«الود» حينما يفسده الاختلاف!

نشر في 26-04-2014
آخر تحديث 26-04-2014 | 00:03
 يوسف عوض العازمي تجلس أحياناً مع شيخ مسن لم ينل من التعليم النظامي شيئاً بل انه شيخ أمي لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك حين تجلس معه وتستمع إلى آرائه وحديثه، وتتابع كيفية صياغته للعبارات وانتقائه للمفردات، وطريقته في التناول والتعليق على الأحداث، تجد نفسك كأنك أمام دبلوماسي معتق وخبير. لذا يتبين لنا أن من يعرفون السياسة لم يكونوا أهل سياسة أو خريجي علوم سياسية فحسب، بل هي موهبة وخبرة حياة قبل أن تكون منهجاً أكاديمياً يدرس في المدارس المتخصصة والجامعات.

في حياتنا واختلاطنا بالناس، خصوصاً من نحب ولهم مكانة معينة بالنفس، ممن قد نختلف أو نتفق معهم في الرأي، يجب علينا الحذر في التعامل مع كثير منهم، وتبين الصواب من الخطأ في طريقة صياغتنا للعبارات، فـ"لسانك حصانك إن صنته صانك"، ومقولة إن "الاختلاف لا يفسد للود قضية" ليست صحيحة على الدوام، بل إن من الحكمة أحياناً أن نبتعد أو نتجنب مَن يخالفنا الرأي، لأن هناك نوع إذا اختلفت معه فإن خلافك حتماً سيفسد الود الذي يجمعك به.

قد تجد شخصاً له مكانة طيبة في خاطرك، وله من الود ما له في النفس، إنما لا تتفق معه في أمر ما قد يكون شخصياً أو اجتماعياً أو حتى سياسياً، ومن واقع محبتك له، وتقديرك له وتوقير مكانته تبتعد عن "الخوض" في أي حيثيات قد تجلب اختلافاً يكبر ليصبح خلافاً مفسداً للود. لن أقول ما قال الشاعر "لحية تحشمها ولحية تحشم نفسك عنها"، وأيضاً لن أقول "وعين الرضا عن كل عيب كليلة"!.

يقولون "قاتل الله السياسة"، وأيضاً قيل "من السياسة ترك السياسة"!

هذه السياسة التي تدخلت بكل مداخل ومخارج حياتنا وأصبح الكثير يفقه سياسة ويلعب سياسة حتى مع غير السياسيين.

في أيامنا هذه نعايش أحداثاً سياسية عديدة ومهمة فيها اختلاف في الشكل، لكن فيها اتفاق في المعنى الكريه وهو "الفتنة"! لعن الله من أيقظها، فقد أصبح الذم والاتهام هو السيد، وأصبح الشك أخاه.

وفي ظل تراخي الحكومة في توضيح ما هو غير واضح، فمن غير المعقول أن ترمى تهم خطيرة تمس ما تمسه في البلد، ويكون الصمت أو الرد الحذر غير المباشر هو أقصى ما يتم!

فتح الباب للتكهنات والتوقعات للعامة وغيرهم من تجار السياسة أمر أخطر من خطورة ما حدث، وإن استمر التقصير الغامض في التعامل مع التكهنات، فقد يكون ذلك بمنزلة اعتراف غير مباشر بمصداقية ما قيل ويقال.

وحتى من ابتلوا بالقيل والقال عليهم تذكر أن أفضل وسيلة لمواجهة الصعاب اختراقها، ومواجهة من يصول ويجول ويلقي الاتهامات بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولأن "من السياسة ترك السياسة"... ولأن "الاختلاف في الرأي يفسد للود قضية أحياناً"، أكتفي بهذا... والله يصلح الأمور.

***

* أتقدم بخالص العزاء للأستاذ محمد السنعوسي لوفاة ابنه، رحمه الله، عظّم الله أجرك. "إنا لله وإنا إليه راجعون"

* أتقدم بخالص العزاء لذوي الصديق سالم فلاح بن مصيب، رحمه الله، عظم الله أجركم. "إنا لله وإنا إليه راجعون"

* أهنئ النائب الكاتب نبيل الفضل وابنه أحمد على نجاح العملية الجراحية المزدوجة التي أجريت لهما، متمنياً له ولابنه الشفاء التام... "أجر وعافية".

back to top