدم قسم الحكومة أمامه.