لم ينقطع الحديث عن الدستور في الذكرى الـ51 لصدوره، عند متابعتي للندوات التي عقدت بمناسبة هذه الذكرى في تقييم الدستور، والمقالات التي تناولت الدستور مدحاً أو قدحاً.

Ad

الدستور نعمة

هذا ما قاله الكاتب والناشط والمحامي دوخي الحصبان في إحدى الندوات، وأضاف أن مشكلاتنا في أنفسنا، وأن نظام الحكم لا يقدم تنازلات مجاناً، لكنه إذا رأى شعبا يعي مطالبه ويعرف ماذا يريد ويحسن اختيار من يمثله، لا من يمثل عليه، فإنه سيتحرك ويقدم التنازلات.

ويضع د. شملان يوسف العيسى النقاط على الحروف في هذا السياق، فيقول في مقال له من مقالات اليسار على صفحة "الوطن" يوم 13 نوفمبر: "من المفارقات الغريبة في هذا البلد أن النواب والسياسيين المتطرفين في أطروحاتهم الدينية والقبلية والطائفية يلاقون قبول ورضا السلطة السياسية، ويلقون القبول والرضا من الشعب إذا كانت أطروحاتهم مغالية في الهجوم على الحكومة.

ويصبح ضحية هذا القبول الشعبي والحكومي الناس المعتدلون في هذا البلد".

الدستور خارطة طريق للتحول الديمقراطي

ويرى النائب السابق عبدالله النيباري، وهو أحد الرموز الوطنية التي شاركت في الدفاع عن الدستور وفي الحياة النيابية... "أن واضعي الدستور قد بذلوا جهوداً مضنية لوضع دستور يكون خارطة طريق للتحول إلى نظام ديمقراطي يضمن مشاركة شعبية فعالة في صنع القرار وإدارة شؤون البلد، وإيجاد نظام للرقابة والمحاسبة وترسيخ حكم القانون لحماية حقوق المواطنين جيلا بعد جيل في حياة حرة كريمة وعدالة اجتماعية".

وهو لذلك طرح سؤالاً على لسان أعضاء لجنة الدستور، يتساءلون فيه: "لماذا فرطتم في التمسك بالدستور، ولم تلتزموا بأحكامه؟"، وقد اتخذ النائب الكبير هذا السؤال عنوانا لمقاله على صفحات "القبس" في عددها الصادر يوم 13/ 11/ 2013.

نفخر بالدستور

ويقول النائب والوزير الأسبق أحمد باقر، في ندوة المخيم الربيعي بالوفرة، "نفخر بما لدينا ونطلب المزيد، وأن المقارنة مع الدول المتقدمة، تفترض ألا تكون هناك طائفية أو قبلية أو فئوية، وأنه لا يجوز هدم الدستور والقضاء والبنية الاجتماعية للبلد بحجة الإصلاح، فليس هكذا يكون الإصلاح، فالإصلاح يأتي بالبحث عن موطن الخلل ومناقشته بطريقة علمية فنية، ونضع اللوم على الجهة المسؤولة وإذا كان القانون غير كاف أقوم بتعديله".

دستور سيئ الذكر

وعلى الجانب الآخر وصف الناشط فايز النشوان دستور 1962 بأنه سيئ الذكر، وأنه يكرس السلطة، وليس توافقا بين حاكم ومحكوم، وأن الدساتير الأقدم في الكويت هي الأفضل، وأن ما ورد فيه من عبارات مثل "الأمة مصدر السلطات" لا تغني ولا تسمن من جوع، وأنه لأول مرة تستخدم صلاحية الأمير في تأجيل اجتماعات المجلس.

ذكرى تأبين الدستور

ويرى النائب السابق فيصل اليحيى أنها ليست ذكرى احتفالية، بل الأجدر أن تكون ذكرى تأبين الدستور، وأن البعض يسمي هذا الدستور بدستور الحد الأدنى، لكن في ظل غياب التطبيق السليم له فالمرحلة الحالية هي ما دون الحد الأدنى، وأنه قبل الغزو اتبعت الحكومة سياسة إلغاء الدستور والانقضاض على المؤسسة التشريعية، أما مرحلة ما بعد الغزو فقد أصبح من الصعب -دولياً- إلغاء الدستور، فأصبحت سياسة الحكومة تفريغ الدستور من محتواه وافساد المؤسسة التشريعية.

مصدر السلطات

ويرى النائب السابق والأستاذ بكلية الحقوق د. عبيد الوسمي في ندوة المخيم الربيعي بالوفرة إذا كان مقبولاً في عام 62 أن نقول إنه إنجاز تاريخي ودستورنا ليس إنجازا تاريخيا، وهو عبارة عن جزأين، الأول وثيقة للحقوق والحريات، والثاني ضمانات للأسرة الحاكمة وصك ملكية، مبينا أننا لا نعترض على الجزء الثاني وإنما على الطريقة التي نُحكم بها، فيجب أن تمارس الصلاحيات ضمن الإطار المحدد بالدستور. ويتهكم على النص بأن الأمة مصدر السلطات... بقوله "الأمة مصدر السَلطات والمشاوي".

وهو ليس دستوراً أصلاً، فالدستور يعطي للأسرة كل شيء ولا يمنح شيئاً من ضمانات الحقوق للمواطن. ولهذا فهو يطالب الاستفتاء على ممارسات المسؤولين وعلى النظام الدستوري الحالي، وإذا قبلت أغلبية الشعب بممارسات المسؤولين والنظام الدستوري بشكله الحالي، فسيخرج من البلد. وأنه من أول أسبوع مثَّل فيه الناخبين في مجلس الأمة قدم استجواباً لتفعيل نص دستوري، لم يكن مفعلاً (وهو استجواب رئيس مجلس الوزراء)، وتحدى بعض النواب الذين مثلوا الأمة لسنوات طويلة، أن يكونوا قد قدموا طلباً واحداً بطرح الثقة بأحد الوزراء.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.