رغم إصدار لجنة فحص الطعون في المحكمة الدستورية في حكمها الصادر في 21 الجاري بقبول الطعن بجدية الدفع بعدم دستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة التي تجرم المساس بالذات الأميرية والعيب على صلاحيات الأمير والطعن بمسند الإمارة  لوجود شبهات تلقي بظلال من الشك حول مدى دستورية النص وتحديدها جلسة 31 الجاري ما يعطي انطباعا بالحكم بعدم دستورية النص، فإن لجنة فحص الطعون قد أوردت في حكمها عبارات قد تشير إلى إمكانية قضاء الدستورية برفض الطعن والحكم بدستورية المادة 25 بعد أن تقوم المحكمة بالرد على كل الشبهات القانونية التي تعرضت إلى عدم دستورية النص.

Ad

ولتناول السيناريوهات المرتقبة التي قد تنتهي إليها المحكمة الدستورية ما بين القضاء بعدم دستورية نص المادة 25 من قانون أمن الدولة التي تجرم المساس بذات الامير أو الحكم بدستورية النص يجب التعرض إلى المسافات التي أوردتها لجنة فحص الطعون في حكمها في كل اتجاه على حدة على اعتبار أن من تصدى بحكم جدية الدفع بعدم الدستورية هم ثلاثة مستشارين يمثلون الأغلبية من تشكيل المحكمة المكونة من خمسة مستشارين، وبالتالي فما أوردوه في حكمهم الصادر من لجنة فحص الطعون قد يبين النهج الذي سيتم سلوكه أثناء التصدي للطعن بدستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة والانتهاء بحكم نحو دستوريتها بالابقاء عليها أو بعدم دستوريتها وهو ما يعني إلغاؤها.

وأول المسارات التي أوردتها لجنة فحص الطعون في حكمها والتي تشير إلى الطريق الذي قد تسلكه المحكمة الدستورية في مواجهة الطعن على المادة 25 والقضاء بدستوريتها ورفض الطعن المقام هو ما أجمعت عليه لجنة فحص الطعون في كل الاحكام التي قررت جدية الدفع بعدم الدستورية في طعون راشد العنزي وعياد الحربي والنواب الثلاثة السابقين بدر الداهوم وخالد الطاحوس وفلاح الصواغ من أن الأسباب التي ساقتها المحاكم في الرد على الدفع بعدم جدية الدفع هي أسباب قاصرة، علاوة على أن ردها في ما أثاره الطاعنون من عيوب على تلك المادة ليست كافية وأن لجنة فحص الطعون تقضي بإلغاء تلك الأحكام في هذا الشق فقط.

دفعٌ قاصر البيان

وهو ما يعني أن لجنة فحص الطعون رأت في تسبيب المحاكم للرد على هذا الدفع بانه جاء قاصر البيان وفق ما أسمته كرد على الحجج التي أثارها الطاعنون في تعييب النص المطعون عليه، وهي بذلك قد تشير إلى أنها سترد على تلك العيوب بالقدر الكافي والوافي انتهاء إلى سلامة النص المطعون فيه علاوة على أنها ستبين المقاصد التشريعية لذلك النص المطعون عليه وتبيان مقاصد الجرائم الواردة فيها سواء جريمة الإساءة الى ذات الأمير أو العيب على صلاحياته أوحتى الطعن بمسند الامارة .

علاوة على أن نهج لجنة فحص الطعون إن أرادت الوصول إلى طريق القضاء إلى عدم الدستورية لكانت أوردت في حكمها عبارات تبين الشبهات الداعمة للقضاء بعدم الدستورية كما فعلت بالطعن رقم 6 لسنة 2009 عند قضائها بجدية الدفع بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 5  لسنة 2007 والذي قالت في حيثيات حكمها «وإذ خالف الحكم المطعون عليه ذلك مما حجب على المحكمة عند التعرض للاسباب التي ساقها تأييدا للدفع بعدم دستورية النص الطعون فيه، وعلى الرغم من وجود شبهة ظاهرة على مخالفته أحكام الدستور فإن الحكم الطعون فيه يكون معيبا مما يستوجب القضاء بإلغائه وإحالة الامر الى المحكمة الدستورية كما رأت لجنة فحص الطعون في الطعن بعدم الدستورية بأنه طعن سديد».

طلال الفهد

 وبعد إحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية جاءت الأخيرة وقضت إلى الحكم بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 5 لسنة 2007 في الطعن المقام من رئيس نادي القادسية السابق الشيخ طلال الفهد على قانون الرياضة لإجباره لعدم الجمع بين المنصب كرئيس للنادي والعمل كنائب مدير في الهيئة العامة للشباب والرياضة، ومثل هذا الطعن الأخير قد حظي من لجنة فحص الطعون بوضوح للطريق الذي سيؤول إليه وهو الامر الذي لم يتوافر في الطعون التي قررت لجنة فحص الطعون إيرادها في الطعن المقام على المادة 25 من قانون أمن الدولة.

وبالتالي فإن الطريق الأول الذي قد تنتهي إليه المحكمة الدستورية تجاه المادة 25 من قانون أمن الدولة هو القضاء برفض الطعن والتأكيد على دستورية المادة مع بيان الافعال التي يوردها النص بقدر من التفصيل والانتهاء إلى عدم وجود أي غموض أو لبس قد اعتراها مما سيساهم للمحاكم الجزائية في تطبيقه ويغلق باب الطعن على المادة أمام المحكمة الدستورية.

