افتتاح القمة الأميركية - الأفريقية بالدعوة لتداول السلطة

نشر في 05-08-2014 | 12:23
آخر تحديث 05-08-2014 | 12:23
No Image Caption
شددت واشنطن الأثنين في افتتاح قمة الولايات المتحدة - أفريقيا غير المسبوقة والتي تشارك فيها 50 دولة أفريقية وتركز على الاقتصاد، على مكافحة الفساد وحماية حرية التعبير وكذلك أيضاً وبشكل خاص على احترام تداول السلطة.

وتجمع هذه القمة المنعقدة في العاصمة الفدرالية واشنطن ممثلين عن 50 دولة أفريقية هم 35 رئيساً وتسعة رؤساء حكومات وملك واحد هو عاهل سوازيلاند، آخر نظام للملكية المطلقة في القارة السمراء، وتستمر القمة ثلاثة أيام وتنعقد في الوقت الذي يثير فيه انتشار فيروس ايبولا الوبائي في غرب القارة قلقاً كبيراً.

والهدف الأساسي لهذه القمة هو نسج علاقات اقتصادية أكثر متانة بين الولايات المتحدة وأفريقيا، المنطقة الواعدة التي تسجل معدل نمو أكبر من بقية العالم يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 5,8 بالمئة في 2015، وتطمح واشنطن من خلال هذه القمة إلى حجز مكان لها كشريك اساسي في منطقة وصفها الرئيس الاميركي باراك اوباما قبل عام "بقصة +النجاح الكبرى+ المقبلة في العالم".

ولكن في اليوم الأول لهذه القمة، دعا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن القادة الأفارقة إلى مكافحة "سرطان الفساد"، ليليه وزير الخارجية جون كيري بالدعوة إلى بناء "مجتمع مدني قوي، واحترام الديموقراطية ودولة القانون وحقوق الانسان".

وكرر كيري مثال رئيس جنوب أفريقيا السابق نلسون مانديلا مشدداً على أن أغلبية شعوب أفريقيا تؤيد حصر حكم قادتهم بولايتين، وقال "سنحث القادة على الاحجام عن تعديل الدساتير لمصالحهم الشخصية أو السياسية"، مؤكداً على أن وجود "مؤسسات قوية" أفضل من وجود "رجال أقوياء".

والتقى الوزير الاميركي صباحاً رئيس الكونغو الديموقراطية جوزيف كابيلا، علماً بأنه طلب منه مباشرة في مايو خلال زيارة لكينشاسا، احترام حدود الولايتين الذي يفرضه القانون التاسيسي الكونغولي، قبل انتخابات 2016.

لكن كيري لم يتحدث عن غينيا الاستوائية ورواندا واوغندا وانغولا والكاميرون ورؤسائهم الثابتين بالتوالي تيودورو اوبيانغ نغيما وبول كاغامي ويويري موسيفيني وادواردو لوس سانتوس وبول بيا.

في المقابل التقى رئيس بوروندي بيار نكورونزيزا وتطرق معه إلى "احترام القانون والجهاز القضائي والجيش والمؤسسات التي تحمي المواطنين".

ورد الرئيس البوروندي بالفرنسية أن بلاده في مرحلة "ما بعد النزاع" وأنه "يستمتع اليوم بأرباح السلام".

كما وعد كيري بأن تواصل بلاده الدفاع عن "حرية الصحافة بما فيها للصحافيين الملاحقين بتهمة الارهاب أو المسجونين لأسباب اعتباطية".

وفي ذلك ربما إشارة إلى مصير صحافيي قناة الجزيرة القطرية في مصر، ومن بينهم الأسترالي بيتر غريست الذين حكم عليهم بالسجن بين 7 و10 سنوات بعد ادانتهم بدعم الاخوان المسلمين، كما وجهت أثيوبيا اتهامات إلى سبعة مدونين وثلاثة صحافيين "بالارهاب".

ولم يشارك الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي في قمة واشنطن، لكن رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريم ديساليغن فعل، وتتعاون الولايات المتحدة مع أثيوبيا على المستوى الأمني في المنطقة، لا سيّما في الصومال.

من جهته اعتبر وزير الخارجية السوداني علي كرتي أن مشاركة غالبية الدول الأفريقية الأثنين في واشنطن في أول قمة بين الولايات المتحدة وأفريقيا في ظل عدم مشاركة السودان هو أمر "غير طبيعي".

والرئيس السوداني عمر البشير هو واحد من أربعة قادة افارقة لم يوجه إليهم الرئيس باراك أوباما دعوة لحضور هذه القمة التي تستمر ثلاثة أيام وتهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأفريقيا.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وإبادة في إقليم دارفور فيما فرضت عقوبات اقتصادية أميركية على الخرطوم منذ 1997.

