كان عام 2012 جيداً بالنسبة للأسواق، لكنني توقعت أن يشهد الاقتصاد الأميركي تباطؤاً في النمو عام 2013 وكنت أخشى أن تكون الزيادة في أرباح الشركات متواضعة، ونتيجة لذلك كنت أرى أن هامش الربح سيبلغ ذروة الخطر وأن الأرباح ستكون مخيبة للآمال، وقد اتضح لاحقاً أن نمو الاقتصاد كان بطيئاً خلال العام، وكان هامش الأرباح ثابتاً ولم تكن الإيرادات قوية، إلا أن إعادة شراء الأسهم كانت قوية مع استعمال الشركات للمبالغ النقدية الكبيرة في ميزانياتها العمومية من أجل تخفيض عدد الأسهم المطروحة للعموم، وبالتالي حققت الزيادة في أرباح الأسهم الهدف المرجو منها إلى حد كبير، أما الدخل الصافي للشركات فقد كان أقل إبهاراً.

Ad

وقد ظل البنك الاحتياطي الفدرالي متساهلاً طوال العام، وزاد من ميزانيته العمومية بأكثر من تريليون دولار من خلال الشراء المكثف لسندات الخزينة والسندات المدعومة بالرهن العقاري. وقد وجد جزء كبير من هذه السيولة طريقه إلى الأصول المالية، وهو ما حافظ على انخفاض معدلات الفائدة وأدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم، وبلغ إجمالي العائدات لمؤشر ستاندرد آند بورز 32.4 في المئة خلال السنة.

السيارات والإسكان

ومع نهاية العام، كان أداء الاقتصاد الأميركي أفضل، ومن بين النقاط المشرقة مبيعات السيارات وقطاع الإسكان وإنتاج الطاقة. وظل استحداث الوظائف بطيئاً، لكن معدلات البطالة حققت تحسناً. وفي أوروبا، كان من المتوقع أن تنتهي حالة الركود وأن يحدث نمو محدود في عام 2014. وقد ظل الاتحاد الأوروبي مستقراً وبدا أن اليورو سيستمر كعملة للقارة، لكن حدثت بعض الإصلاحات البنيوية (مثل الاتحاد المصرفي).

أما في الولايات المتحدة فقد كانت هناك بعض العوامل الأساسية للتفاؤل. وقد أظهر مؤشر مديري المشتريات الصناعي قوة ثابتة وكان من المتوقع أن يحقق الإنفاق الرأسمالي تحسناً. وانتقلت تقديرات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة لعام 2013 من 2.0 في المئة إلى 2.5 في المئة. ومع أن الاقتصاد لم يبدأ بعد بالتسارع، إلا أن النقلة الإيجابية كان لها تأثير على المفاجآت العشرة لعام 2014.

وتُعرّف المفاجأة على أنها حدثٌ مؤثرٌ في السوق والذي أعتقد أن احتمال حدوثه خلال العام أكثر من 50 في المئة، لكن معظم المديرين الماليين يحددون احتمال حدوثه بواحد من ثلاثة. وليست المفاجآت موضع خلاف دائماً، فبعضها يحظى بإجماع المحللين لكنها تكون أكثر تطرفاً.

المشكلات الجيوسياسية

وكنت أرى في مفاجأتي الأولى أن مؤشر ستاندرد آند بورز SandP 500 قد يخضع لتصحيح يصل إلى 10 في المئة في وقت مبكر من العام لأن مواقف المستثمرين كانت متفائلة جداً، ويمر السوق بشكل دائم تقريباً بنكسة عندما تكون معايير الثقة المختلفة (خاصة تلك التي تعتمد على التعاملات) إيجابية جداً. وبرأيي فإن المشكلات الجيوسياسية في العراق أو إيران أو بحر الصين الجنوبي أو أفغانستان ستساهم في زيادة قلق المستثمرين، إلا أنني أعتقد أن مؤشر ستاندرد آند بورز SandP 500 سيرتفع بحدود 20 في المئة خلال العام بأكمله. وبشكل عام، فإن العام الذي يشهد ارتفاع المؤشر بنسبة 25 في المئة أو أكثر يتبعه عام آخر بأداء جيد (مع أنه قد لا يكون دائماً برقم من خانتين)، لاسيما عندما تشهد العوامل الأساسية للاقتصاد تحسناً ملحوظاً.

