اكتست إمارة الفجيرة بدولة الإمارات الشقيقة، بألوان خليج عُمان والشواطئ والجبال والهضاب وأشجار النخيل مع الألق الفني، في فن مسرحي متمايز، هو دراما الممثل الواحد، وبدورة سادسة لمهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، عقدت من 20 إلى 28 يناير الماضي على خشبتي مسرح جمعية دبا ومسرح بيت المونودراما وقاعة الندوات الفكرية في فندق ميريان شاطئ العقة – دبا الفجيرة.

Ad

وتحتضن هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام هذا النوع من المسرح منذ عام 2003، بمهرجان فريد في نوعه في المنطقة، بمباركة من حاكم الفجيرة سمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي الذي أصدر توجيهاته ليكون مهرجانا دوليا، بمشاركات عربية وأجنبية، ونال الاعتراف الرسمي من الهيئة العالمية للمسرح ورابطة الممثل الواحد الدولية.

وشهدت الدورة السادسة أول مشاركة من عُمان، واشتملت على 13 عرضاً من الإمارات والأردن والجزائر وجنوب إفريقيا وعمان والصين والسودان وأستراليا وألمانيا وتونس والسويد والكويت.

ولعل أبرز العروض وأقواها في هذه الدورة هو العرض الكويتي «يوميات أدت إلى الجنون» تمثيل وإخراج يوسف الحشاش، الذي حوله من عرض سابق في الكويت يشمل عدة شخصيات إلى مونودراما، وبتقنية الإضاءة التي لعبت دورا كبيرا في العرض، وهي عبارة عن مصابيح تعمل بالبطاريات يحركها أشخاص، تنتقل بالممثل من حالة نفسانية إلى أخرى ومن حدث إلى غيره، مما أذهل الحضور الأجانب، إضافة إلى الأداء والمجهود الكبير المبذول من الحشاش وإمكاناته الفردية في إلقاء «الإفيهات» التي أضحكتهم دون أن تكون هناك ترجمة فورية، واستحق هذا العرض بكل عناصره التقدير من الجمهور بالوقوف والتصفيق فترة طويلة حتى بعد انتهاء الحشاش من التحية.

ومن العروض المتميزة في المهرجان العمل الجزائري «مايا»، تأليف وإخراج بوسهلة هواري هشام، إذ أبدعت الفنانة جناتي سعاد في الأداء الصوتي والجسدي، في تجسيدها لشخصية تقوم بهجرة غير شرعية، إضافة إلى العرض الأخير «شكل الإنسان 1» من ألمانيا تأليف وإخراج وأداء ميناكو سيكي، حيث قدمت الممثلة سيكي حرفية عالية في الأداء الإيمائي والإيحائي، إذ اعتمدت على لغة الجسد ببراعة شديدة، من خلال موضوع تمرد الإنسان على أن يكون مجرد دمية أو روبوت.

أما الحدث الأبرز في المهرجان فهو حصول الفنان القدير عبدالحسين عبد الرضا على جائزة الفجيرة للإبداع المسرحي، التي تسلمها من حاكم الفجيرة في الافتتاح المبهر والرائع للمهرجان من خلال عرض «لؤلوة الشرق». وقد خطف عبدالحسين الأضواء منذ وصوله إلى مكان حفل الافتتاح إلى مراسم تكريمه وصولاً إلى مقعده وتهافتت عليه جموع غفيرة لتحيته والتقاط الصور التذكارية معه، بحضور فناني وإعلاميي الكويت.

وقدم عبدالحسين شهادته الفنية في قاعة الندوات بفندق مريديان، التي حصدت الإعجاب من العرب والأجانب، وكعادته تطرق إلى الكثير من هموم المسرحيين التي لاقت تفاعلاً وتصفيقاً له، حيث طالب بإلغاء الرقابة نهائياً حتى يبدع الفنان ليبقى مع رقابته الذاتية، وإذا حدث مس لأحد ما فستكون المحاكم هي الفاصلة في تلك المواضيع.

ونصح جيل الشباب بأن يأخذوا الأمور بكل رحابة صدر وعدم الاستعجال، لأن الموهوب يجب أن يضحي، مشيراً إلى أن الشهرة أصبحت سهلة الآن بوجود الفضائيات المفتوحة، وبأن جيله وضع الأساس وعلى الشباب التكملة التجميلية بتوافر التقنيات الحديثة وسهولة تقديمها مؤكداً أن الإبداع سيأتي منهم.

وأشار عبدالحسين إلى أن المشكلة الحالية في عدم استمرارية العروض المسرحية في الكويت هي عدم امتلاك المسارح، فيضطر إلى أن يسجل العمل سريعاً، مشيداً بخطوة قطر ومشاريعها الكبيرة في المباني المسرحية إضافة إلى الإمارات واهتمامها بالمسرح، متأملاً كل خير في تنفيذ المطالب المسرحية لأن الفن يعكس حضارة البلد.

وختم عبدالحسين حديثه بأن الأساس في صنع موهبته المسرح المدرسي والفرق الرياضية بالمدارس وفرقة الكشافة، ذاكراً محمد النشمي وعقاب الخطيب ود. صالح العجيري ذلك الجيل الأول الذي حفر بالصخر وتعلم منهم.

يذكر أن الهيئة العالمية للمسرح قدمت شهادة تقدير لعبدالحسين، وأخرى من قبل هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام سلمها له رئيس المهرجان محمد سعيد الضنحناني ومدير المهرجان محمد الأفخم.