بين قنابل بدائية الصنع وأخرى صوتية للترويع، وأحداث ملتهبة ومتلاحقة، وأخرى تبث الأمل في القلوب، يصوم المصريون رمضان هذا العام، ويطوف المسحراتي في الأحياء الشعبية، خاطفاً الأضواء من نجوم كأس العالم ومسيرات «الإخوان» المحدودة ليلاً، وينادي بأسماء أطفال من هواة الشهرة.

Ad

المسحراتي مهنة عصية على الانقراض، وحضورها ينشر البهجة في ليل يصهد بالحرارة والرطوبة، وبلوغ ساعات الصوم أرقاماً قياسية «17 ساعة»، وتواتر أنباء عن مسيرات ليلية للجماعة الإرهابية في ذكرى مرور عام على الإطاحة بالنظام الإخواني، وفزع ضيوف برنامج «رامز قرش البحر» لمقدمه الفنان رامز جلال، بسبب مقالبه الصعبة، والمطالبة بوقف ترويعه للنجوم، وتأكيد البعض أن الأمر متفق عليه.

عرف المصريون المسحراتي، منذ الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص، ولهم سبق استخدام «الطبلة» في التسحير، وكان «المسحراتية» يطوفون الشوارع في ضوء القناديل، ويرددون الأدعية والأناشيد الدينية، وانتقلت المهنة من عصر إلى آخر، وتراجعت شروط حلاوة الصوت وقدرته على الشدو، ويكفي أن أول «مسحراتي في التاريخ» كان مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم، بلال، صاحب الصوت الآسر للقلوب.

انتقل المسحراتي إلى الإذاعة بفضل الراحلين فؤاد حداد وسيد مكاوي، ومازالت الخارطة الإذاعية تستعيد حلقاتهما على مدار شهر رمضان، وتثير أجواء من الحنين لدى أجيال ارتبطت بصوت القارئ الشيخ محمد رفعت، وابتهالات سيد النقشبندي، ومسلسلات ألف ليلة وليلة، وموهوب وسلامة، التي خرجت من عباءة زمن فائت، واستقرت أخيراً على صفحات موقع «يوتيوب».   المسحراتي في أحياء مصر الشعبية، ليس محترفاً بالضرورة، وغالباً يمارس «التسحير» كمهنة مساعدة، والعم «جمعة» في الأصل بائع فيشار يطوف الشوارع الجانبية بعربته الخشبية، لكنه في رمضان يمسك طبلته، ويطوف في آخر الليل مخترقاً الألعاب النارية التي يطلقها الصغار، وباتت مظهراً احتفالياً مألوفاً في رمضان، وأضحى دويها شبيهاً بانفجار قنبلة بدائية الصنع، وأخرى صوتية للترويع.