لا تلمهم يا صديقي المصري، فقد فشلوا في استثمار الفرصة التي جاءتهم على طبق من ذهب بعد طول انتظار، تلك الفرصة التي لن تتكرر مجدداً في تاريخهم السياسي، بل هم أساساً لن يجدوا من اليوم فصاعداً بعد نكبتهم ونكستهم و"خيبتهم" سطراً واحداً في كتب التاريخ يمارسون من خلاله مهنة "التلوّن" والرقصات البهلوانية على حبال "التأسلم"، والضحك على الذقون، تلك المهنة التي مارسوها على مدى ٨٠ سنة تقريبا تحت شعار "الإسلام هو الحل" بهدف الوثوب على كرسي السلطة واحتكاره إلى أن يرث الله الأرض بمن عليها!
أقحموا مقام النبوة الرفيع في الترويج لمرشحهم من خلال أحلام من نسج خيالهم، وأشركوا الملائكة المكرمين في تظاهراتهم لإيهام الشعب بأنهم، أي الإخوان، هم السبيل إلى أبواب الجنة!وإنهم بعد ممارسة الإقصاء والتخوين بمجرد استحواذهم على السلطة، واستباحتهم للدماء البريئة وتحريضهم العلني على القتل، كمقولة "الذي يرش مرسي بالماء نرشّه بالدم" التي أعلنوها من رابعة العدوية، بعد ذلك كله، لن يجدوا اليوم ولا حتى غداً من يتعاطف معهم، وإن وُضعوا في خانة المظلومين مستقبلاً!وها هي "الجماعة" بمصر وأبواقها في الخليج بالأمس ينتحبون بسبب ما أطلقوا عليه مسمى "أحداث الحرس الجمهوري"، وهم أنفسهم لم يهتز لهم طرف، ولم تنزل من أعينهم دمعة على شهداء "الاتحادية والتحرير" في ديسمبر وفبراير الماضيين، فقط لأن القتلى كانوا حليقي اللّحى! فلا تزايدوا علينا لأننا نرفض قتل الأبرياء و"فتاوى استباحة الدماء" مهما كان لون أصحابها ودينهم ومذهبهم.إننا نعتذر لشبابكم وشيوخكم وتمردكم على الظلم وثورتكم المتجددة من تلك الأصوات الصادرة من حناجر خليجية أصيبت بالهستيريا بعد أن ضاع منها حلم السلطة في ليلة ظلماء، فارتفعت حرارتها وانكشف ازدواجها الفكري!إنهم اليوم يتهمون تمرد ٣٠ يونيو بالعمالة لأميركا "الكافرة"، وهم أنفسهم صفقوا ورقصوا فرحاً عندما أعلنت أميركا "الصديقة" بالأمس القريب دعمها للجيش الحر في سورية!كما أنهم هم الذين عملوا "العمايل" لجمع أموال الخليج وتوظيفها لتكديس السلاح في سورية وتسييل شلالات جديدة من الدماء البريئة هناك، وها هم اليوم، باستحياء وخوف وغمز ولمز، يتهمون نفس المصدر بضخ الأموال للإطاحة بالشرعية الإخوانية في مصر!وإنهم بزعمهم، يرفضون "حكم العسكر" وهم من طالبوا وأيدوا إرسال الجيوش إلى البحرين لإسكات الشعب هناك!وهم بعينهم الذين جابوا شوارع الكويت رافعين شعار "الكرامة" ومطالبين بحل مجلس الأمة المنتخب بحجة أنه "سقط شعبياً"، نراهم اليوم يتباكون على "شرعية" مرسي، ويصفون قرابة الثلاثين مليون مصري بالخوَنة تارة والنمل تارة أخرى!كم أنت كبيرة يا مصر، فها أنت تكشفين زيف ادعاءات أولئك المتناقضين وأنصار الحرية والكرامة المزيفين المتسترين برداء الدين!
مقالات
«مصر» تكشف المتناقضين
09-07-2013