سورية والروسية و{حزب الله} والفارسية
![محمد الحجيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1481796129992608200/1481796130000/1280x960.jpg)
نظام البعث السوري الأسدي أيضاً، وفي خضم القتل والتدمير والخراب والترويع والتهجير والبراميل المتفجرة والدواعش والنصرة والشبيحة، قرر أن يدرّس اللغة الروسية في مدارسه إلى جانب الإنكليزية والعربية. فجأة وجد خبراء المعرفة في حزب الأسد أنه يجب تعليم الروسية في المدارس، وصدر القرار وستتولى آنسات روسيات هذا الأمر... كأن ما كان ينقص نظام التعليم في سورية سوى اللغة الروسية، هذا النظام التعليمي المنتهك بالأفكار القومية والبعثية والمخابراتية وصور البعث على أغلفة القرطاسية، لا تنقذه الحماسة للغة الروسية التي يساعد نظامها آل الأسد في سورية. أقل ما يمكن أن يقال عن استحداث تعليم الفارسية والروسية هو العودة إلى مقولة العلامة ابن خلدون في مقدمته «إن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده»، والسبب «أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه»، الأرجح أن هذه العبارة فيها قدر من الصحة، في وقت بدأ الحديث عن استعمار جديد في سورية، بمعنى احتضر الاستبداد ليحل محله الاستعمار الجديد.ثمة لغة سائدة ومنتشرة بقوة في كل مكان لا أحد يتحمس لتعليمها، هي الانكليزية، لغة السينما والبساطة والقوة والتواصل الاجتماعي، هي لغة منطق القوة الناعمة ولم تأت من منطق الولاء السخيف. لا أحد يقف في وجه الإنكليزية، هي تدخل في بيوتنا وأذهاننا من دون إذن، تطيح بالفرنسية في عقر دارها، وتساهم في تفكيك العربية، هي لغة العولمة قبل أن ينظر المفكرون إلى العولمة.لا بأس أن نتعلم الفارسية والروسية والصينية واليابانية، في زمن تعيش الشعوب مرحلة انهيار اللغة لمصلحة لغة غريبة، تطل برأسها من مواقع التواصل الاجتماعي ومن الشوارع ومن اختلاط الشعوب. لنتذكر أن اللبناني يتحدث ثلاث لغات في جملة واحدة، والعربية هي خليط من عشرات اللغات (الفارسية، السريانية، العثمانية، الحبشية، اليونانية، الإنكليزية، الفرنسية والغجرية...)، ولنتذكر أن في مصر لغة اسمها الروشنة ناتجة من طبخة لغات الشارع، ولنتأمل في أبجدية الـ «فايسبوك» إلى أين ستأخذنا!