الزخم الاقتصادي

وقد رأيت في مفاجأتي الثانية أن الزخم الاقتصادي الذي حدث في الجزء الأخير من عام 2013 قد يتواصل، وأن الاقتصاد الأميركي قد يظهر نمواً بما يزيد عن 3 في المئة. كما قلت إن معدل البطالة سيهبط إلى 6 في المئة بنهاية العام. ولم أكن أعلم أنها ستنخفض 0.3 في المئة في ديسمبر، لكن السبب الأساسي لذلك كان انخفاض نسبة المشاركة. وقد رأيت أن معدل البطالة سيتحسن بينما تعود نسبة المشاركة إلى مستوى أعلى نوعاً ما. وقد توقعت أن يواصل البنك الاحتياطي الفدرالي تخفيض برنامجه الشهري لشراء السندات دون حدوث تأثير سلبي سواء على الاقتصاد أو على سوق الأسهم. وفي الربيع الماضي، عندما لمّح بن برنانكي محافظ البنك الاحتياطي الفدرالي وقتها إلى احتمال قيامه بتقليص التحفيز، كانت ردة الفعل حادة من كلا سوقي السندات والأسهم، لكن في ديسمبر عندما تم الإعلان فعلياً عن الموجة الأولى من تقليص التحفيز، واصلت الأسهم ارتفاعها، ذلك لأن المستثمرين عرفوا في ذلك الحين أن تخفيض شراء السندات كان آتياً لكن الاقتصاد نفسه كان يتحسن. وطالما كان هذا هو الوضع، فإن زيادة خفض التسهيلات المالية للاحتياطي الفدرالي سيتم استيعابه من قبل الأسواق المالية دون حدوث اضطراب.

ارتفاع الدولار

وقد توقعت في المفاجأة الثالثة أن يقوى الدولار. وغالباً ما تعكس العملات معدلات النمو المتباينة لمختلف الاقتصادات، وستنمو الولايات المتحدة بشكل أسرع بكثير من أوروبا أو اليابان. لكن العملات تتأثر أيضاً بالسياسات النقدية، والميزانية العمومية للبنك الاحتياطي الفدرالي تتزايد بينما تتناقص ميزانية البنك المركزي الأوروبي (ECB) مع تسديد قروض المصارف في القارة الأوروبية. ويشرح ذلك جزئياً سبب القوة النسبية لليورو مؤخراً. ويقوم البنك الاحتياطي الفدرالي الآن بتقليص شراء السندات، وقد يصبح البنك المركزي الأوروبي أكثر تساهلاً لتعزيز النمو هناك. وأعتقد أن بإمكاننا أن نرى سعر الدولار/اليورو عند 1.25 دولار وسعر الين/الدولار عند 120 يناً.

وتوقعت في المفاجأة الرابعة مزيداً من القوة في سوق الأسهم اليابانية مع خروج الاقتصاد من مرحلة الركود والانكماش المستمرة منذ عشرين عاماً. وقد وصل مؤشر نيكاي 225 إلى 18000 نقطة في النصف الأول من العام مع استمرار تأثير برامج التوسع المالي والتحفيز النقدي بشكل إيجابي على الاقتصاد الياباني.

الصين... معالجة الفساد

وتقع الصين في بؤرة المفاجأة الخامسة. وفي الاجتماع الثالث للقيادة الصينية بهيئتها الكاملة في نوفمبر، تعهدت القيادة بإصلاحات للتعامل مع الفساد وبرامج للحد من أهمية التوسع الائتماني في نمو الاقتصاد. وكان الهدف هو زيادة الإنفاق الاستهلاكي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاستثمار في المشاريع والبنية التحتية المملوكة للدولة.

وتبلغ نسبة الإنفاق الاستثماري الآن 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والإنفاق الاستهلاكي 35 في المئة. والهدف هو عكس هذه النسب، واستعادة الحالة التي كانت قائمة في تسعينيات القرن الماضي.