شبهات

بينما الطريق الثاني الذي قد يسمح للمحكمة الدستورية السير فيه هو قضاؤها بالحكم بعدم دستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة، وآية ذلك ما أوردته في حكمها أن ما طرحه الطاعن من اسباب تأييدا للدفع المبدى منه، من شأنها أن تحيط بالنص التشريعي بحسب الظاهر شبهات تلقي بظلال من الشك حول مدى دستوريته فإنه يتعين من قبول هذا الدفع وإحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها لإعمال رقابتها على هذا النص لتستبين مطابقته أو عدم مطابقته لاحكام الدستور باعتبار أنها صاحبة الولاية في هذا الشأن ولها وحدها القول الفصل في مدى دستورية التشريعات.

ومثل هذا التسبيب وعلى الرغم من عدم الوضوح التام فإنه يشير إلى إمكانية سير المحكمة الدستورية في طريق الحكم بعدم دستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة على سند وجود شبهات بحسب ظاهر النص تلقي بظلال من الشك حول دستورية المادة 25 وقد تأتي المحكمة لتقررها وتكشف عنها، بعد أن قررت أيضا قبول الطعن شكلا.

النصوص الجزائية

علاوة على أن المحكمة الدستورية قد تسلك الطريق الذي سبق واتخذته في الطعن رقم 1 لسنة 2005 عندما قضت بعدم دستورية المادتين 1 و4 والمواد المتعلقة بحق الاجتماع العام في قانون التجمعات، وعندما قالت بشأن النصوص الجزائية التي تضمنها القانون وقد تعتمدها في حكمها بعدم دستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة لإيراد ذات العيوب التي سبق طرحها للنصوص الجزائية بقانون التجمعات حيث قالت المحكمة الدستورية في الطعن سالف الذكر بانه «يتعين ألا تكون النصوص الجزائية شباكا أو شراكا يلقيها القانون متصيدا باتساعها أو بإخفائها من يقعون تحتها ولا يبصرون مواجهتها ولا سيما أن هذه النصوص قد تعلقت بنصوص جزائية لا غنى عن وجوب أن يكون المخاطبون بها على بينة من حقيقتها والوقوف على مقصودها ومجال تطبيقها، فلا يكون سلوكهم مجافيا لها بل متفق معها، ونزولا عليه فلا تنال النصوص من بريء ولا يضار منها غير آثم أو مخطئ أو مسيء، والحاصل أنه ولأن كان غموض النصوص التشريعية عامة بعينها إلا أن غموض النصوص لاسيما المتعلقة بنصوص جزائية خاصة يصمها بعدم الدستورية لما يمثله ذلك من إخلال بالحقوق الجزائية وبقيمها وضوابطها وأهدافها وقواعدها الاجرائية التي تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية والتي تكفل لحقوق المتهم الحد الادنى من الحماية الجزائية بما تؤمنه له المادة 34 من الدستور من نظام يتوخى باسمه صون كرامة الانسان وحماية حقوقه الاساسية ويحول بضماناته دون استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها.

كما أكدت «الدستورية» في الطعن رقم  12 لسنة 2012 عندما قضت بالحكم بعدم دستورية المادتين 49 و55 من قانون الجزاء الخاصة بمعاقبة الشريك السابق والتي انتهت فيه إلى عدم سلامة تلك النصوص، واضافت المحكمة بعد أن أحيل إليها الطعن من لجنة  فحص الطعون بعد أن قررت الاخيرة جديته وقيدته برقم 2 لسنة 2010 بأن «هناك نصوصا أخرى تعاقب على تلك الافعال وهو ما أفضى الى ازدواج تشريعي يستعصي على التوفيق ويؤدي الى الالتباس لدى المخاطبين بأحكام القانون والنصوص والقائمين على تنفيذها وتطبيقها علاوة على إهدار تلك النصوص إلى مبدأ شخصية العقوبة».

الإحالات السابقة

ومثل تلك الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية وبعد النظر إلى سوابق الإحالات المحدودة من لجنة فحص الطعون إلى المحكمة الدستورية بعد أن تنتهي الأولى من تقرير جدية الدفع بعدم الدستورية وتحيل الامر الى المحكمة الدستورية للفصل فيها فإن المحكمة قد تنتهي إلى الحكم بعدم دستورية المادة 25 من قانون امن الدولة المطعون عليها خاصة وأن لجنة فحص الطعون بتشكيلها المصغر للمحكمة الدستورية إذا أرادت أن تنتهي الى الحكم برفض الطعن استنادا إلى عدم كفاية الاسباب التي ساقتها محاكم الموضوع بالرد على عدم جدية الدفع بعدم الدستورية لكان بمقدورها أن تحسم الامر في تأييد ما انتهت إليه تلك المحاكم وأن تسهب في التسبيب على تلك الدفوع كما فعلت بالطعن المقام من النائب مسلم البراك الذي انتهت إلى رفضه بعدما أكدت تطابق نص المادة 209 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية مع المادة 166 من الدستور وعدم مخالفتها لكن لجنة فحص الطعن أرادت للمحكمة الدستورية التصدي إلى النص مباشرة بعدما وجدت بالنص عثرات دستورية تستلزم من المحكمة الدستورية مواجهتها على نحو يقود إلى الحكم بعدم دستوريتها.