تتزايد المؤشرات الدولية ساعة بعد ساعة على قرب موعد الضربة العسكرية الدولية المرتقبة للنظام السوري والتي باتت بحكم المؤكد بفعل الصحوة الدولية بعد الكيماوي الأسدي غير المنضبط على الشعب السوري رغم أنه استخدمه مرات عديدة ولكن بخسائر اقل وبغض طرف دولي مقصود منعاً للتورط.
الفهم الخاطئ للأسد جعله يزيد الجرعة على أمل إجهاض الثورة أو كسر شوكتها على الأقل، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن... وها هو المجتمع الدولي يعد العدة لتوجيه ضربة موجعة للنظام السوري، أغلب الظن أنها لن تسقطه لكنها ستجره مرغماً إلى المفاوضات لترتيب مرحلة انتقالية بدون الأسد.عامان ونصف العام تقريباً والثورة تتحمل الضربات المدمرة وبكل صنوف الأسلحة التي يمتلكها النظام إضافة لما تزوده به إيران وروسيا من تقنية حديثة بدءاً من العنقودي إلى الفوسفوري إلى ما هنالك من أنواع مدمرة ما عدا النووي الإيراني لأنه قيد الإنتاج ولو كان جاهزاً لما تأخر الإيرانيون عن تجربته على الشعب السوري مستفيدين من رخصة دولية وفرهما التلكؤ والتردد الدوليان، فضلاً عن حسابات المصالح التي لها الأهمية الكبرى في حسابات الربح والخسارة.لكن بعد اتخاذ قرار الضربة من الصعب التعامل مع الوضع السوري كما كان قبل الضربة الضرورة، إذ ستصبح المصالح الإيرانية مهددة، ولن تعود سورية الحضن الدافئ والحاضن الأهم للمشروع الصفوي، ولن تكون لوحة خلفية ولا أمامية لـ"حزب الله"، لهذا فإن إيران على الاغلب ستحذو حذو روسيا وتنأى بالنفس عسكرياً مع التعامل براغماتياً مع المجتمع الدولي لتأمين بعض مصالحها، ولن تورط "حزب الله" في هذه الضربة حتى لا يفقد دوره لبنانياً وإقليميا لأن أي تبديد للسلاح من غير جدوى لن تقوى إيران على تعويضه لانقطاع الحبل السري بعد الولادة الجديدة لسورية بدون الأسد.هذا لا يعني أن إيران فقدت دورها ولكنها فقدت عمقها وورقة مهمة في مشروعها النووي وأي حسابات خاطئة في التعامل الدولي سيكون انتحاراً لإيران لأن الأسد بات بحكم المنتهي.وتسعى المشاورات في مجلس الأمن لتأمين الإجماع ومن يعارض أو يستخدم الفيتو يعتبر شريكاً في الإبادة وحامياً للقتل، وهذا ما يحرج روسيا بالتحديد بعدما ثبت استخدام الكيماوي.الدب الروسي ظل مسانداً ومبتزاً للنظامين السوري والإيراني أمميا حتى بانت الجدية الدولية في ضرب النظام وتغيير قواعد اللعبة السياسية... عندها نأى بنفسه عن أي مشاركة عسكرية لمصلحة النظام تاركاً مصيره للمجتمع الدولي، وهذا السلوك الروسي ليس مفاجئاً فسبق له أن ترك عبدالناصر عام 67 رغم أهمية صداقته له، وأيضاً العراق وليبيا انحيازاً لمصالحه، التي باعتقاده لن تتضرر كثيرا الآن، لأن الحل لن يكون في سورية إلا سياسيا وضمان مصالحه لن يكون صعباً في حلول كهذه لأنه تخلى في الوقت المناسب عن الأسد وأوقف تسليم صفقة صواريخ "اس- 300" له، وهذا ما صعب موقف الأسد عسكرياً وسياسياً ليستعيض عنه بجعجعة لوليد المعلم على طريقة "الصحاف" في العراق بالتهديد والوعيد والمفاجآت لمن يتجرأ حتى على لمس النظام، وهو لم يظهرها في كل اعتدءات إسرائيل على مواقع السيادة السورية!التدخل الخارجي سواء كان سياسيا أم عسكرياً مرفوض وطنياً وسيادياً، لكن عندما تحكمك مجموعة إجرامية ويرأسها شخض كـ"بشار الاسد"، لا يسعك إلا أن تطلب العون ولو كان من "الشياطين الزرق" للتخلص من إجرامه ومن شروره الفوسفورية والكيماوية والنابالمية، لأن خصومة الحاكم الديكتاتور دائماً مع شعبه، وعند النوائب لا ضير لديه من تقديم أكبر التنازلات للخارج مهما كانت ماسة للسيادة الوطنية، بهدف معالجة عرض داخلي قابل للعلاج وبوصفة غير مكلفة وطنياً... وإن تجرأ أحد وناشد حتى "الصليب الاحمر الدولي" طلباً للمساعدة الإنسانية، تثور حميته السيادية ويعتبر هذه المناشدة "خيانة عظمى" وتخابراً مع جهة أجنبية لتقويض كيان الدولة وإضعاف الشعور القومي.أما المعارضون للتدخل الخارجي أمام آلة الإبادة الأسدية التي تخطت كل الحدود والخطوط، نذكرهم بأن أحداً لو تعرض لعارض صحي خطير فلا ضير لديكم في البحث عن العلاج في أميركا وأوروبا لأن الحفاظ على الحياة حق إنساني مشروع.ولكن إذا أصيب الوطن بآفة خطيرة يصعب علاجها وطنياً لمحدودية الإمكانات، نجد كل الضير في طلب العون والإنقاذ الخارجي ولو أدى ذلك إلى موته سريرياً خشية من التكلفة ومن سوء النوايا. لكننا دائما ننسى أن كلفة الاستبداد أكبر بكثير، وأن المشهد الوطني الآن شاهد على ذلك حيث لم يجرؤ أي مستعمر عبر التاريخ على فعل ما فعله النظام الأسدي بشعبه.نأمل أن تكون الضربة العسكرية الدولية موجعة لمنظومة الإجرام، ويصحو الشعب السوري بعدها على فجر جديد خال من الإجرام والكيماوي... تفاؤلنا حذر لكن أملنا كبير في حياة حرة كريمة.
مقالات
الصحوة الدولية... والضربة العسكرية الضرورة
31-08-2013