مناقشة ظروفها الحياتية أو الاستغلال التجاري؟ الحارة الشعبية محور أفلام موسم الصيف

نشر في 14-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 14-04-2014 | 00:01
تشهد الأفلام التي بدأ طرحها في الفترة الأخيرة، وتلك المقرر طرحها قريباً، استخدام {الحارة الشعبية} كمحور لأحداثها، فهل الهدف استعراض حياة أفرادها من زاوية استهلاكية، أم تبيان حجم المعاناة التي يتعرض لها سكانها؟ وبمَ يستفيد أهلها من تسليط الضوء عليها؟ ولماذا تفلح أغلبها في الفوز بإيرادات؟
{فتاة المصنع}، بطولة ياسمين رئيس، أبرز هذه الأفلام، ويحقق نجاحاً منذ عرضه. تدور أحداثه حول فتاة تسكن في منطقة شعبية وسط ظروف مادية صعبة، وتضطر والدتها إلى قطع تعليمها وشقيقتها، لتعملا في أحد مصانع الملابس، حيث تقع في غرام  مديرها، لكنه يرفضها بحجة بيئتها الشعبية.

كذلك تجسد هيفا وهبي في {حلاوة روح} (ثاني بطولاتها السينمائية في مصر)، شخصية امرأة تقطن في حارة شعبية، يسافر زوجها  لجني المال، فيحاول رجال المنطقة الفوز بها بأي طريقة، فيما ترفض نساء الحارة أسلوبها في العيش بسبب ملابسها المبالغ فيها.

بدوره يناقش {سالم أبو أخته} (مقرر طرحه قريباً)، مشكلة أحد الباعة المتجولين(محمد رجب) وهو شاب بسيط، يسكن في حارة شعبية، ويحلم بتزويج شقيقته (آيتن عامر)، قبل أن يرتبط بحبيبته (حورية فرغلي)، وفي طريقه لتحقيق هذا الحلم يتخبط بمشكلات عدة.

أيضاً، يصور {ظرف صحي} (بطولة دوللي شاهين، ونرمين ماهر، وروان الفؤاد)، قضايا تتمحور حول فتيات يعشن في منطقة شعبية، في إطار اجتماعي يميل إلى الكوميديا.

شعور بالانتماء

توضح وسام سليمان مؤلفة {فتاة المصنع} أن شعورها بالانتماء لبنات الطبقة المتوسطة، دفعها إلى استعراض أبرز مشكلاتهن بطريقة اجتماعية ورومانسية، والضغوط اليومية التي يواجهنها بروح مرحة، أحياناً، في ظل عدم توفير المجتمع حماية كافية لهن.

بدوره يرى محمد سمير مبروك، مؤلف {سالم أبو أخته}، أنه عندما يشرع في كتابة قصة أي فيلم يبحث عن الموضوع المثار على الساحة، أو أبرز الأزمات التي تجذب اهتمام الجمهور، وليس تلك التي تهمّ فئة قليلة منه، وما يشغل بال المواطنين في هذه الأيام مشكلات الطبقة المتوسطة في الحارة الشعبية لذا جعلها محور فيلمه.

يضيف أن من واجب السينما تقديم حلول للأزمات التي تعرضها، لكنه لم يفعل ذلك في الفيلم، بل اعتمد على تيمة الصعود لدى الغلابة، واستخدم نموذجاً هو {سالم} بائع متجول على الرصيف، وبيّن مشكلته مع الأمن الذي يهاجمه، على الدوام، ويطالبه بالتوقف عن عمله، لكنه وزملاءه البائعين يرفضون ذلك لأنه مصدر رزقهم.

يتابع: {يلقي الفيلم الضوء على ضابط الشرطة الذي يشجع بعض البائعين على السرقة، ويفرض عليهم دفع مبلغ مالي في ما يسمى بـ{الأرضية} مقابل تركهم يبيعون في مواقعهم، ويطالب الفيلم بإيجاد حل ليس لسكان المناطق الشعبية كالعادة، بل مع ممثلي القانون.