وفي الملف الاقتصادي، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الثالثة على لائحة الشركاء التجاريين لأفريقيا، بعد الاتحاد الأوروبي والصين.

ويؤكد البيت الابيض أن مبادرته هذه ليست رداً - متأخرا - لمشروع "أفريقيا الصينية"، مع أنه من الواضح في التصريحات الأميركية أن اندفاع الصين الواضح باتجاه القارة في العقد المنصرم، ماثل في الاذهان.

وقال أوباما في مجلة ذي ايكونوميست "نصيحتي للقادة الأفارقة هي التأكد من أنه إذا شيدت الصين طرقاً وجسوراً، فمن جهة أن توظف عمالاً أفارقة ومن جهة أخرى ألا تكون الطرق لربط المناجم بمرفأ شنغهاي فقط بل أن يكون للحكومات الأفريقية كلمتها في الشكل الذي ستكون عليه البنى التحتية مفيدة على الأمد الطويل".

ويتضمن برنامج المحادثات تمديد البرنامج الأميركي الذي يمنح امتيازات تجارية لبعض المنتجات الأفريقية ويطلق عليه اسم "اغوا" ومبادرة "القوة لأفريقيا" (باور أفريكا) التي تهدف إلى مضاعفة كمية الكهرباء التي تحصل عليها منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.

وفي ملف الأمن، ستتطرق القمة حتماً إلى تهديد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وهجمات بوكو حرام المتكررة في نيجيريا والحرب الأهلية في جنوب السودان وحتى هجمات حركة الشباب الأصولية الصومالية في كينيا.

ويؤكد الرئيس الأميركي أن إحدى القضايا الأساسية في القمة هي "ايجاد وسائل لتعزيز القدرات الأفريقية في جهود حفظ السلام وتسوية النزاعات".

وقبل أن يتوجه إلى واشنطن، أكد الرئيس الكاميروني بول بيا أن هذا اللقاء سيشكل فرصة لاقامة "استراتيجية أقليمية" حقيقية مع نيجيريا والنيجر وتشاد لمكافحة بوكو حرام، وأضاف "بما انها حركة ارهابية دولية يجب التحرك على صعيد دولي".

وستحتل مقدمة المواضيع أيضاً الأزمة الصحية المتمثلة بانتشار فيروس أيبولا المسبب للحمى النزفية في غرب أفريقيا حيث توفي 887 شخصاً حتى الآن بهذا المرض، بحسب حصيلة نشرتها منظمة الصحة العالمية الأثنين.

ولانشغالهما في التصدي لما يعد اكبر انتشار لهذا المرض خلال حوالي أربعين عاماً، عدل رئيس سيراليون ارنست باي كوروما ونظيرته الليبيرية ايلين جونسون سيرليف عن التوجه إلى الولايات المتحدة.

واجتمع مسؤولون من هذين البلدين الأفريقيين في واشنطن الاثنين على هامش القمة، مع الرئيس الغيني الفا كوندي ووزيرة الصحة الأميركية سيلفيا ماثيوز بورويل للبحث سويا في طبيعة المساعدة اللازمة لايجاد "رد فعّال" على هذه الأزمة الصحية.

واتخذت الولايات المتحدة اجراءات صحية استثنائية يخضع بموجبها موفدو الدول التي سجلت فيها اصابات لاجراءات مراقبة طبية، مع احتمال وضع أي شخص من عداد هذه الوفود في الحجر الصحي اذا ما ظهرت عليه عوارض الاصابة بالفيروس.

ولم يخطط الرئيس الأميركي لعقد أي لقاء ثنائي إذ أن البيت الأبيض يركز على عشاء كبير سيقام في البيت الأبيض مساء الثلاثاء ويشكل تحدياً لوجستياً ودبلوماسياً كبيراً، ولكن أوباما سيشارك شخصياً في أعمال القمة يومي الثلاثاء والأربعاء.

ورداً على سؤال عن رأيه بما فعله أوباما لافريقيا قال رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما أن الرئيس الأميركي "كان بامكانه أن يفعّل أكثر مما فعل" للقارة السمراء منذ وصوله إلى البيت الأبيض في 2009.

ولكن زوما استدرك، أكد على أن أصول أول رئيس أسود للولايات المتحدة جعل مهمته صعبة، وقال "بطريقة ما هذا الأمر لم يساعده، لأن الكثير من الناس ينظرون إليه من هذا المنظار، وهذا الأمر يجبره على أن يكون شديد الحذر"، معتبراً بأن أداء الرئيس الأميركي يعتبر من هذا المنظار "جيداً".

back to top