مايكل فاسبندر يسعى إلى الصف الأول
خلال موسم الأفلام الراهن، يبدو أن مايكل فاسبندر لا يكف عن سماع المحاضرات عن طريقة التصرف المناسبة... ومن شخص غير متوقع!
يؤدي الممثل مايكل فاسبندر الذي وُلد في ألمانيا ونشأ في إيرلندا دور صاحب المزرعة المتوحش «إيبس» في العمل الدرامي 12 Years a Slave حيث ينبّهه براد بيت الذي يؤدي دور نجار خلوق إلى أن طريقة تفكيره ستقضي عليه.مثل دوره الصعب في فيلم The Counselor (فيلم تشويق عن تهريب المخدرات للمخرج ريدلي سكوت ومقتبس من سيناريو كورماك ماكارثي الأصلي)، يؤدي فاسبندر دور محام يؤدّبه مهرّب عالمي متشائم يلعب دوره براد بيت.
قال فاسبندر ضاحكاً: «يبدو أن براد لا يكف عن إلقاء المحاضرات عليّ في الفترة الأخيرة. لكني لا أصغي إليه على ما يبدو».كل ذلك الوقت الذي أمضاه مع أشهر الأشخاص في العالم يعكس الثقة التي يوليها المخرجون في هذه الأيام لفاسبندر العفوي. لكن في الوقت نفسه، تكشف هذه الشراكة في الأدوار أن هذا الممثل الذي يبلغ 36 عاماً لا يزال يعيش في ظل نجوم الصف الأول.رغم أداء أدوار كان يمكن أن تشكّل نقاط تحول أساسية في مسيرته المهنية خلال السنوات الأخيرة، مثل دور «ماغنيتو» الشاب في فيلم X-Men: First Class، والرجل الآلي المخلص في فيلم Prometheus للمخرج سكوت، لم يصبح فاسبندر اسماً من نجوم الصف الأول. لكنه لا يزال يفوز بعدد من أفضل الأدوار في عالم السينما.إشادة النقاداختاره ستيف ماكوين في أفلامه الثلاثة كلها، بما في ذلك حكاية السجن Hunger والفيلم الدرامي Shame عن الإدمان الجنسي، ولطالما عمل فاسبندر مع أكبر الأسماء في عالم الإخراج من أمثال كوينتن تارانتينو وديفيد كروننبرغ. غالباً ما يكسب فاسبندر إشادة من النقاد (كتب كينيث توران في صحيفة «لوس أنجلس تايمز» أنه «أذهل» المشاهدين في دور كارل جونغ في فيلم A Dangerous Method في عام 2011 للمخرج كروننبرغ)، لكنه لم يترشح يوماً لجائزة الأوسكار.في فيلم The Counselor، يؤدي فاسبندر دور محام مجهول وفصيح الكلام. يكون غارقاً في حب خطيبته (بينيلوبي كروز)، فيقرر تحسين حياتهما أكثر مما تسمح له مهنته المتوسطة، لذا ينظم صفقة لتهريب المخدرات. سرعان ما يخضع لاستغلال قوى غير متوقعة فتزداد الأوضاع سوءاً.قال فاسبندر: «بالنسبة إلي، إنها قصة جشع عن رجل يعيش حياة جيدة لكنه يطمع بحياة أفضل». صحيح أن الفيلم تلقى بعض الانتقادات السلبية المسبقة وبدا أنه يتجه إلى الفشل على شباك التذاكر، لكن يظهر فيه فاسبندر بأعلى أداء تمثيلي له: فهو لبق ومتبجّح لكن ينتابه بعض لحظات الضعف، فضلاً عن أنه حاد الطباع من دون أن يميل إلى التعبير عن عواطفه الجامحة.أضاف الممثل: «أردتُ أن أستكشف الجانب المتغطرس من شخصية المستشار، فهو شخص غبي جداً لكنه يظن أنه أذكى مما هو عليه. هذا الطبع ليس مختلفاً عن شخصية «إيبس» الذي لم يكن ذكياً بأي شكل».إذا كانت الأدوار المتتالية التي مثلها فاسبندر خلال الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة قد سمحت للممثل بالمشاركة في أعمال الأشخاص أنفسهم، فقد يجد محبّو الأفلام أن ذلك الخليط أشبه بعلاج سينمائي تعويضي. الأشخاص الذين خرجوا من فيلم 12 Years وهم غاضبون من شخصيته التي تتعامل بوحشية فائقة مع العبيد سيشاهدون فاسبندر وهو ينال العقاب الذي يستحقه في فيلم The Counselor حيث تقوده أنانيته إلى مصير مؤلم ومريع. أمور غير مألوفةيتمتع فاسبندر بقدرة فورية على تمثيل المشاهد بما يتعارض بشدة مع المقاربة المنهجية التي يفضلها عدد من ممثلي الدراما الآخرين (مثل إقدام دانيال داي لويس على العيش مثل أبراهام لينكولن كي يؤدي دور الرئيس الأميركي السادس عشر في فيلم ستيفن سبيلبرغ لعام 2012). لقد بنى سمعته عبر القيام بأمور غير مألوفة مثل المزاح مع طاقم العمل قبل تمثيل المشهد مباشرةً.