نشر في الصحافة المحلية قبل مدة إعلان من "هيئة الزراعة" يتعلق بتوزيع ستمئة مزرعة على الشركات والمؤسسات التي رأسمالها نصف مليون دينار، والهدف من الإعلان وتوزيع هذه المزارع، كما ذكر، يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي للبلاد.

Ad

إلى هنا والعنوان براق وطيب، إنما الحقيقة المؤلمة هي غير ذلك، فالمزارع ستوزع على مئات الشركات التي أكثرها ذات اختصاصات أبعد ما تكون عن الزراعة، فمثلاً يأتيك طلب مزرعة من شركة أدوات صحية أو شركة أثاث أو حتى مصبغة ملابس، والسبب أن رأسمالها نصف مليون دينار! في حين معرفة تلك الشركات بالزراعة صفر على الشمال!

هل يعقل هذا التصرف الغريب العجيب من هيئة زراعة يفترض أنها هي من يعرف أهل هذه المهنة ومن هم الذين يغطي إنتاجهم السوق المحلي فعلياً من المنتجات الزراعية، ويأخذون على عاتقهم مهمة كبيرة في تحقيق الأمن الغذائي للبلد؟

بدلاً من دعم هؤلاء، وتسهيل أمورهم يأتي إعلان غريب عجيب يطلب ستمئة شركة متنوعة ليتم توزيع المزارع عليها؛ لتحقيق الأمن الغذائي المزعوم؟!

على الأغلب إن من سيحوز هذه المزارع من غير المختصين، إذ سيكتفي بتسويرها، ومن ثم جعلها منتزهاً أو حتى مزرعة للإيجار، ثم بعد مدة يبدأ ببيعها، وتعال وقتها وحاسبه على الأمن الغذائي!

إن أهل المزارع المنتجين هم من تنطبق عليهم الشروط وبدقه أيضاً، فإن أردت ترخيصاً فعقد المزرعة يعتبر ترخيصاً للزراعة، وللمزرعة اعتماد توقيع، وقيمة المزارع تساوي الواحدة نصف مليون دينار على الأقل، والهيئة أساسا لديها إحصاءات دقيقة بإنتاجهم، وحجم تغطيته للسوق المحلي، وفي الأصل تعرف الهيئة أن عددهم لا يتعدى مئة مزارع أو أكثر بقليل... إذاً لماذا تذهب الهيئة بعيداً، والذين تنطبق الشروط عليهم موجودون، ويعملون على أرض الواقع، ومنتجاتهم تغطي البلد؟ هل نتذكر المثل المعروف "وين إذنك يا جحا"؟

أيضاً هل حسبت الهيئة حساب توفير الكهرباء لهذه المزارع الجديدة؟ وهل فعلاً ستكون قادرة على تغطيتها بالكهرباء اللازمة، مع العلم أن كهرباء مزارع الوفرة في الوقت الحالي لا تكفيها، وتشهد انقطاعات مستمرة بين الفينة والأخرى؟

وأيضاً المياه المعالجة هل حسبت الهيئة حسابها للمزارع الجديدة، وهي التي لم تغط المزارع الحالية بتلك المياه؟!

لم أكتب هذه الكلمات لقطع أرزاق أو التأثير في أي كان، إنما مصلحة البلد فوق أي اعتبار، وليس لدي شك في نزاهة رئيس الهيئة جاسم البدر وأمانته، إنما هذه الكلمات لتنبيهه، ولوضع النقط على الحروف، وكلنا يد واحدة في خدمة الكويت.