مفاهيم ومصطلحات مُلتبسة

نشر في 30-04-2014
آخر تحديث 30-04-2014 | 00:01
 د. بدر الديحاني الدستور في نظر البعض هو مجرد أوراق مصقولة مكتوب عليها بخط عريض ومُذهب أحياناً: «الدستور»، بحيث يمكن استخدامه وقت الحاجة فقط أو للتباهي أمام الخارج أو لترتيب مصالح خاصة، بينما الدستور في الحقيقة هو إطار عام لنظام حُكم مدني ديمقراطي، إذ يُحدد العلاقة بين السلطات العامة وبينها وبين المواطنين.

لو سألت فاسداً عن الفساد لقال لك إنه مع محاربته وضد الكسب غير المشروع من دون تحديد دقيق للمصطلحات أو على طريقة "حرامي... حرامي" التي يرددها الحرامي عندما ينكشف أمره كي يصرف الأنظار عن جريمته.

ولو سألت من لا يعترف بالديمقراطية كنظام حُكم بل يحصرها في الديمقراطية السياسية فقط على أساس أنها مجرد سلّم للوصول إلى السلطة، لقال لك إنه مع الدستور والحريات والمدنيّة وكرامة الإنسان وعزته من دون الإفصاح صراحة عن تفسيره لماهية هذه المصطلحات ومعانيها التي يتناقض مع معناها الحقيقي، ولعلك تلاحظ أيضاً أن الكُل يتحدث عن إرادة الأمة من دون تحديد دقيق، أحياناً كثيرة، للآلية التي تتحقق بها هذه الإرادة، والتاريخ مليء بالجرائم التي ارتكبها الطغاة باسم الأمة.

أما مصطلحات مثل التنمية والديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون فقد استُهلكت محلياً حتى فقدت معناها الصحيح، فضلاً عن أن المفاهيم تختلف من طرف سياسي لآخر، فالدستور في نظر البعض هو مجرد أوراق مصقولة مكتوب عليها بخط عريض ومُذهب أحياناً: "الدستور"، بحيث يمكن استخدامه وقت الحاجة فقط أو للتباهي أمام الخارج أو لترتيب مصالح خاصة، بينما الدستور في الحقيقة هو إطار عام لنظام حُكم مدني ديمقراطي، إذ يُحدد العلاقة بين السلطات العامة وبينها وبين المواطنين.

والأمر ذاته ينطبق على سيادة القانون، فالبعض يتحدث عن دولة القانون لكنه لا يرى إطلاقا أن عدم احترام القانون والانتقائية والتعسف في تطبيقه هي انتهاكات صارخة لدولة القانون.

وكذلك الحال بالنسبة إلى الوحدة الوطنية، فأكثر من يعبث بالنسيج الاجتماعي الوطني هم الذين يرفعون ليل نهار شعار المحافظة على الوحدة الوطنية كالحكومة، على سبيل المثال، التي لعبت سياساتها العامة وممارساتها دوراً سيئا أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الوطني، فالكلام مجاني واستخدام المصطلحات والعبارات الرنّانة لا يعني شيئاً ما لم يوضع موضع التطبيق، وكما يقول المثل الشائع "أسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أتعجب"!

من هذا المنطلق، فإنه لا بد من قراءة ما بين السطور وما وراء الصورة التي يخرج فيها من يدّعي أنه حريص على المصلحة العامة سواء داخل الحكومة أو خارجها، أو مَن يُردد مصطلحات التنمية والحرية والديمقراطية والمدنيّة والكرامة، ثم مقارنة الكلام، الذي قد يبهر البعض لوقت قصير بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع، فليس أسهل من تصفيف الكلام الإنشائي المُرسل، ولكن كما يقول المثل "ليس كُلّ ما يلمع ذهباً"!

back to top