حدث تحول مهم بصورة هادئة خلال الشهر الماضي في صناعة النفط الأميركية. وكانت وزارة التجارة قد قررت في أواخر شهر يونيو أن بوسع شركتي نفط في تكساس، وهما «بايونير ناتشورال ريسورسز Pioneer Natural Resources» و«انتربرايز برودكتس بارتنرز Enterprise Products Partners» البدء في تصدير نوع خفيف جداً من الخام يدعى المكثف condensate. وتشكل هذه الخطوة أكبر تخفيف للحظر الأميركي على صادرات النفط منذ إقراره في سنة 1975.

Ad

وبعد الإعلان عن هذا القرار بدا أن مسؤولي وزارة التجارة قد فوجئوا بردة الفعل، إذ أعلنوا أن السماح بتصدير المكثف لا يعني حدوث تغير في قانون الحظر، وعلى الرغم من ذلك كانت تلك هي الطريقة التي تعاملت الأسواق بها الى حد كبير.

وتصطف شركات الطاقة الآن بغية الحصول على الترخيص ذاته الذي حققته الشركتان المشار اليهما. وثمة حديث حول بناء أنابيب مخصصة للمكثف فقط في تكساس، وهي موطن البعض من أكبر تلك الاحتياطيات في أميركا الشمالية. كما نوقش هذا الموضوع بصورة مطولة خلال المؤتمر السنوي لإدارة معلومات الطاقة قبل أسبوعين، وشرع محللون بحساب التقييمات بالنسبة الى شركات النفط استناداً الى مستقبل يتم فيه رفع الحظر عن التصدير.

تختلف الواقعية السياسية بصورة كبيرة. وعلى الرغم من أن رفع الحظر قد نوقش في الكونغرس في هذه السنة بقدر يفوق أي وقت آخر خلال العقود الأربعة الماضية لم يتحقق التصويت، واستمر الجدال على شكل معركة حامية بين منتجي النفط الذين يريدون رفع الحظر وبين المصافي التي تفضل بقاء النفط في البلاد.

أهمية تصدير المكثف

وفي الوقت الراهن، يتعين علينا النظر في أهمية تصدير المكثف الذي يطرح مشكلة تتمثل في كون الولايات المتحدة تنتج كميات أكبر كثيراً مما هي في حاجة اليه. والاستخدام الأكثر شيوعاً للمكثف يكمن في استعماله مثل مادة مضافة لتخفيف الخام الأثقل وجعله أكثر سهولة في التكرير.

 كما يستعمل على شكل مركب في المصانع الكيميائية. ووفق شركة وود ماكنزي لبحوث الطاقة فإن الولايات المتحدة تنتج حوالي 750 ألف برميل في اليوم من المكثف، ونظراً لأن كثيرا من طفرة النفط فيها يشتمل على نفط خفيف، لا يوجد كثير من النفط الثقيل لإضافة المكثف اليه.

ويكمن الجانب الأكثر أهمية في أن شركات التكرير في الولايات المتحدة ليست راغبة حقاً في ذلك المنتج الذي يتسم بسرعة التبخر، ويمكن أن يطغى على أعمال المصافي، ويتسبب في إبطاء عملية تحويل النفط الى وقود. وفي السابع من شهر يوليو أبلغت فاليرو في بيان الى لجنة الأسهم والمبادلات أن المكثف

 «ليس سلعة اقتصادية لمصافينا، ونزعه من الخام يمكن أن يحسن من عمل وأرباح المصافي».

وسوف تتفاقم المشكلة مع استمرار الولايات المتحدة في زيادة انتاجها النفطي بوتيرة هي الأسرع من نوعها حتى الآن. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن  يرتفع انتاجها من النفط بنحو 4.3 ملايين برميل أخرى يومياً بحلول سنة 2015، بحيث يصل الى 9.3 ملايين برميل. وسوف يكون القسم الأكبر من ذلك النفط الجديد من النوع الخفيف والكثير منه من المكثف، الذي يرى معهد المواد البترولية الأميركي أنه يراوح بين أكثر من 45 الى 50 في قيمة الثقل.

إمدادات النفط والمصافي

ومن شأن ذلك أن يفاقم التنافر بين إمدادات النفط والمصافي في الولايات المتحدة غير المهيأة لمعالجة مثل هذا النفط الخفيف.

ومعظم تلك المصافي مصمم للتعامل مع المزيج المستورد الأكثر ثقلاً. وتقترب المصافي من العمل بطاقتها القصوى، وهي تعالج كميات من الخام أكبر من اي وقت مضى. وتصل النسبة الى 91 في المئة مقارنة مع 83 في المئة في سنة 2009، وتقوم المصافي باستثمارات للتعامل مع مزيد من النفط الخفيف، ولكن ذلك لن يكون كافياً لاستيعابه كله.

والسؤال هو كم من المكثف تستطيع الولايات المتحدة أن تصدر؟ يظن محللو سيتي بنك أن ذلك قد يصل الى حوالي 300 ألف برميل يومياً في نهاية سنة 2014 – وتوافق على هذا الرقم سارة امرسون رئيسة مجموعة «اي إس اي آي» الاستشارية للطاقة.

 وتقول منشورات «التجارة» إن أول شحنة من المكثف تم تحميلها للشحن الى آسيا في وقت سابق من شهر يوليو الماضي. وإذا استمرت هذا الحال فقد تتضاعف صادرات الولايات المتحدة من النفط بحلول نهاية هذه السنة. وتجدر الإشارة الى أن كندا مستثناة من حظر النفط، وهي تحصل من الولايات المتحدة على حوالي 268 ألف برميل يومياً.

ومن أجل تصدير المكثف يتعين على شركات النفط معالجته في ما يدعى الموازن في الحقل، وهي عملية تفضي الى إزالة كمية كبيرة من البخار ويجعله أقل تطايراً. وبمجرد الانتهاء من ذلك يصبح المكثف جاهزاً للتصدير، وتستطيع شركات النفط تصديره بصورة مباشرة. ووفق تقرير صدر عن بلومبرغ اندستريز في 25 يونيو الماضي تحتاج عملية بناء موازن الى سنة – وإلى استثمار حوالي 200 مليون دولار.

ويقول فاضل غيت، وهو محلل نفطي لدى اوبنهايمر إنه يعتقد بوجود مبالغة في الحديث عن طفرة في تصدير المكثف. وفي الأسابيع التي أعقبت قرار وزارة التجارة الأميركية اتصل بالعشرات من شركات النفط العاملة في تكساس «ولم تقل واحدة منها إنها تخطط للمشاركة بقوة في تصدير المكثف».

* ماثيو فيليبس