حاولت السلطة التركية امتصاص غضب الشارع أمس، عبر الإقرار بشرعية مطالب المتظاهرين، داعيةً إياهم للعودة إلى منازلهم، وذلك في وقت بدأت نقابة عمال القطاع العام بإضراب عام احتجاجاً على استعمال القوة المفرطة في قمع المحتجين.

Ad

حاولت الحكومة التركية أمس، تهدئة حركة الاحتجاج السياسي غير المسبوقة التي تواجهها منذ خمسة أيام، داعية المتظاهرين الذين باتوا يحظون بدعم نقابة رئيسية في البلاد إلى العودة إلى منازلهم.

وبعد ليلة جديدة من التعبئة وأعمال العنف التي شهدت مقتل متظاهر ثانٍ في جنوب البلاد، أقر نائب رئيس الحكومة بولند أرينج بـ«شرعية» مطالب أنصار البيئة الذين يقفون وراء حركة الغضب، داعياً المحتجين إلى وضع حد لتحركهم.

وخرج أرينج بعد لقائه الرئيس عبدالله غول بتصريحات تدعو إلى التهدئة. وتمثل ذلك أولاً في تقديم اعتذاره للعدد الكبير من الجرحى استثنى منها «الذين ألحقوا أضراراً في الشوارع وحاولوا إعاقة حرية الناس».

وقال المتحدث باسم الحكومة: «أطلب من كل النقابات وكل الأحزاب السياسية وكل الذين يحبون ويفكرون بتركيا أن يقوموا بذلك اليوم»، في حين بدأ اتحاد نقابات القطاع العام، إحدى اكبر النقابات المركزية في البلاد أمس، إضراباً من يومين ضد الترهيب الذي مارسته الدولة.

وأعرب نائب رئيس الوزراء عن أسفه للاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة «الذي دفع بالأمور إلى الخروج عن السيطرة»، مؤكداً أن حكومته «تحترم أنماط الحياة المختلفة» لكل الأتراك.

ومنذ بداية حركة الاحتجاج يوم الجمعة الماضي، يتهم المتظاهرون أردوغان بالتحول إلى التسلط وبأنه يريد «أسلمة» تركيا العلمانية. وقال أرينج: «لا يحق لنا أن نتجاهل الشعب ولا نتبجح بذلك، الديمقراطيات لا توجد من دون معارضة». وقال إنه «أخذ الدرس» من هذه الأحداث.

إضراب ومقتل متظاهر

وتأتي اليد الممدودة من الحكومة التركية في وقت اشتد أمس، اختبار القوة الجاري منذ خمسة أيام بين الشارع والسلطة مع دخول اتحاد النقابات في القطاع العام، إحدى النقابات المركزية اليسارية التي تقول إن لديها 240 ألف منتسب، في إضراب ومع مقتل متظاهر ثانٍ.

وبعد مقتل شاب الأحد الماضي، دهساً بسيارة أثناء تظاهرة في اسطنبول، قُتل محتج آخر يبلغ من العمر 22 عاما مساء أمس الأول، في تجمع في هاتاي (جنوب شرق) بـ»عدة رصاصات أطلقها شخص مجهول»، بحسب ما أعلن محافظ المدينة جلال الدين ليكيسيز.

إلا أن التقرير الأول الذي نُشر عن تشريح الجثة، ألقى شكوكا إزاء ظروف مقتله، مؤكداً أنه لم يجد آثار رصاص.

وساد هدوء ظهر أمس، بعد مواجهات عنيفة ليلاً بين الشرطة والمتظاهرين في اسطنبول وأنقرة (غرب) ما أوقع العديد من الجرحى.

واحتل آلاف المتظاهرين مجدداً فترة طويلة من ليل الاثنين -الثلاثاء ساحة تقسيم في وسط اسطنبول، ورفعوا رايات حمراء مطالبين برحيل رئيس الحكومة وهم يهتفون «طيب استقل».

وفي مؤشر إلى قلق الأسواق المالية إزاء استمرار الأزمة، تراجعت بورصة اسطنبول 10.47 في المئة أمس الأول، وكذلك الليرة التركية.

أردوغان إلى المغرب

من جهته، يصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس اليوم، في زيارة عمل قادماً من الجزائر.

ودعت الجبهة الشعبية التي تمثل تيار اليسار في تونس أمس، إلى تنظيم احتجاجات أمام مقر السفارة التركية في تونس العاصمة ضد زيارة أردوغان وتنديداً بقمع التظاهرات في تركيا.

الأمم المتحدة

وفي سياق متصل، رحبت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي، باعتراف السلطات التركية باحتمال الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين. ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل وسريع في هذا الصدد.

وقالت المتحدثة باسم بيلاي سيسيل بويي ان المفوضة، أعربت عن قلقها في بيان أمس، إزاء تقارير حول الاستخدام المفرط للقوة من جانب عناصر الأمن الأتراك ضد المحتجين الذين تظاهروا أولاً للإعراب عن عدم رضاهم عن تغييرات ستجرى في ساحة تقسيم التاريخية، وفي متنزه غيزي، وضد محتجين آخرين انضموا إلى هذه التظاهرات للتعبير عن دعمهم.

وأعرب البيان عن الترحيب باعتراف السلطات التركية باحتمال الاستخدام المبالغ به للقوة، وبدعوتهم لإجراء تحقيق حول عناصر الشرطة الذين يُزعم أنهم انتهكوا القانون، ومعايير حقوق الإنسان الدولية.

(إسطنبول - أ ف ب،

رويترز، يو بي آي)