سببت أزمة نقص الوقود في مصر شللا تاما بالقاهرة والمحافظات، لعدم توافره بالشكل الكافي، وازدياد حدة طوابير السيارات الخصوصية والأجرة والنقل في محطات الوقود المختلفة، ما أدى الى اختناق مروري بجميع المناطق خاصة الحيوية منها، ودفع إلى زيادة الغضب الشعبي قبل عدة أيام من انطلاق تظاهرات 30 يونيو التي تطالب الرئيس بانتخابات مبكرة.

Ad

وعبر العديد من المواطنين، تحدثوا لـCNN بالعربية، أمام محطات البنزين والسولار عن سخطهم على الحكومة والسلطة الحاكمة من عدم توافر البنزين و السولار، واضطرارهم إلى المكوث عدة ساعات انتظارا للحصول على دورهم، في درجة حرارة مرتفعة تصل إلى 38 درجة مئوية.

وقال مواطن يدعى احمد شحاتة: «ان أولاد الرئيس إذا سمعوا سباب المواطنين بمحطات البنزين ووافقوا على استمراره في القصر ليوم واحد فهم عديمو الإحساس»، مضيفا انه يستغرق وقتا لاي مكان يذهب إليه يتراوح بين 3 و4 ساعات.

وأضاف شخص آخر بانفعال شديد: «انهم يسمعون سباب المواطنين بالفضائيات والشوارع ولا يرحلون يارب يحسوا». وذكر حسين عزمي عن معاناته أمام محطات البنزين: «إن بنزين 80 أو 92 أو حتى 95 لا يتوافر في المحطات»، مشيرا إلى انه ينزل لتعبئة سيارته في الثالثة فجرا.

ارتفاع الأسعار

وافاد مواطن آخر، يدعى محمد عبدالعزيز الديب، بأنه «خلال الأيام السابقة كان العاملون بمحطات البنزين يلوحون بيديهم بإشارة التخميس، في إشارة منهم إلى انه لا يتوافر الا بنزين 95، أما الآن فانه غير متوافر بالمحطات، كما ارتفع سعر اللتر منه إلى 6 جنيهات، فضلا عن عدم التمكن من فتح التكييفات حتى لا تستنفد البنزين، وذلك في درجة حرارة تقترب من 40 درجة».

وذكر ميشيل مرقص، وهو سائق تاكسي، «ان مرسي وقنديل ووزير البترول كاذبون، حيث ادعى الأخير أن السولار والبنزين متوفران بالمحطات، وان الأمر لا يعدو كونه مجرد شائعة، وادعى ايضا ان سائقي التاكسي هم من يتسببون في تكدس الطوابير أمام المحطات»، لافتا إلى أنه يذهب لتموين سيارته في الثالثة والثانية صباحا حتى لا يضيع وقت العمل صباحا.

وقال محمد نبوي: «أملأ سيارتي في 3 أو 4 ساعات، وعند الذهاب إلى المنزل أجد انقطاعا بالتيار الكهربي والمياه، كما لا أتمكن من الخروج لاي مكان خوفا من نفاذ البنزين».

ويأتي ذلك في حين تكدست أعداد كبيرة من المواطنين بالمواصلات العامة، رغم تكدس سيارات الأجرة، ومنها «الميكروباص» التي تعتمد على وقود الديزل أو السولار أمام المحطات، فضلا عن التكدس أمام المحطات المغلقة، والتي لم يصل إليها الوقود من المستودعات انتظارا لفتحها.

واردف احد المواطنين، ويدعى عزت، ان «عددا كبيرا من المواطنين يتركون سياراتهم في الشوارع الجانبية، بسبب عدم تمكنهم من تموين سياراتهم بالوقود، وان بعضهم يذهبون إلى مترو الإنفاق، وهو ايضا مزدحم جدا، سيرا على الأقدام بسبب عدم توافر سيارات الأجرة بالشكل الكامل، ولتوفير الوقت بسبب اختناق الشوارع».

أزمة البطالة

وفي حين تتصاعد حدة الصراع السياسي في مصر، تفاقمت أزمات نقص السولار والبنزين، علاوة على أزمة البطالة التي يعانيها نحو 13 في المئة من القوة القادرة على العمل من البطالة، حيث بلغ عدد العاطلين نحو 3.4 ملايين شخص.

سامي حلمي، أحد سكان حي الظاهر، وهو واحد من ملايين العاطلين، اختفى تفاؤله بالمستقبل رويدا رويدا، قائلا لـ«العربية»: «كنت أعمل سائقاً ولدى صاحب العمل 3 سيارات، وبدأ في بيع السيارات واحدة تلو الأخرى حتى تركت عملي، أقوم حالياً ببيع الخضار، وكان عندي أمل كبير عند انتخاب رئيس أن تتحسن أموري».

