يعتبر الإعلام من أقوى الأسلحة الفتاكة التي تنافس القنابل والمدافع والطائرات في مساحات التدمير التي تحدثها، فإن كانت هذه الأسلحة تقوم بتدمير المدن والمباني وسقوط الضحايا بين قتيل وجريح فإن سلاح الإعلام يقوم بدور أكثر خطورة من ذلك، حيث إنه يقوم بتدمير العقول والألباب، وإن كانت الجيوش تقوم بغزو الدول والمدن فإن الإعلام يقوم بغزو الأفكار والمعتقدات، وقد اتخذ الإعلام منذ القدم وسائل وأساليب متعددة، ففي الجزيرة العربية استخدم الحكمة والكرم والتجارة والشعر بكل أنواعه سواء الهجاء أو المدح أو تسجيل حوادث العرب وأيامهم والحروب، ولعل أشهر تلك المؤتمرات الإعلامية كان "سوق عكاظ".

Ad

وفي الحرب العالمية الثانية اشتهر أسطورة الإعلام "أدولف غوبلز" وزير الدعاية في ألمانيا النازية والشخص الثاني والمقرب من الزعيم النازي أدولف هتلر، ومن أشهر أقواله "اكذب اكذب حتى يصدقك الناس"، و"كلما كانت الكذبة أكبر كان إقناع الناس بها أسهل"، وفي اعتقادي أن من أسباب الهزائم والنكسات التي لحقت بالدول العربية في حروبها مع إسرائيل أجهزة الإعلام وكبار المسؤولين فيها، وكان سلاحهم في ذلك الصراخ والعويل وزبداً يطفو حول الأفواه كما حدث في حروب "56، 67، 73" حتى الوصول إلى أم الهزائم أو جريمة العصر بغزو بلدنا الحبيب واحتلاله من النظام العراقي السابق، فرأينا التسابق المحموم لدعم الغازي في غزوه والمعتدي في عدوانه، وتصوير هذه الجريمة وكأنها انتصار للأمة العربية، وقد واجهت ذلك شخصياً أثناء عملي سفيراً لبلدي في جمهورية الجزائر الشقيقة خلال فترة الغزو والاحتلال، وقد عانينا من موجات الكراهية والأحقاد والهجوم الجائر، ولعل أقساها كان من الجماعات الإسلامية.

ولعلنا الآن نعيش أسوأ مراحل التاريخ العربي، وكما هي العادة فقد أخذ الإعلام العربي دوره في زرع بذور الكراهية والفرقة ودق أسافين الأحقاد بين الشعوب العربية، وتكريس مفاهيم الطائفية والقومية، مستخدما كل الأساليب بما فيها سلاح الكذب والخداع وتضخيم الأحداث وعرض صور القتل وتقطيع الأوصال وجز الرؤوس، ولم يعد للمصداقية مكان في أي جهاز إعلامي عربي بلا استثناء.

وإذا ما انتقلنا إلى الشأن المحلي فقد تميز إعلامنا الوطني منذ نشأته بمساحة واسعة من الحرية وتعدد الآراء والاتجاهات في تعبير صادق عن أطياف المجتمع، ولكن كم هو مؤلم ما شهدناه في المدة الأخيرة من انحدار لهذا الإعلام المتميز، فتفشت ظواهر دخيلة على مجتمعنا من "ردح" وسب وشتم، والخوض في أعراض الناس وذممهم دون رادع من دين أو ضمير، وقد يتساءل البعض أين الإعلام الرسمي مما يحدث في الساحة الإعلامية؟ وفي اعتقادي أنه ليس من العدالة مقارنة الإعلام الرسمي بالإعلام الخاص، وتتفوق على كل هذه الأجهزة الإعلامية بكل أطيافها ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي التي تجاوز الحديث والحوار فيها الأدب واللياقة، وكم نتمنى أن تقوم الدول المنتجة والمصنعة لأجهزه الاتصالات التي تستخدم تلك المواقع بطباعة العبارة التي تطبع على الأدوية "يحفظ بعيداً عن الأطفال و...؟".

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

 ليتك لم تصرّح

 قرأت في إحدى الصحف المحلية تصريحاً لأحد المسؤولين في الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية يفيد بأن الهيئة قامت بزرع "44" نخلة في الدائرة الزراعية الأولى التي تشمل "6" مناطق بمعنى زرع "نخلتين ونصف تقريبا" في كل منطقة، إضافة إلى فرش أكثر من "11" ألف متر من الثيل "الصناعي"، مع التأكيد على اهتمام الهيئة بتأهيل الحدائق العامة وزراعة الدوارات والمثلثات والمربعات والحارات الوسطى بجميع مناطق الكويت، ونتساءل: هل وكيف متى و"اشلون"؟