إثارة مرفوضة

تؤكد الناقدة ماجدة موريس أن مناقشة أجواء الحارة الشعبية بهذه الكثافة ليس عيباً، بل العيب في استخدام هذه التيمة للإثارة، وليس إلقاء الضوء على معاناة هذه الطبقات وفضائلها، وتضيف: {أي قصة في الحياة تصلح أن تكون فيلماً، شرط أن يتضمن فكرة، ووجهة نظر، ورؤية، على ألا تستخدم عناصر الحركة لتحقيق مبدأ الإثارة.

تلفت إلى أن العمل السينمائي الذي يتبع الإثارة والابتذال، يسعى إلى جيوب الناس، وليس غرضه تقديم قيمة اجتماعية، مثنية على فيلم {فتاة المصنع}، باعتباره يقدم حياً شعبياً بكامل أفراده، ويبرز معاناة الفتيات اللواتي يعملن في مصنع، إلى جانب تفاصيل حياة هؤلاء الناس، وأحلامهم، وآمالهم، وشرفهم الذي يعانون للحفاظ عليه، وكفاحهم.

تشير إلى أن {هيام} في الفيلم، عندما صدمها حبيبها برفضه لها كونها فتاة فقيرة من حي شعبي، تفهمت الموقف، وقبل أن تكمل حياتها أرادت أن تثبت له أنها ما زالت حية رغم ما فعله بها، {هذا هو طبع البنت التي تسكن في هذه الأحياء، فخرج العمل واقعياً، وهذه بالطبع براعة المخرج محمد خان}.

تلفت إلى أن أفلاماً كثيرة نجحت في إبراز هذه المناطق الشعبية بسرد حقيقي، من بينها: {بداية ونهاية} للمخرج صلاح أبو سيف، {بنات وسط البلد} إخراج محمد خان، أفلام مخرجي السينما الشباب أمثال ماغي مرجان وفيلمها {عشم}، مؤكدة أن الحارة الشعبية هي {منجم ثري بالقصص والروايات والشخصيات}، لكن المهم أن يحترمه صانع الفيلم ولا يستغله لتقديم عمل  مليء بإفيهات تجارية.

تعزو تحقيق هذه الأعمال إيرادات مرتفعة إلى كون الجمهور الذي يتردد على دور العرض مختلفاً، والأعمال التجارية التي تستعين بعناصر الإثارة منها الرقص والغناء، والعنف والضرب، والجنس لها طبقة شعبية تفضلها كوسيلة ترفيه مرغوبة، في المقابل ثمة طبقة أخرى من المثقفين والجمهور أصبحت أكثر وعياً وتشاهد الأعمال الجادة لتكتشف القيم الجمالية فيها.

ظاهرة مستمرة

يرى الناقد نادر عدلي أن هذه الظاهرة موجودة منذ أكثر من أربع سنوات، على أساس أن تناولها يفتح المجال لوجود غناء ورقص وأعمال البلطجة، وهي حال المجتمع في الفترة الأخيرة.

يضيف: {فتح  نجاح فيلم {حين ميسرة} الذي قدمه المخرج خالد يوسف المجال لانتشار هذه الأفلام، إلى جانب تغيير طبيعة المجتمع، فبعدما كان الاهتمام الأكبر بالطبقة المتوسطة، تغير الوضع الآن لأن الأغلبية التي تذهب إلى دور العرض من الطبقة الشعبية}.

يوضح أن التوليفة التي تتضمنها أفلام الحارة الشعبية سر نجاحها في شباك التذاكر، لذا جذبت النماذج الغريبة وغير التقليدية مثل {اللمبي} المشاهد، عموماً، لأن كثيرين لديهم فضول لمعرفة سر الأفراد الذين يسكنون هذه المناطق الشعبية، بداية من البائع في السوق وصولاً إلى السكان...

يتابع أن هذه الأعمال تتعامل مع قضايا سكان الحارة الشعبية بشكل استهلاكي من دون أي بُعد اجتماعي حقيقي لها، وتبيان تأثير المجتمع عليها، أو تأثيرها في المجتمع، {ذلك خارج هم المؤلفين الذين يكتبون سيناريوهات خالية من العمق، وأكبر دليل على ذلك أن هذه الأفلام تُنسى بمجرد مشاهدتها، وتقديمها مرتبط ببطلها ذي الشعبية الجماهيرية، على غرار هيفا وهبي، ومحمد رمضان}.

back to top