سقوط الدولة في حزب الفساد
تكليف الديوان الأميري بتنفيذ المشاريع المهمة والمتعثرة منذ وقت طويل، بسبب استهتار قوى الفساد، وسيطرتها على مفاصل الدولة المالية، باستهتار ما بعده استهتار، حيث تتم ترسية المناقصات مرة بعد الأخرى على شركات فاشلة، على الرغم من عدم إنجازها أي مشروع بشكل معقول، إلا ما ندر، يُعد اعترافاً رسمياً بفشل مؤسسات الحكم، وسقوط الدولة فريسة لحزب الفساد، الذي يعمل من وراء «حجاب» بكل حرية.لقد أصبحنا نعيش بصريح العبارة في «دولة فاشلة»، فقدنا فيها الأمل بالإصلاح، بعدما تم تدمير جميع أركان الدولة الدستورية، وبتنا في دولة لا تستطيع تقديم الخدمات الضرورية إلى أبنائها، من دون واسطة أو رشوة، للحصول على أبسط الحقوق، فقد أصبحت الدولة مرتعاً للفساد وعصاباته.
فالمواطن «يذل» نفسه أمام نائب الخدمات، ونائب الخدمات يذل نفسه أمام من يملك السلطة، لإنجاز معاملاته، وهذا المسؤول، موظفاً كان أم وزيراً، يذل نفسه لمن هم أعلى منه، للحصول على موافقتهم، والأدهى من ذلك، ما نراه من لجوء منظمات المجتمع المدني، التي يجب أن يكون دورها في إصلاح الاعوجاج في مسلك النظام، نجد أنها تحوَّلت إلى «متسولين» عند الحكم، تطلب العون والمساعدة المالية وغيرها من الأمور، فاقدة حياديتها ومصداقيتها، متخلية عن تنفيذ برامجها الإنسانية.وهكذا، يُسلمون رقابهم للحُكم المتلهف لاستقبالهم، وتلبية مطالبهم، ليضعهم تحت عباءته، حالهم حال «المتسولين» الذين أجبروا على التضحية بكرامتهم، لكسب قوت يومهم.ما يقلق، هو أن يصبح هذا التسول و«التذلل» ثقافة عامة مقبولة ترسخ مبدأ «المذلة والعبودية»، وتؤكد أن الأرض، ومن عليها، ملك خاص للمسؤولين، يتصرَّفون فيها كيفما يشاؤون، وهذا ما نراه، مع الأسف الشديد، منتشراً في منطقتنا، ويصدق عليه القول «خذ من جيبه وعايده». هل حصل كل ذلك مصادفة؟ أم أن ذلك تم بتخطيط دقيق، لإقناعنا بأننا شعب لا يستحق المشاركة في الحُكم، لأنه غير مهيأ لذلك؟ حيث نسي هؤلاء دور هذا الشعب في بناء أمجاد الكويت، حتى قبل مجيء النفط.الجواب على هذه التساؤلات: نعم.نعم هذا الأمر مخطط له من قِبل أعداء المشاركة والديمقراطية والحرية، بهدف وأد الحياة الدستورية، التي اعتبرها هؤلاء وغيرهم في المنطقة، أن الأرض ومن عليها ملك خاص لهم.من يعتقد بأن هذا الوضع قابل للدوام يعيش في جهل ونوم عميق يعميه عن القراءة الصحيحة للزلزال الذي لايزال يهز عالمنا هذه الأيام، و«الجياع» العاديون ليسوا هم قادة هذا الزلزال، بل «جياع الكرامة» والإنسانية ممن رفضوا كل المغريات المادية هم قادته ومحركه.لذلك، من الطبيعي أن يلتحق بهذه الانتفاضة كل المحرومين والجائعين والمضطهدين المهمشين الذين يحلمون بحياة أفضل تُحترم فيها إنسانيتهم وحقهم في حياة كريمة.