الأغلبية الصامتة: معسكر التخلف
الآن وطالما أن نادي المعارضة بات يستقبل الكثير من «الزعلانين» لذلك أرجو أن يغيروا خطابهم قليلاً بإضافة أن منابع التسامح الرئيسة في قبضة الحكومة وفرق ردم التسامح في إجازة مفتوحة، ومجلس ممثلي دواوين الكويت في الجيب، إذاً من أين تأتينا رياح التشدد؟ ومن هو راعي معسكر التخلف الوحيد؟
نريد الهروب منها ولكن أين المفر؟ إنها السياسة تحاصرنا من كل الاتجاهات، هل تريدون مثالاً صارخاً يختصر الكثير من الكلام، كرة القدم هربنا إليها- بالمشاهدة طبعاً- فما الذي أفسد تلك المتعة، نرى الملاعب فنتذكر خيبتنا في "استاد جابر"، ونرى منصات التتويج فنسترجع أيام الذهب والفضة، وكيف انتهينا كأبطال في سباقات العودة للخلف.عندما يحدث التراجع الشامل كما هو حاصل لدينا، تنسحب كل الأسباب لتتقدم السياسة، وأولى علامات هذا المشهد هي دخول أكثر الناس المعروفين بانشغالهم عن السياسة في ملعب السياسة ببراءة وعفوية وبدون أي حسابات مسبقة، هم فقط شعروا بأنهم جُردوا من أشياء أحبوها أو ألفوها بعد أن تبدلت الحال وتزايد عدد المتذمرين.
من بين القضايا التي لا تنفصل عن السياسة وتتأثر فيها بدرجة كبيرة، هي الثقافة والتسامح، الكويت كانت منطلقة في مجال الثقافة وكل ما يندرج تحتها من فروع، كانت العملية التي تسير آنذاك أشبه بحفر المزيد من ينابيع التسامح وإنارة فوانيس النور والتنوير، ماء ونور، ريادة وتفاؤل، إنها بيئة رائعة للعيش للتعايش.تلك البيئة قامت على مداميك ثقيلة أثمرت الكويت بأجمل صورها وأوضاعها، وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، وانظروا من حولكم لتجدوا عناوين الفشل متبخترة "ببشوتها" فوق ركامات ما شيده "المبدعون الحقيقيون"، تم تأسيس هيئات ومجالس وظيفتها رعاية الفنون والثقافة والتراث والإبداع، وتم الصرف عليها تحت بند "رأس مال ثقافي" لدولة الكويت الخسارة فيه معدومة والربح فيه مضمون بصك من عبدالعزيز حسين وأحمد السقاف والدكتور أحمد زكي رحمهم الله جميعاً. بيئة التسامح تلك تغذت على نظام تعليمي ذي نظرة متحفزة للأمام، معلمين أكفاء ومناهج تدعو للبحث والاطلاع خارج المنهج والخط المرسوم. الآن نحن نشكو من التفرقة وقسوة الألسنة ويسر الاندفاع نحو الفتن، ونجهل أين مكمن العلّة، ونسرح في التفاصيل والمسارب الفرعية وننسى أو نتناسى أن السياسة والرغبة المتنامية في خلق مجتمع يخلو من السؤال والنقد والمحاسبة هي التي أوصلتنا لما نحن فيه، وأقصر طريق لذلك الهدف هو الجهل والتجهيل وتنمية فرق وجماعات ردم منابع التسامح.ولأن خيبتنا مضاعفة فقد طبقت سياسة التجهيل بطريقة خاطئة، فما هو معلوم ومجرب في دول أخرى أن الرياضة تمنح أولوية كبيرة لإشغال الشباب بالدرجة الأولى بالمنافسات غير السياسية، كما تمنح الثقافة الموجهة بطبيعة الحال صروحاً وقصوراً ضخمة بغية استئناس أكبر قدر من المثقفين وتدجينهم للقيام بتجميل أنظمتهم في الخارج و"تلقيم" الرعية آيات الفخر والاعتزاز كونهم يعيشون تحت ظل القيادة الحكيمة.نحن هنا أبدعنا فدمرنا الرياضة وجففنا الثقافة وسحبنا الناس من البورصة نحو ساحة الإرادة، ومع كل تغريدة جديدة يولد سياسي "محنك"، ولأن الهدف هو البقاء والسيطرة فكل موقع أو نص أو ممارسة أو عرف متوارث بات مرشحاً للاستخدام كسلاح أو طوق نجاة.الآن وطالما أن نادي المعارضة بات يستقبل الكثير من "الزعلانين" لذلك أرجو أن يغيروا خطابهم قليلاً بإضافة أن منابع التسامح الرئيسة في قبضة الحكومة وفرق ردم التسامح في إجازة مفتوحة، ومجلس ممثلي دواوين الكويت في الجيب، إذاً من أين تأتينا رياح التشدد؟ ومن هو راعي معسكر التخلف الوحيد؟