عندما كان يخرج هؤلاء "العواجيز" بشكل شبه أسبوعي في نفس المكان وبنفس "الصّفّة" أمامهم عشرات الميكروفونات وخلفهم صورة زعيم الاستقلال، وبجانبهم مراسل "العربية" يرفضون كل شيء ويضعون شروطهم المكثفة، ويسخرون من إجراءات الحكومة، كانت الناس تنتظر منهم أي حلول أو بضع خطوات أو حتى شبه تعاون... التعنت كان صفتهم الدائمة وصبغتهم المعروفة.
وأخيراً وبعد أن سقطت المدنية أظلهم عهد جديد بملامح عسكرية وإجراءات تبدأ بالقتل، لم يعد يخرج هؤلاء أبداً، فهل رأيتم مؤتمراً واحداً أو بياناً يتيماً أو حتى تصريحاً يحمل "ولو" نصيحة؟... أبداً.لقد استبدلوا مهمتهم "القديمة" بحرفة جديدة أجادوها وأبدعوا فيها... اشتغلوا "متعاونين" لكل من هو مسؤول في عصابة الجيش، الحكيم فيهم "خلع" للخارج وترك منصبه ولم نسمع باسمه أو نرى رسمه منذ يوم الهروب. أما الآخرون فاستخدموا أسلوب خدمة معروف وناجح وهو "قبل أن تسأل"، فهم يتحرون ما في نفس الشاويش المجرم ويقترحونه بأنفسهم و"يقتلون" أنفسهم في سبيل تحقيقه، وأخيراً تنازل بالجملة عن ليبراليتهم ومطالب أحزابهم وتاريخهم وخبرتهم.الأردى من عجائز الليبرالية أن جاء أغبياء التدين وجامية العقول الذين ادعوا زورا ارتباطهم "بالنور"... هؤلاء "الخسرانين" أرخوا رقابهم بكل لطف ومودة "ليخطمهم" السيد الجديد ويذهب بهم حيث يريد، وأناخوا أنفسهم طواعية ليثبت "المعزب" على ظهورهم أحماله وأوزاره وسرقاته، وفوق كل ذلك انساقوا وراء نزوات ولي أمرهم واستغنوا عن عقولهم وتناسوا أفهامهم، وقالوا ليس لنا سوى السمع والطاعة مع ما يمكن أن يترتب عليها من جلد أو أخذ أو هتك!الفائدة الوحيدة أنهم اكتفوا بأن يقدم لهم ملكهم أو مالكهم (لا فرق) العشاء في المساء بعد الجهد الذي بذلوه في خدمة "راعيهم" وبمستوى يليق بهم ويناسب جهازهم الهضمي.لن يجدي الحديث ولن تنفع النصيحة مع الخادم والمستخدَم، ولن يكون لهم دور في مستقبل أمتهم القريب، فالعصر القادم مليء بالحرية ومفعم بالمساواة ويطوقه العدل وتجول من خلاله الشفافية، والواحدة من هذه المعاني قد تؤدي إلى أزمة مميتة تسقطهم من حساب الإنسانية وحسبة التاريخ.
مقالات - اضافات
الخادم والمَطيّة
25-01-2014