واكد مدير تحرير جريدة «البورصة» محمود شنيشة ان هروب الاستثمارات بعد الثورة أدى إلى تزايد البطالة من 9 إلى قرابة 13 في المئة، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من سالب 500 مليون دولار في سنة الثورة إلى 2.8 مليار دولار العام الماضي لم تكن كافية لتقليص طوابير البطالة.

وطبقا للإحصاء الرسمي، سجل التضخم على مؤشر أسعار المستهلك نمواً 9 في المئة في مايو مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي، ولم تتحرك الحكومة للقيام بدور التاجر المرجح، كما نصحها عدد من الخبراء تفاديا لتأثير احتكارات السوق.

ذراع تجارية

وشدد شنيشة على ان «القيام بدور التاجر المرجح ليس سهلا. الحكومة تمتلك ذراعا تجارية، لكن لا تتمتع بالكفاءة cutaway، وبعد الثورة الحكومية لم تُضخ استثمارات في القطاع العام، خاصة الشركة القابضة للتجارة، وبالتالي لم يكن لها تأثير على الأسعار».

ويرتبط جزء كبير من التضخم بسعر صرف الدولار الذي وصل إلى 8 جنيهات في أبريل الماضي في السوق الموازي، قبل أن يتراجع هذا الشهر إلى 7.5 جنيهات تقريباً، ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى تقليص الواردات، أي المعروض من السلع، ما يعني المزيد من الضغوط التضخمية قبل موسم الاستهلاك الأكبر في رمضان.

من جانبها، دشنت الحكومة المصرية هذا الأسبوع المرحلة الثانية من مشروع يهدف إلى تنظيم توزيع وبيع الوقود لأصحاب المركبات والآلات، وتهدف مصر من وراء هذا المشروع إلى القضاء على تهريب المشتقات البترولية في ظل أزمة نقص في وقود السيارات.

وسيتم في هذه المرحلة تسليم سائقي المركبات بطاقات ذكية يبرزونها في كل مرة تزود فيها السيارة بالوقود، من أجل تسجيل الكمية المبيعة إلكترونياً، وقال وزير البترول والثروة المعدنية شريف هدارة إنه بعد كل أزمة يتطلب الأمر ضخ كمية أكبر من الوقود بمحطات التزود، ما يستدعي وجود رقابة أكبر، مشيرا إلى أن المشروع سيتيح للسلطات التوافر على قاعدة بيانات واضحة حول الكمية التي يتم ضخها وبيعها.

وكانت المرحلة الأولى قد انطلقت في أبريل الماضي، من خلال تسجيل شحنات الوقود التي تخرج من المستودعات الكبرى متجهة نحو محطات الوقود، ومتابعتها إلكترونيا. وترمي السلطات من خلال المشروع إلى تأمين تزويد السوق المحلي الذي يعاني اضطرابات، ومحاربة الفساد بهذا القطاع الحيوي، وتناهز الحاجيات السنوية 5 ملايين طن من البنزين، و14 مليونا من السولار.

نقص ومخاوف

وتسبب نقص البنزين والسولار في القاهرة والمحافظات في اصطفاف السيارات أمام محطات الوقود لكيلومترات عديدة، وتزايد الحديث عن أزمة الوقود هذه الأيام، بسبب مخاوف تسبق تظاهرات دعت لها قوى معارضة لرئيس الجمهورية في 30 الجاري، والتظاهرات التي دعا إليها مناصروه.

وقالت وزارة البترول، في بيان، إنها ضخت كميات إضافية من البنزين والسولار بالسوق المحلي في اليومين الأخيرين لتلبية الطلب المتزايد.

وأوضح الرئيس التنفيذي لهيئة البترول طارق البرقطاوي ان المحطات استلمت 17.6 ألف طن يوميا من البنزين بأنواعه 80 و90 و92، مقابل متوسط للمعدل الطبيعي للاستهلاك اليومي يبلغ 15 ألف طن.

كما تم ضخ نحو 36 ألف طن سولار يوميا، مقابل 35 ألفا يوميا، هو متوسط المعدلات الطبيعية للاستهلاك، ويخزن المصريون الغذاء والوقود والأموال قبل تظاهرات حاشدة يدعو لها معارضو رئيس الجمهورية د. محمد مرسي الأحد المقبل، ويخشى كثيرون أن تصحبها أعمال عنف، وقال بعض السائقين إنهم يسعون لملء خزاناتهم قبل التظاهرات.

(سي إن إن والعربية. نت)