الغانم: القضية الفلسطينية أقصيت بفعل التطرف العنيف
ولي العهد ناب عن سمو الأمير في افتتاح المؤتمر العشرين للاتحاد البرلماني العربي
تحت رعاية سمو أمير البلاد، انطلق أمس المؤتمر العشرون للاتحاد البرلماني العربي.
تحت رعاية سمو أمير البلاد، انطلق أمس المؤتمر العشرون للاتحاد البرلماني العربي.
افتتح ولي العهد سمو الشيخ نواف الاحمد نيابة عن سمو امير البلاد امس المؤتمر العشرين للاتحاد البرلماني العربي بحضور رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك ولفيف من الوزراء والنواب وممثلي البرلمانات العربية استهل الغانم فعاليات المؤتمر العشرين للاتحاد البرلماني العربي بكلمة قال فيها: "من بشائر توفيق مؤتمرنا هذا، أن تحظى دولة الكويت بحضانته وضيافته، وأن يتفضل حضرة صاحب السمو أمير البلاد برعايته، وأن تكون قضية القدس والمسجد الأقصى بالذات، بمثابة مبرره ورسالته"، مشيرا الى انه "عندما ينعقد لقاؤنا في وطني الكويت، لا بد أن نذكر أننا في حضرة تاريخ المقاومة الفلسطينية التي ولدت هنا بكل آمالها، واشتدت هنا بطهارتها ووحدة صفها. وبالتالي، لا بد أن نستلهم من المكان دروس الزمان. ولابد أن تذكرنا مواقع الأحداث بمواقف الشعوب والرجال، فنتقي الله بمهد المسيح، وقبلة محمد الأولى، وعهد عمر، وأطفال الحجارة... ونقول قولاً سديداً".واضاف: "عندما يتشرف مؤتمرنا برعاية سمو امير البلاد الذي عاش القضية الفلسطينية بكل مخاضاتها، وساهم في نجاحاتها، وحذر من الانحراف بها ومن الانحراف عنها، وأخذت من جهده وفكره وعمره بقدر ما أخذت الكويت أو يزيد، لابد أن نتمثل في حوارنا وأطروحاتنا ما عرف عن سموه من حس قومي وفكر مستقبلي، ولابد أن نعكس في قراراتنا ما يتسم به سموه من ديبلوماسية لا يعيبها الغموض، ومن صراحة لا تنقصها الديبلوماسية. فإليكم يا صاحب السمو، أرفع - بالإصالة عن نفسي وبالنيابة عن زملائي أعضاء مجلس الأمة الكويتي - فائق الشكر والعرفان، وصادق التقدير والامتنان، لتكريم حفلنا برعايتكم، ولدعم مؤتمرنا بحضور ممثلكم سمو ولي العهد الأمين".
واشار الى انه "من المعروف أن الإقرار بمرارة الواقع هو أول شروط النجاح في تغييره. والواقع المرير هنا، هو أن القضية الفلسطينية قد أقصيت عن موقعها الرئيسي والحقيقي والاستراتيجي بفعل التطرف العنيف، ودويلات الطوائف، بفعل تغول الاحتلال في غطرسته، وامعان الغرب في تحيزه، وانتهازية الشرق لفرصته، وقبل كل هذا وذاك، بفعل تفرق العرب وإخفاقهم المتواصل في توحيد صفوفهم وتحقيق مشروعهم. وإزاء هذه الصورة الصادمة المذهلة، ليس أولى من الاتحاد البرلماني العربي في الاجتماع على أمل توحيد الأمة حول قضيتها الرئيسية على الأقل، وعلى أمل استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية حول قضية العرب الأولى... وهذا أضعف الإيمان".الصراع العربي - الإسرائيليواكد الغانم ان "القضية الفلسطينية شكلت محور الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العالم العربي كله وعلى مدى سبعين عاماً أو تزيد. وعاشت بسببها المنطقة في حالة توتر دائم، انفجرت منها أربع حروب رئيسية، واستخدمتها – بالحق أو بالباطل – كل الثورات والانقلابات والحركات السياسية مبرراً لقيامها، ومسوغاً لتقصيرها، وسبباً لقمعها. وتأتي القضية الفلسطينية في طليعة العوامل التي ساهمت في تشكيل العلاقات العربية البينية، والعلاقات العربية الدولية طوال العقود السبعة الماضية، إلى أن وصلنا اليوم إلى موقعنا الراهن، بين عدو ما من صداقته بد، وصديق ليس لحقده حد".وقال: "تعيش قضية القدس والمسجد الأقصى في ضمير الإنسان العربي، وفي وجدان الإنسان المسلم كجرح مفتوح لكرامته ومعتقده، وكتهديد حقيقي لكيانه ووجوده، فلا غرابة إذن في أن تكون العامل الأول والأهم في تشكيل فكره وتوجيه تفكيره، وتفجير عنفه وغضبه، خاصة تجاه من هو ملتزم بشكل مطلق بمصالح إسرائيل ومطالبها، ومعارض بذات القوة لنضال الشعب الفلسطيني وحقوقه، وبالتالي، للموقف العربي الإسلامي الداعم لهذا النضال والمؤمن بهذه الحقوق"، لافتا الى "اننا ننصح ولا نجرح، خاصة أننا على يقين بالارتباط العضوي الوثيق بين الصراع العربي - الإسرائيلي من جهة، وبين كل من غياب الإصلاح وانتشار العنف في العالم العربي والإسلامي من جهة ثانية".