الاقتراح الذي تقدم به النائب رياض العدساني لتعديل آلية التصويت وعدد الأصوات كارثي بمعنى الكلمة، فقد جاء فيه أن: "كل دائرة تنتخب عشرة أعضاء لمجلس الأمة، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لأربعة مرشحين، اثنان منهم في الدائرة المقيد فيها، واثنان من المرشحين خارج هذه الدائرة على ألا يكون التصويت لاثنين في دائرة واحدة، ويكون باطلاً التصويت على خلاف ذلك"... والهدف من ذلك هو: "الحد من الطرح الطائفي والقبلي والعنصري والفئوي ونقل الأصوات والمال السياسي"!!

Ad

لا أعلم حقيقة كيف وجد النائب الفاضل أن تعديلاً كهذا سيحد من هذه السلبيات، فالعكس هو الصحيح، حيث سيمنح تعديله كل ناخب المجال بأن "ينوع" في خياراته السيئة، فلا يكتفي بالضرر الحاصل في دائرته الانتخابية بل يمتد به إلى دائرة أخرى، فالقبلي سيبحث عن مرشحي القبيلة في دائرته وفي دائرة أخرى يرى فيها وجوداً لا بأس به لقبيلته لضمان نجاح مرشح هنا ومرشح هناك، وكذلك سيفعل الطائفي والعنصري والفئوي، أما نقل الأصوات، فبالفعل لن يكون لها داع بوجود هذا التعديل، لأنه سيفتح المجال بشكل واسع لعمليات "تبادل" الأصوات بين مرشح في دائرة وآخر بدائرة أخرى، وستصبح معها عمليات "القلص" الانتخابي واضحة وأمام أعين الجميع!

أما أكثر "بلاوي" التعديل إن أُقر، فهو تسهيل عملية شراء الأصوات، فكل ناخب لديه صوتان إضافيان زائدان عن الحاجة، مما يسهل على ضعاف النفوس بيعهما وشرائهما بشكل أكبر من أي وقت مضى، ومن ثم الدعاء بأن لا يغير الله عليهم، ويطيل بعمر من سعى لإقرار هذا التعديل... الرائع!

أخي رياض العدساني، صدقني، ليست المشكلة في الصوت أو الأربعة، ولا في عدد الدوائر، فقد أثبتت لنا المجالس الأخيرة أن العلّة تكمن في عقلية الناخب ووعيه وإدراكه لدور النائب في مجلس الأمة، فما دام البعض يراه البطل الذي سيذود عن حمى المذهب، وآخرون يحسبونه مُخَلِّص معاملات القبيلة وواسطتها عند المعازيب، وغيرهم ينتخبونه لينظف البلد ممن يعتبرونهم "مزدوجين" و"هيلق"، فلن يكون هناك أي تغيير في مخرجات الانتخابات، بتعديلك أو بدونه!

لقد أردت بحسن نية يا سيدي أن تكحلها، لكنك، للأسف، عميتها تماماً!

***

حادثة الاعتداء على حارس مدرسة "ضرار بن الأزور"، التي قامت بتصويرها إحدى المدرسات ومن ثم نشرت فيديو الحادثة في مواقع التواصل الاجتماعي "جاءت سليمة"، فالحارس تلقى العلاج بالمستشفى وقام وتنازل عن القضية التي سجلها ضد ولي الأمر وأبنائه!

والأخبار المتداولة تقول ان المعلمة التي قامت بتصوير الحادثة قد أحيلت إلى التحقيق من قبل مديرة المنطقة التعليمية، لأن فعلها "يخالف النظم واللوائح والتعليمات، ولا يجوز التشهير بالآخرين عن طريق نشر مقطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي"!

لا أعلم حقيقة اللوائح والنظم التي تتحدت عنها مديرة المنطقة، لكنني أدرك تماماً، بعيداً عن حكاية النشر، أن تصوير الحادثة كان تصرفاً صائباً وضرورياً من الناحية الأمنية، وهو ما كان سيستدل به رجال الأمن على الجاني في حال تطورت الأمور لا سمح الله وحدثت جريمة قتل، لذلك، ما أخشاه حقيقة إن تمت معاقبة هذه المدرسة، أن تحدث الجرائم مستقبلاً في المدارس فلا يجرؤ على تصويرها أحد خوفاً من عقاب المنطقة التعليمية!

عاقبوها- إن أردتم- على "النشر" لكن لا تعاقبوها على التصوير، فالناس على ما يبدو صارت تخاف من "فضائح" الكاميرات أكثر من خوفها من القانون، إذن، فلتكن رادعاً لهم، ما دام القانون لا يردع أحداً هذه الأيام!