الأغلبية الصامتة: الأزيدي للأزيدي!!!

نشر في 12-08-2014
آخر تحديث 12-08-2014 | 00:01
 إبراهيم المليفي في العراق، فواجع متلاحقة خرجت عن الإطار المألوف في سلسلة الصدامات التي أعقبت سقوط نظام الطاغية صدام حسين، فنحن نتكلم اليوم عن حالة «اختلال» كاملة في البنية التاريخية والسياسية، وتهجير لأقليات كانت موجودة في العراق قبل ظهور الإسلام، وكل ذلك يحدث والنخب السياسية العراقية عاجزة عن تجاوز عقبة تشكيل حكومة تواجه ما يحصل من تقطيع لأوصال العراق.

ها نحن العرب، ها نحن المسلمين، نعيد تقديم صورتنا البائسة في المشهد الإنساني العالمي كما تعودنا، "لنا الصدر دون العالمين أو القبر"، إن صحنا فعلى العالم أن ينتحب، وإن صمتنا فالسكوت من ذهب، قبل أسابيع كنا نستصرخ الضمير العالمي وما زلنا كي ينقذ غزة من حمم الصهاينة التي أحرقت الأخضر واليابس، فأتانا ذلك الضمير مهرولا من أقصى الدنيا، من دول أميركا الجنوبية المسيحية الكاثوليكية ليقف ضد سفك دماء المدنيين الأبرياء.

وقد تكون تلك المواقف مجرد سياسة دولية وتقاطع مصالح مع كل من يختلفون مع واشنطن وحليفتها إسرائيل، ولكن كيف يمكن أن نفسر مواقف عشرات الشخصيات المستقلة من الكتّاب والصحافيين والسياسيين الذين وقفوا مع أهل غزة وتم توبيخهم وعقابهم؟ ماذا يمكن أن نقول عن موقف نجمة هوليوود الإسبانية بينلوبي كروز الذي أعلنت فيه مساندتها لغزة، وضربت عرض الحائط بمسيرتها الفنية؟ هل هي مصالح أيضا أم موقف إنساني؟ ولقد استبعدت خيار البحث عن الشهرة لأن من نتحدث عنهم تجاوزوا هذه المرحلة بكثير.

في العراق، فواجع متلاحقة خرجت عن الإطار المألوف في سلسلة الصدامات التي أعقبت سقوط نظام الطاغية صدام حسين، فنحن نتكلم اليوم عن حالة "اختلال" كاملة في البنية التاريخية والسياسية، وتهجير لأقليات كانت موجودة في العراق قبل ظهور الإسلام، وكل ذلك يحدث والنخب السياسية العراقية عاجزة عن تجاوز عقبة تشكيل حكومة تواجه ما يحصل من تقطيع لأوصال العراق.

الاختبار الإنساني الذي أتحدث عنه والذي هو جوهر الموضوع، ليس عن الصمت الإسلامي تجاه ما يحصل لمسيحيي الموصل من تهجير وقتل على يد مسلحي "داعش"، فهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في ضعف تفاعلنا الإنساني مع كل ما هو غير مسلم، أو أي شيء ليس منا ولسنا منه، والتبرير جاهز "المسيحي يفزع للمسيحي"، وكأن مسيحيي العراق ليسوا عراقيين، وضمن نفس هذا التبرير "الكردي للكردي والسني للسني والشيعي للشيعي" نتبادل الصمت والتجاهل في كل اختبار إلا من أصوات إنسانية قليلة، وعندما نصل إلى الطائفة الأزيدية يسقط القناع بالكامل فلا "أزيدي للأزيدي" فهل من مزيدِ؟

من هذه الزاوية وهي "الإنسان" نستطيع أن نقيم موقعنا من الأمم، ونعرف كم يبذل المختلف جهداً كي يقف مع حقنا في الحياة، وكيف نبادله نحن بالاحتقار والتجاهل، وكيف يتكرر الأمر ليقف هو نفس الموقف، وكيف لا نتعلم نحن الدرس من صفعة الماضي.

في الختام، قد يكون دورنا ككويت محدوداً في مجمل الأحداث العربية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعراق فالأمر مختلف، وعلينا أن نكون مستعدين لأن نكون طرفا في الحل، فمن يدري قد ينتهي أمر تشكيل الحكومة العراقية سريعاً، وقد تتوسع دائرة الحل الدولي، وقد تجد في الأمور أموراً، ودورنا كوسيط مقبول أو مسعف محايد لن يكون متطفلا بالنسبة إلى الأولى ولا ثقيلا بالنسبة إلى الثانية.

back to top