درس علاء الأسواني
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
أتفهم أن تكون الرواية أو الشعر موهبة يصقلها الطبيب والمهندس والحداد والنجار بالقراءة، مقتطعا وقتا من أوقات تخصصه المباشر ليبدع فيها ويصل إلى مرحلة يتوقف عن ممارسة عمله الأصلي للتفرغ لها، وأتفهم أن يتعلم الإنسان السياسة ويتفرغ لها أو يتفرغ للدين وهكذا. لكن لا أستطيع أن أتفهم كيف يكون بحارا قويا وصلبا في أبحر متعددة في وقت واحد. الخطأ الأكبر الذي عشناه ولا نريد التخلص منه هو إيماننا بتداخل الاختصاصات واستسهال الحديث عنها ببعض المعرفة أو قشورها أحيانا في مقاربة مع ما تفعله أغلب الأسماء اللامعة التي تسطع في البرامج الحوارية، دون أن تقول شيئا مفيدا إن لم يكن في تخصصها المباشر، وفي الأغلب هي مازالت قاصرة في فهم تخصصها المباشر. وخطأ الأديب والشاعر والروائي في دخول الصراع السياسي يتحول الى خطيئة إذا أراد الاستمرار في حياته كأديب وروائي وشاعر. فالأديب في كل أعماله يصرح بأنه مع الإنسان دون أن يمايز بين موقف هذا الإنسان السياسي أو العقائدي، هو مع الإنسان وكفى.وقوع الأديب في شبكة التحزب والانتماء لفصيل حزبي يخرجه من دوائر إنسانية عديدة لا تنتمي إلى حزبه ويجعله صوتا أحاديا موجها لغاية سياسية، وفي ذلك يرسم نهاياته متى ما انتهى هذا الحزب. والأمثلة كثيرة في العراق وسورية ومصر وغيرها، ولا نريد سردها لأن ملفات هؤلاء شائكة.ربما السؤال الآن: أليس من حق الأديب أو الكاتب أن يكون صاحب موقف سياسي؟ بالتأكيد هو صاحب موقف سياسي دون أن يكون صاحب دور سياسي، هو صاحب موقف سياسي قد يتغير تبعا للمعطيات السياسية، أما تصدره لدور سياسي فالتغير سيطيح به سياسيا أولا ثم أديبا ثانيا. أبسط مثال يعرفه الأديب هو كم الروايات والأشعار والورق الذي مجد الأحزاب السياسية والتي يحاول الجميع شطبها من حياتهم حين ينتهي الحزب أو يصل الى مرحلة العقم السياسي، بعد أن توقف القارئ عن قراءتها تأكيدا لابتعاد الأدب عن الحزبية، وخروج أسماء كتابها من الساحة إذا لم يمتلكوا الوقاحة اللازمة للعودة.