• وأخيراً محكمة تاريخية بكل المقاييس، لأول مرة في التاريخ يتم الحكم على رئيس دولة سابق (شارلز غانكاي تايلور رئيس ليبيريا ما بين 1997 إلى 2003) من محكمة دولية مستقلة، وهي المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بسيراليون، وتخطئ وسائل الإعلام عندما تقول "منذ الحرب العالمية الثانية" إشارة إلى محاكم نورمبرغ وطوكيو، وهي المحاكم التي أقامها المنتصرون في تلك الحرب لمعاقبة المهزومين، وعادة ما نطلق عليها تخفيفاً مصطلح "عدالة المنتصر".

Ad

• وقد تم الاتفاق بين بريطانيا ورئاسة المحكمة على أن يقضي تايلور ما تبقى من سجنه (47 سنة من أصل 50 سنة) في السجون البريطانية، علماً بأن ثلاث دول أخرى كانت مرشحة، هي السويد وفنلندا ورواندا، وقد أعلن محامي الدفاع في مؤتمره الصحافي أنه سيبذل جهده لكي يتم حبسه في رواندا للقرب الجغرافي ولزيارة الأهل، ولكن جهوده تلك لم تنجح.

• تم إلقاء القبض على تايلور عام 2006، وهو يبلغ من العمر 62 عاماً، من أصل أميركي، ومن ثم بدأت محاكمته في 2007 في سيراليون، ثم تم نقل المحكمة إلى الهيغ بهولندا لدواعٍ أمنية. واستغرقت المحاكمة سبع سنوات، حيث انتهت في 26 سبتمبر 2013 وأدين تايلور بكل التهم الإحدى عشرة الموجهة إليه، وتتضمن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما فيها الإرهاب والقتل والاغتصاب والعنف الجنسي وتجنيد الأطفال في الأعمال العسكرية. وقد صدر الحكم في 50 ألف صفحة، ومعه 1520 مرفقاً من الأدلة، واستغرق نطق رئيس المحكمة بملخص الحكم قرابة الساعة ونصف الساعة.

• وبصدور الحكم وتحديد بلد الحبس يكون الستار قد أسدل على مجرم حرب، وسوف تغلق محكمة سيراليون أبوابها نهائياً، ومن ثم تتشكل محكمة خاصة بالأعمال المتبقية لمتابعة بعض النواحي الإجرائية التي التزمت بها المحكمة بموجب اتفاق مبرم مع الأمم المتحدة.

• ويبقى السؤال: هل شارلز تايلور هو مجرم الحرب الوحيد؟ الإجابة بالتأكيد هي بالنفي، فالعديد من مجرمي الحرب يسرحون ويمرحون وتحميهم دول، ولكن الإدانة لرئيس سابق هي خطوة مستحقة كما أنها خطوة أولى على طريق طويل.