«الخطة» والدوران في الحلقة المفرغة!

نشر في 28-10-2013
آخر تحديث 28-10-2013 | 00:01
إن كانت الحكومة لا تعرف أن ما كان يسمى «خطة تنموية» لم يكن صحيحاً من الأساس، كما قال وزير المالية وعضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، فتلك مصيبة، وإن كانت تعرف ذلك لكنها تضلل الرأي العام بإعطائه معلومات غير صحيحة فالمصيبة أعظم.
 د. بدر الديحاني تصريح وزير المالية بأن "خطة التنمية لم تكن مرتكزة على قواعد صحيحة" لم يكن مفاجئاً بالنسبة إلينا، حيث سبق أن كتبنا في هذه الزاوية أن "ما تم إقراره عام 2010 ليس خطة تنمية بل إطار عام إنشائي مع "خطة" ترميم وصيانة بعض مشاريع البنى التحتية منتهية الصلاحية التي تعود فائدتها بالدرجة الأولى على بعض الشركات الخاصة وبالذات شركات المقاولات".

ولأن الخطط التنموية هي قرار سياسي لمشروع دولة فإنه لا يمكن أن توضع خطط تنموية صحيحة وناجحة في ظل طغيان مشروع الحكم على حساب الرؤية المتكاملة لمشروع الدولة، أو في ظل فساد المنظومة السياسية وضعف أداء الأجهزة الحكومية المتخصصة ونقص القيادات الإدارية المؤهلة والكفؤة القادرة على تنفيذ خطط تنموية طموحة، حيث سبق أن اعترف رئيس مجلس الوزراء بأن... "غالبية القياديين في الأجهزة الحكومية قد أتوا إلى مناصبهم بالواسطة وليس بسبب كفاءتهم"! ("الكويتية"- 24 مايو 2013).

واللافت للنظر في تصريح وزير المالية هو توقيته، حيث أتى قبل ستة أشهر فقط من نهاية مدة ما سُمي إعلامياً "خطة تنموية" والتي أقرت في فبراير 2010 لتغطي السنوات (أبريل 2010 - مارس 2014)، أي أن الاعتراف الرسمي بالفشل في إعداد، نكرر إعداد، خطة تنموية صحيحة قد أتى بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من إعلان الحكومة بدء "التنفيذ"، سمعنا خلالها تصريحات عديدة من قبل رئيس الحكومة وأعضائها تبشرنا بنجاح "الخطة"، و"دوران عجلة التنمية"، و"سرعة قطار التنمية"، وأنهم "لن يلتفتوا لمن يحاول إعاقة التنمية في البلد"! بل يتفاخر أعضاء الحكومة بحجم المبالغ المالية الضخمة التي صرفت على "مشاريع التنمية"، فعن أي خطة تنمية يتحدثون يا ترى؟!

إن كانت الحكومة لا تعرف أن ما كان يسمى "خطة تنموية" لم يكن صحيحاً من الأساس، كما قال وزير المالية وعضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، فتلك مصيبة، وإن كانت تعرف ذلك لكنها تضلل الرأي العام بإعطائه معلومات غير صحيحة فالمصيبة أعظم.

أما الآن وبعد اعتراف وزير المالية بأن ما كان يُسمى "خطة تنموية" لم يكن يرتكز على قواعد صحيحة، فإنه من المفترض اعتذار الحكومة للشعب الكويتي وإعلان تحملها للمسؤولية السياسية وما يترتب عليها من تبعات.

وفي هذا السياق، فإن الحديث عن إعداد خطة تنموية جديدة لن يختلف من حيث الجوهر عن الحديث ذاته حول ما سُمي "خطة تنمية"، والذي سمعناه مراراً وتكراراً منذ عام 2010 لسبب بسيط، وهو أن الخطط التنموية هي في الأساس قرار سياسي مستند إلى دعم فني ويقوم بتنفيذه جهاز إداري حديث ومتطور، والقرار السياسي السليم لا يمكن اتخاذه في ظل استشراء الفساد السياسي وتخلف المنظومة السياسية التي تعيد إنتاج المشاكل ذاتها، وهو الأمر الذي يستلزم البدء بعملية إصلاح سياسي جذري وشامل وإلا سنبقى ندور في الحلقة المفرغة ذاتها.

back to top