احتدام الجدل حول خلافة برنانكي... سمرز وييلين المرشحان الأبرزان لرئاسة الاحتياطي الفدرالي
يعمل اختيار رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفدرالي على استثارة جدل حاد غير عادي، ويخلط جدلاً حساساً حول جنس الشخص، مع توترات غير محلولة حول التنظيم المالي. نشأ الجدل الجديد حول الشخص الذي ينبغي أن يحل محل بن برنانكي من خلال إشارات بأن لاري سمرز، وزير المالية السابق ومستشار الرئيس أوباما سابقاً في البيت الأبيض، هو أبرز المرشحين.
ويعتبر سمرز رمزاً لليسار، من أصحاب التحرير الذي أدى إلى أزمة البنوك، ما دفع عدداً من الديمقراطيين البارزين هذا الأسبوع لمساندة منافسه الرئيسي في المنصب، جانيت ييلين، نائبة رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي. وحاول البيت الأبيض إزالة الخلاف الناشئ، حين قال أحد المسؤولين إنه لم يتم اتخاذ قرار حول البديل وإن من غير المرجح التوصل إلى قرار قبل الخريف. واختيار خليفة برنانكي سيكون واحداً من أهم القرارات التي لها تبعات مهمة في ولاية أوباما الثانية، لأنه ينطوي على إمكانية التأثير على السياسة الاقتصادية لعدة سنوات. دعم تعيين ييلين ووزع شيرود براون، وهو عضو في مجلس الشيوخ عن أوهايو، ومن أقوى الليبراليين صوتاً وظل ينتقد منذ فترة طويلة تحرير القطاع المالي والتجارة، رسالة بين زملائه من الشيوخ الديمقراطيين هذا الأسبوع يدعم فيها تعيين ييلين. ورغم أنه لا يذكر سمرز بالاسم، فإن الرسالة الموجهة إلى أوباما تم تفسيرها على أنها مضادة لسمرز. ووقع الرسالة نحو 20 عضواً من الأعضاء الديمقراطيين الـ45 في مجلس الشيوخ، بمن فيهم توم هاركين من أيوا، وديان فينشتاين من كاليفورنيا، وجيف ميركلي من أوريجون، وديك ديربين من إلينوي، وهو الرجل الثاني بين الديمقراطيين في المجلس. ويضيف ترشيح ييلين عنصراً جديداً إلى السباق الذي كان يُرى حتى الآن من منظار السياسة الاقتصادية والنقدية. وإذا ما تم تعيينها فستكون أول امرأة تترأس الاحتياطي الفدرالي. وقالت نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، لتلفزيون بلومبيرغ: «سيكون أمراً عظيماً أن تتولى المنصب امرأة». ومنذ فترة طويلة يعتبر سمرز من الليبراليين ذوي السمعة السيئة، إذ ينظر إليه على أنه قريب فوق الحد من وزير المالية السابق، روبرت روبين، الذي يُلقى باللوم على دعمه للقطاع المالي وشهيته للتحرير باعتبارهما من العوامل التي ساهمت في الأزمة المصرفية. سمرز والأنظمة الجديدة ورغم أن سمرز ساند الأنظمة الجديدة في أعقاب الأزمة، فإنه لم يكن من المؤيدين لأجزاء في قانون دود ـ فرانك الإصلاحي، مثل قاعدة فولكر التي تضع قيوداً على التداولات الخاصة التي تقوم بها البنوك لحسابها. وقال وليم جالستون، من معهد بروكنجز، الذي عمل في إدارة بيل كلينتون إن موضوع سمرز مقابل ييلين يتجاوز كثيراً مجرد مستوى الراحة عند الرئيس، أو سياسات النوع. إنه يمثل حكماً على قطاع كامل من التفكير الاقتصادي الذي أصبح شائعاً خلال إدارة كلينتون. وبصورة متعمدة تثني رسالة براون على سجل ييلين وتشير إلى أنها بوصفها مسؤولة عن تنظيم البنوك، تمكنت في مرحلة مبكرة من رصد علامات فقاعة الإسكان، كما أشارت إلى تركيزها على استخدام الأدوات النقدية لتخفيض البطالة. وقال بوب كوركر، وهو عضو في مجلس الشيوخ عن تينيسي، وأهم عضو جمهوري في اللجنة المصرفية التي تشرف على تثبيت تعيينات الاحتياطي الفدرالي، إنه يبحث عن مرشح يتخذ نهجاً أقل طموحاً في السياسة النقدية. وأضاف: «نريد أن نظل بعيدين عن التعليق على مرشح بعينه، لكننا نود أن يتم تعيين شخص يُظهِر مزيدا من التواضع، من وجهة نظر ما يستطيع البنك القيام به، وبالنسبة لتحفيز الاقتصاد ودفعه إلى الأمام». لكن كوكر أشار كذلك إلى أنه يحسن بالبيت الأبيض أن يتجنب مرشحاً يمكن أن يثير الجدل. وقال: «ما أرجوه هو أن يقرأ البيت الأبيض المستقبل ويفهم كيف أن وجود مرشح سيئ مثير للجدل لن يكون جيداً لبلدنا، ولن يكون جيداً للبنك المركزي». وتابع: «لذلك أرجو أن ما يفعله مقدماً هو اختيار مرشح يرى أنه سيحصل بسهولة على موافقة مجلس الشيوخ». احتدام الجدل وتشير حدة الجدل التي اشتعلت ورسالة براون إلى أن سمرز حتى الآن هو أكثر المرشحين إثارة للجدل. وقال توني فراتو، من هاملتون بليس للاستراتيجيات، وهو مستشار سابق في إدارة جورج بوش: «يبدو أن فترة ازدهار لاري سمرز تظهر الآن على أنها رد فعل عنيف على لاري سمرز». في غضون ذلك عين جون أوزبورن، وزير المالية البريطاني، السير جون كانليف، الممثل الدائم لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي والمسؤول السابق في وزارة المالية، نائبا لمحافظ بنك إنكلترا، خلفاً لبول تاكر، الذي سيتنحى في نوفمبر المقبل. وأعلنت وزارة المالية عن التعيين أمس الأول، بعد مشاورات مع مارك كارني، المحافظ الجديد للبنك. ويعكس هذا القرار عزم البنك ووزارة المالية على تعيين شخص يتمتع بخبرة دولية واسعة في المفاوضات. ونجاح كانليف في السباق لمنصب نائب المحافظ يبين أن كارني يحب توظيف أشخاص لهم خلفيته نفسها. وأمضى كانليف معظم خدمته المدنية بصفته «من أهل الخبرة في الجبال»، أي القدرة على التفاوض حول اتفاقيات دولية وراء الستار، كما فعل كارني حين كان يعمل في وزارة المالية الكندية وبنك كندا. * (فايننشال تايمز)