عندما يكون التحدي الأكبر لأي حكومة هو خلق السعادة لمواطنيها، فإن ذلك بالتأكيد مسؤولية جسيمة وخطيرة لن يتحملها سوى الواثق بنفسه وبقدراته وإمكانيات نجاحه ومن موقعه الوظيفي، فإطلاق الشعارات والعناوين البراقة لم تعد في زماننا ترفاً إعلامياً أو دعاية سياسية أو مجرد إبر لتخدير الشعوب في ظل الثورة المعلوماتية والوعي المجتمعي والرصد والتقييم وأخيراً المساءلة والمحاسبة.

Ad

عنوان السعادة كان شعار فعاليات القمة الحكومية الثانية في دبي (10- 12 فبراير) وإعلان مبادرة 2021، وهي خطة دولة الإمارات العربية المتحدة التي ستتوج بها اليوبيل الذهبي والذكرى الخمسين للاستقلال، وما تعهدت به الحكومة من إنجازات على الصعد المختلفة في ظل إدارة ثلاثية الأبعاد تجسد مفاهيم حكومة المستقبل والحكومة المبدعة والحكومة الذكية ومحورها الإنسان واستثماره وإنجاحه وإسعاده.

القمة الحكومية كانت بمنزلة إعلان عالمي لمبادرة دبي، أي وضع برنامج هذا التحدي تحت المجهر الدولي من خلال دعوة المئات من الشخصيات المتميزة للاستفادة من تجاربهم في النجاح خصوصاً في استخدامات وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة والإدارة الذكية من جهة، وتعهد والتزام أمام مواطني الدولة خصوصاً الموظفين الحكوميين من فئة الشباب الذين تدفقوا على حلقات النقاش والإحساس الحقيقي بأنهم عصب هذا المشروع المستقبلي ورواده وجنوده في الميدان، من جهة أخرى.

وقد اخترل الشيخ محمد بن راشد قائد هذا البرنامج فعاليات هذه القمة بعبارة جميلة وهي "أننا نفتخر بأن نكون أكبر فريق واحد في العالم" في إشارة صريحة إلى العمل الجماعي والمسؤولية المشتركة.

دبي تسجل النجاحات تلو الأخرى، وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي سعت إلى حصرها في كونها مجرد مبان شاهقة من الحجر، ها هي تتجاوز مرحلة العمران وفق أحدث وأجمل التصاميم الهندسية والمبدعة لتنتقل إلى بناء الإنسان على ضوء متطلبات وتحديات المستقبل، خصوصاً في بعده التكنولوجي وثوراته المتتالية في عالم البيانات والمعلومات الرقمية الجارفة.

قد يقال إن دولة الإمارات عموماً، وإمارة دبي خصوصاً، بلد غني بالثروة النفطية برقعة جغرافية صغيرة وكثافة سكانية قليلة ونجاحها سهل وسريع ودون عناء، وهذا ليس بإنصاف إذا ما قارنا ذلك بدول نفطية أكثر غنى وما زالت متعثرة ومتقهقرة، رغم أن دبي بالمناسبة لا تملك من الرصيد النفطي أي شيء! ولكن النجاح هنا يكمن في الإدارة وروح التحدي والخطط الطموحة والقدرة على ترجمة الأحلام، وما يلفت الانتباه في التجربة الإماراتية أن الغالبية العظمى من الوزراء ووكلاء الوزارات ومديري الهيئات الحكومية والمجالس التنفيذية من شريحة الشباب، ولعل ذلك أحد مفاتيح تحقيق الأحلام ودحض المؤامرات على بيع دول الخليج وثرواتها عبر بوابة الخصخصة والترويج لفكرة فشل القطاع الحكومي في التطوير والإدارة الناجحة!

نقول لأشقائنا في الإمارات نعم نغبطكم على هذا العطاء والنجاح، والعين عليكم باردة، وتمنياتنا لكم بمزيد من التألق والريادة نحو القمة دائماً في إطار الهوية الخليجية والعربية والإسلامية، وهي مصدر فخرنا الأول والأخير.