قال سكوت: «مايكل لديه موهبة فطرية عظيمة. قد يقول «أنا لا أريد أن أتمرن، بل أريد القيام بالمشهد بكل بساطة». وبعد خمس دقائق، يقدم لنا مشهداً مذهلاً. الأمر أشبه بمشاهدة فيدرير أو نادال. لا نعرف كيف يقدمان ذلك الأداء المبهر لكننا نحب مشاهدته».في موقع تصوير الفيلم الدرامي Shame عن الإدمان الجنسي، وصف عدد من شركائه في الفيلم، منهم كاري موليغان، رجلاً يمكن ألا يتعرف إلى أحد أعضاء طاقم العمل قبل بدء التصوير. حتى إنه يتحول في أحد المشاهد إلى رجل معذب يحاول طرد الشياطين الجنسية. (يدعونا إلى عدم الانخداع بتلك التحولات، لأن هذه المشاهد القوية قد تسيطر عليه. في إحدى اللحظات الصعبة من فيلم 12 Years، يتذكر فاسبندر أنه انغمس في المشهد لدرجة أنه فقد الوعي. وفي فيلم Counselor، أجهش بالبكاء فجأة خلال مشهد يعلم فيه بما سيحصل له: «حصل ذلك فجأةً. ما زلت لا أعرف كيف حدث ذلك»).تتسم مقابلات فاسبندر بهذه التحولات المفاجئة أيضاً. يمضي الممثل معظم المحادثة وهو يحلل بجدية دوافع شخصياته. لكنه يبدأ فجأة بإنشاد أغنية كوميدية بعد أن يؤكد على تعاونه مع ماكوين في فيلم موسيقي، قبل أن يعود سريعاً لمناقشة المعطيات الاجتماعية في حقبة ما قبل الحرب الأهلية وطريقة تأثر نفسية البشر بملكية العبيد.ناقد بريطانيبعد سنوات من التمثيل في أفلام أوروبية، بما في ذلك فيلم Fish Tank الذي عُرض في مهرجان كان في عام 2009 للمخرجة أندريا أرنولد، اخترق فاسبندر (ربّاه والده الألماني ووالدته الإيرلندية) الولايات المتحدة في تلك السنة مع فيلم آخر عُرض في كان وهو Inglourious Basterds للمخرج تارانتينو.حين أدى هذا الممثل دور ناقد بريطاني يتحول إلى عميل سري ويتسلل إلى مخبأ نازي، استفاد الممثل من مهاراته الألمانية في مشهد طويل تحت الأرض. سمح له ذلك الفيلم بالوقوف أمام (من غيره؟) براد بيت. ربما لم يشأ فاسبندر اتخاذ موقف جريء تجاه شريكه الأشهر منه، لذا اكتفى بقول أن بيت «سخي» في أدائه حين سُئل عن الكيمياء بينهما.مهد دوره في فيلم Basterds لدوره في X-Men وأفلام سينمائية أخرى. كذلك جعل مجلات المشاهير تهتم به. اكتسب فاسبندر الذي يعيش في لندن سمعة سيئة بعض الشيء بسبب حياته الليلية الناشطة ومغامراته الرومانسية الوافرة (رُبط اسمه بشريكته في فيلم X-Men زوي كرافيتز واللاعبة الأولمبية البريطانية لويز هازل)، وهو أكد أنه لم يرتبط بأي علاقة تدوم أكثر من سنتين.لكن إلى متى يستطيع الاستمرار في هذا الموقع المتوسط كممثل ممتاز من دون أن يكون نجماً من الصف الأول؟ في عالم هوليوود اليوم، يميل معظم الممثلين بعد فترة قصيرة إلى تحقيق نجاح باهر أو العودة إلى الأدوار المساعِدة أو الإنتاجات الأصغر حجماً. لكن لا يخشى فاسبندر حصول ذلك. قال عن مسيرته المهنية: «الأمر يتعلق بالقيام بخيارات جريئة وأداء أدوار جديدة ومعقدة».يحاول السيطرة على حياته بالقدر نفسه. فقد وقّع على أول دور إنتاجي له لنسخة سينمائية من لعبة الفيديو Assassin’s Creed وهو يطور المشروع وقد يمثل فيه، مع أنه يقول إنه يتمنى أن يحصل قريباً على فرصة اختيار ممثلين آخرين.قد تفيده علاقته مع براد بيت في هذا المجال!