قال تقرير "الشال" ان اتفاق الكونغرس الاميركي في 10 ديسمبر على إقرار الميزانية العامة للحكومة الأميركية للسنتين القادمتين، يمثل وعياً بأهمية عدم تكرار الصراع على إدارة الاقتصاد، والذي أدى إلى تعليق أعمال الحكومة الأميركية لنحو 16 يوماً في أكتوبر، في ظل وضع اقتصادي هش، ويمثل الاتفاق دعماً لبعض بوادر التعافي في الاقتصاد الأميركي، وذلك بعد سنوات خمس من تفجر الأزمة المالية العالمية في سبتمبر 2008، ويمكن بحث المسار التاريخي للأزمة، من ناحية الاقتصاد الكلي، بالنظر إلى مؤشرين أساسيين هما النمو الاقتصادي الحقيقي ونسبة البطالة، لإصدار حكم على احتمالات ذلك التعافي.

Ad

وأوضح "الشال": "من زاوية النمو الاقتصادي الحقيقي (أي بعد إزالة أثر التضخم)، دخل الاقتصاد الأميركي مرحلة التبشير بالركود منذ الربع الرابع من عام 2007، عندما تباطأ نموه على أساس سنوي لنحو 1.5 في المئة، انكمش بعدها في الربع الأول من عام 2008 بنحو -2.7 في المئة على أساس سنوي، لأول مرة منذ الربع الثالث من عام 2001، أي بعد انفجار الفقاعة السابقة، وهي فقاعة شركات التكنولوجيا. لكن الاقتصاد الأميركي استعاد أنفاسه، قليلاً، في الربع الثاني من عام 2008 بنمو نسبته 2 في المئة، على أساس سنوي، إلا أن ذلك تلاشى مع تفجر الأزمة بإفلاس بنك ليمان برذرز في 15 سبتمبر 2008 ودخول الاقتصاد الأميركي مرحلة الانكماش لسنة كاملة كانت أقسى فتراتها في الربع الرابع من عام 2008 والربع الأول من عام 2009، عندما انكمش الاقتصاد بنحو -8.3 في المئة، و-5.4 في المئة، على أساس سنوي، على التوالي، وهي نسب غير مسبوقة للاقتصاد الأميركي منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي.

أزمة 2008

وقد أعلن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER)، المسؤول عن تأريخ الأزمات الاقتصادية الأميركية، انتهاء الركود الأميركي، بمعنى انتهاء الاتجاه نحو الانحدار، اعتباراً من الربع الثاني من عام 2009، أي بعد نحو عام ونصف العام من بدايته، وهو

بذلك أطول ركود منذ الكساد العظيم عام 1929.

وأضاف أن الاقتصاد الأميركي لم يحقق نمواً اقتصادياً مرتفعاً في الأعوام اللاحقة 2010 و2011 و2012 مقارنة بأدائه بعد فقاعة التكنولوجيا، حيث بلغ نموه نحو 2.5 في المئة و1.8 في المئة و2.8 في المئة، على التوالي، بمتوسط نمو بنحو 2.4 في المئة، وهذه النسب أقل من نسب النمو، بعد فقاعة التكنولوجيا في الأعوام 2002 و2003 و2004، والبالغة نحو 1.5 في المئة و2.8 في المئة و3.8 في المئة، على التوالي، بمتوسط نمو بنحو 2.8 في المئة. ولعل أهم دلالة لهذه المقارنة هي عمق أزمة 2008 وصعوبة الخروج منها، حيث ظل الاقتصاد الأميركي يواجه خطر الانكماش حتى عام 2011، مثلاً، عندما انكمش في ربعه الأول بنحو -1.3 في المئة على أساس سنوي، لكن تبقى آخر بيانات النمو الاقتصادي مرتفعةً، حيث بلغت بعد تعديلها للربع الثالث من عام 2013 نحو 4.1 في المئة.