وأضاف ان "غياب الإصلاح أدى إلى إخفاق العديد من دول المنطقة في بناء السلام الداخلي. وفي الوقت ذاته، ادى الشعور الحقيقي بالظلم والقهر في معالجة القضية الفلسطينية إلى تغذية بؤر التوتر وتوليد منظمات الإرهاب واختلال السلم العالمي"، موضحا انه "رغم عنف الأحداث وعمق التحولات التي تمر بها أمتنا، تبقى القضية الفلسطينية هى الساحة الأساسية التي تعكس أحداثها كل قضايا العرب واحوالهم، وكافة مواقع قوتهم ومواضع ضعفهم. وإذا كنا لا ننكر أبداً أن لأعدائنا يداً طويلة وآثمة فيما آلت إليه القضية الفلسطينية من مأزق بين الاستحالتين، استحالة النجاح في تحقيق السلام العادل، واستحالة القبول بالسلام المهين الظالم".وذكر "اننا نعترف بأننا لم نقصر أبداً في إضرام نار التفرقة والنفخ في جمرها، فأقوى أسلحة أعدائنا هو تمزق صفنا وتشتت جهدنا، بسبب تضخم الأنا على حساب نحن، وغلبة الخاص على العام، وأولوية القطر على الأمة، واليوم على الغد، وسيطرة الماضي على الحاضر، وأفضلية الحزب على الوطن، وتقدم الطائفة على الدين"، مشيرا الى انه "من هنا، يطرح التضامن العربي نفسه باعتباره الشرط الأساسي لتغيير الصورة بأكملها. والتضامن العربي لا يمكن أن يكون حقيقياً ومستمراً وفاعلاً، إلا ضمن مفهوم متكامل يقوم على خيار التعاون والتنمية، ويتعهد بالحفاظ على أرض وحدود كل دولة عربية ووحدتها الوطنية، واحترام إرادة شعبها".واكد أن "غياب نظام أمن عربي مشترك قد خلق فراغاً كبيراً، يعمل الآخرون على ملئه بالأسلوب الذي يضمن مصالحهم ويعمق جراحنا، ولا أجد في هذا الصدد، ضرورة للتركيز على خطورة نتائج الانقسام الحاد في الصف الوطني الفلسطيني، لأني على يقين بأن طرفيه لا يمكن أن يتحملا جريمة ضياع دماء الشهداء هدراً، ولأني أعرف كما تعرفون أن هذا الانقسام ليس إلا انعكاساً ومحاكاة للانقسام العربي العام، وإن كان يؤسفنا جميعاً أن يخلد الشعب الفلسطيني انقسامنا بدل أن يفرض علينا وحدة الجهاد في سبيل قضيته. ومما يزيدنا حزناً في هذا الصدد أن هذا الانقسام قد واكبه ما يماثله في دول عربية عديدة، فانكفأت شعوبها على جراحها، ومن الصعب على العليل أن يداوي عليلاً".وقال الغانم "أضحت هموم أمتنا من الكثرة والخطورة بحيث من الصعب على أي منا أن يقدم بعضها ويؤخر غيرها، دون أن ينتابه خوف من الخطأ أو حذر من سوء التفسير، بحيث يتعذر على أي منا أن يعرض لها جميعاً دون أن يتجاوز حدود وحقوق الغير، ودون أن يخل بالتوازن المطلوب بين مشاعر القلب ومقتضيات المنطق. مع الإقرار سلفاً بصعوبة هذا التزاوج، والاعتذار مقدماً عن التجاوز".وتطرق الغانم الى القضية السوريه فقال ان "الأزمة الدامية في سورية الشقيقة التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من مئة وخمسين الف مقاتل وبريء، وتشرد هرباً من جحيمها أكثر من تسعة ملايين نازح داخل البلد وخارجها، هى إحدى أكثر مآسي العرب حزناً وألماً. الأمر الذي يتطلب موقفاً عربياً موحداً ينهي انهيارات هذه النكبة وتكلفتها الفاجعة".ثلاثة شروط أساسيةمن جهته، قال رئيس الاتحاد البرلماني الدولي عبدالواحد الراضي إن «الاتحاد وقف مع الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله المشروع لتحقيق حقوقه ومطالباته المشروعة» من خلال العديد من توصياته وقراراته. وأضاف الراضي في كلمته بافتتاح المؤتمر ان هذه المطالب «لن تتحقق الا بتوفر ثلاثة شروط اساسية أولها وحدة الصف الفلسطيني وثانيها زيادة الدعم العربي للاشقاء الفلسطينيين بكل أشكاله لاسيما ماديا ومعنويا وثالثا حشد أوسع دعم وتأييد للشعب الفلسطيني في نضاله، وهنا يتضح الدور الاساسي للبرلمانات العربية والدبلوماسية والبرلمانية».