في تاريخ الأمم لحظات مهمة وحرجة تحتاج إلى عزيمة وإرادة ورؤية، من بين تلك المحطات خليجياً يأتي عام 2003، حين أصدر الشيخ زايد بن سلطان رئيس الإمارات وحاكم أبو ظبي "رحمه الله" قراراً تاريخياً بتعيين ابنه الشيخ محمد بن زايد نائباً لولي عهد أبو ظبي، الذي كان آنذاك الشيخ خليفة بن زايد، الرئيس الحالي لدولة الإمارات.

Ad

تاريخية وحكمة هذا القرار تنبعان من أنه حسم التنافس على مناصب الحكم وقطع دابر المتنفعين وراء المتنافسين على الحكم مما يتسبب غالباً في فساد مالي، وإداري في مؤسسات الدولة، كما أنه قرار أنهى أي خلاف حاصل أو كان سيحصل في هذا الشأن المهم، مما ساهم بشكل رئيسي في استقرار البلد وثبات بنيته السياسية الحاكمة.

كانت نظرة الشيخ زايد، رحمه الله، صائبة وفي محلها الصحيح، ونتائجها ماثلة أمام الأعين حيث تم الانتقال السلس والهادئ للحكم بعد وفاته لأنه حسم الأمور مبكراً ووضع المعطيات في أماكنها وكأنه كان يقرأ المستقبل.

قبل أيام، تذكرت زايد وقراره التاريخي حينما أعاد التاريخ نفسه مع اختلاف الزمان والمكان والأشخاص، وإن كانت الحبكة السياسية متشابهة عندما أصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية قراراً بتعيين أخيه الأصغر مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، وبقرار مشابه من حيث الفكرة لقرار زايد رحمه الله. كان قراراً صارماً واضحاً لا لبس فيه وحسم الأمر، وقد وضع القرار كلا في وضعه وحدد الانتقال المستقبلي للحكم مما أشاع جواً عاماً من الطمأنينة والارتياح في المملكة الشقيقة، فحسم القرار لأمر مهم كهذا يتعلق بتحديد مصير البلاد السياسي ليس بالأمر السهل بل يتطلب حكمة ونظرة بعيدة تنسجم بها المصلحة العامة لاستقرار البلد مع اتفاق الأسرة الحاكمة على مناصب السلطة.

هذا جانب من المحطات الخليجية المهمة التي ينبغي النظر إليها كعبر ودروس نتعلم منها حيث تداخلت قضايا السياسة والأمن والاقتصاد والأسر الحاكمة ومصير الدول ومستقبلها، وكان لحكمة وحصافة الرأي الفضل الأعظم في الوصول بهذه الدول إلى بر الأمان، رحم الله الشيخ زايد، وأطال الله عمر الملك عبدالله، ووفق الله وأطال عمر سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وولي عهده الشيخ نواف الأحمد حفظهما الله ورعاهما.

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإن فساد الرأي أن تترددا