وأظهرت مختلف الدراسات الموثوقة أنه سيكون من الصعب إنجاز هذا التحول دون تقليص نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين من 7.5 في المئة إلى قرابة 6 في المئة في عام 2014. وستترتب على تباطؤٍ بهذا الحجم آثار اجتماعية وسياسية، وسيكون من المهم مراقبة ما إذا كانت لمجموعة القيادة الجديدة الإرادة السياسية للمخاطرة برد فعل الشعب من أجل إبطاء النمو وتقليص وتيرة استحداث الوظائف.

الأسواق الناشئة

وقد كانت الأسواق الناشئة مخيبة لآمال المستثمرين لسنوات عدة. ومع أن اقتصادات هذه الدول واصلت النمو، فإن أداء أسواق الأسهم كان ضعيفاً. وقد أوصيت في المفاجأة السادسة ببلدين رأيت أن بإمكانهما توفير عائدات إيجابية، إذ تتمتع كل من المكسيك وكوريا الجنوبية بإدارة ملتزمة لديونها وقواعد صناعية قوية. ويجب أن تستفيد المكسيك من ظروف تحسن الاقتصاد في الولايات المتحدة، لكن كوريا الجنوبية قد تتأثر سلباً بالتباطؤ في الصين.

ويتفاءل العديد من المستثمرين بأن زيادة الإنتاج النفطي باستخدام عمليات التكسير الهيدروليكي ستنقل أميركا الشمالية نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول عام 2020.ويعتقد آخرون أن زيادة الإنتاج من العراق وإيران سيغير التوازن بين العرض والطلب وسنشهد انخفاضاً في أسعار النفط عام 2014. إلا أنني أشك بذلك،

خام غرب تكساس

وذكرت في المفاجأة السابعة أن سعر خام غرب تكساس المتوسط قد يرتفع إلى 110 دولارات للبرميل في عام 2014. وقد دفعت حوادث القطارات في داكوتا الشمالية التي ينتج عنها تسرب النفط السلطات لاقتراح معايير سلامة أكثر صرامة عند نقل النفط. وتؤكد المجموعات المهتمة بالبيئة ارتفاع حالات حدوث الزلازل إلى جانب كثافة استخدام الطرق من قبل المركبات الكبيرة والمشاكل المتعلقة بزيادة استهلاك الماء بشكل كبير بسبب عملية التكسير.

ونتيجة لذلك فإن إنتاج النفط بالتكسير قد يزداد بمعدلات أبطأ مما اعتقد كثيرون في البداية (وأنا من بينهم). وبالنسبة للعراق وإيران، لا يمكننا بعد ضمان الاستقرار في هذين البلدين وكلاهما يتطلب استثمارات أجنبية كبيرة للاستفادة من قدراتهم الكاملة في إنتاج الطاقة. وفي الوقت الحاضر، فإن الطلب العالمي على النفط (خاصة من الدول النامية) يزداد بوتيرة أكبر من الإنتاج العالمي، ولهذا السبب فإنني أتوقع زيادة في أسعار النفط هذا العام. وأعتقد أن الكل مجمعٌ على أن سعر النفط الخام سيهبط، لذا فإن كلامي هذا يسير عكس التيار.

قانون الرعاية الميسرة

أخيراً، فقد توقعت في المفاجأة العاشرة حدوث تحوّل في قانون الرعاية الميسرة. وقد أدركت أن إطلاق الخطة كان خطأ فادحاً بسبب الإخفاقات التقنية، وأعتقد أنه يمكن حل ذلك. لكن الأكثر خطورة هو إخفاق الشباب العاملين مكتملي الصحة في الاشتراك بالبرنامج. ويجب أن يتحقق ذلك لكي يكتب لبرنامج الرعاية الصحية العالمي النجاح. وأعتقد أنه سيتم الشروع بنظام الحوافز إذا لم يبادر الشباب بالاشتراك من تلقاء أنفسهم. إذ هذه هي المفاجآت العشرة. ولنر الآن كيف ستدور الأحداث هذا العام. استعدوا إذاً للسير في طريق وعرة، باستثناء عائدات الاستثمار الإيجابية عموماً في الدول الكبرى في آسيا.

* بايرون واين ، نائب رئيس شركة بلاك ستون