وذكر ان الاتحاد البرلماني الدولي أدان وشجب في عدة مناسبات الاعتداءات والانتهاكات التي تتعرض اليها مدينة القدس عموما والاماكن المقدسة خصوصا كما كان أول منظمة دولية تمنح العضوية كاملة للبرلمان الفلسطيني وذلك عام 2008 وسبق بسنوات المنظمات الدولية مثل (يونسكو)، مشيرا الى «العدد الكبير من القرارات التي يصدرها الاتحاد بشأن قضايا الشرق الاوسط».وبين الراضي ان الاتحاد البرلماني الدولي منذ انشائه وهو شاهد أمين على حالة الديمقراطية الدولية حيث شارك الاتحاد في احداث هامة على مر التاريخ وحصد العديد من الجوائز الدولية ومنها جائزة نوبل للسلام.وأشار الى سعيه الى التعاون الوثيق مع احدى الشعب البرلمانية العربية النشطة للوصول الى الية عملية تمكن جميع البرلمانيين العرب من المشاركة في نشاطات الاتحاد البرلماني الدولي واعتماد اللغة العربية الى جانب اللغتين الانكليزية والفرنسية المعتمدتين في الاتحاد «وهو ما سيتبلور العام الحالي بمناسبة الاحتفالات بمرور الذكرى الـ 25 بعد المئة لتأسيس الاتحاد».وقال ان مشاركته في المؤتمر الـ20 للاتحاد البرلماني العربي «تأتي تلبية للدعوة الكريمة من رئيس الاتحاد رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم تعزيزا للعلاقات المتينة والصادقة التي تربط الاتحادين».مخططات إجراميةبدوره، اكد رئيس البرلمان العربي احمد الجروان ان البرلمانات العربية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالوقوف وقفة تضامنية صادقة مع مقاومة الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه الوطنية في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.واضاف الجروان في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن الوقوف ضد تهويد القدس وطمس معالم هويتها لا يمكن أن يتأتي إلا «برصد كل تحركات الاحتلال الصهيوني ومقاومتها عالميا وإرسال رسالة الشعب العربي لمؤسسات المجتمع الدولي لوقف استقطاب العدو الصهيوني دعما لمخططاته الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني».وقال ان تدهور أوضاع اللاجئيين الفلسطينيين في معسكر اليرموك في سورية يدق ناقوس الخطر على كارثة انسانية وشيكة مناشدا المجتمع الدولي والجمعيات الانسانية المعنية تخصيص جزء من المساعدات الممنوحة للأشقاء السوريين لصالح مخيم اليرموك المحاصر.وقال ان التغيرات المستمرة والنزاعات التي شهدتها ولا تزال تشهدها أقطار متعددة من الوطن العربي «لا يجب أبدا ان تنسينا قضيتنا المحورية».فتح صفحة جديدةعلى صعيد متصل، اكد الامين العام للاتحاد البرلماني العربي نورالدين بوشكوج ان العمل العربي المشترك هو «السبيل الانجع للوصول الى استعادة الحقوق العربية المشروعة وتحقيق اهدافنا في الامن والسلم والعدل».وقال ان «التحديات التي تواجهنا حاليا هي واحدة من بين العوامل العديدة التي تفرض علينا فتح صفحة جديدة في التعامل والتعاون والتضامن بين شعوبنا ودولنا ونبذ خلافاتنا».واوضح ان القدس تنادي اليوم لتوحيد الصفوف وتلبية ندائها بالوقوف معها بكل ما نملك من امكانات مادية ومعنوية حتى تتحرر من الاحتلال والاستعمار وتستعيد دورها واشعاعها الحضاري في توحيد الامة.وافاد بأنه «ليس من الغريب ان يجتمع العرب والمسلمون في اقصى غرب الوطن في مدينة مراكش عند التئام لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الاسلامي ويلبي نداء القدس في مدينة الكويت السعيدة في اقصى شرق الوطن رؤساء البرلمانات والمجالس العربية».وبين في السياق ذاته ان هذا «لن يتحقق الا بصمود اهلنا في الارض المحتلة ووحدة الامة في دعم قضية القدس المصيرية واستعادة وحدة الاشقاء الفلسطينيين والالتفاف حول القيادة التاريخية لشعب فلسطين حتى التحرير الشامل للوطن واقامة الدولة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس».