القضاء يلزم «الصحة» ابتعاث مواطن للعلاج لتسببها في خطأ طبي

نشر في 31-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 31-01-2014 | 00:01
No Image Caption
المحكمة: العلاج بالخارج حق دستوري إذا عجزت الدولة عن توفيره داخلياً
فتح القضاء أبواب الابتعاث للعلاج في الخارج واسعا أمام الحالات التي يتعذر علاجها في البلاد، من خلال حكم يعتبر سابقة في هذا المجال، بإلزام "الصحة" بابتعاث بعض الحالات المرضية طالما عجزت عن تأمين سبل العلاج لهم محليا.
في حكم قضائي يعد الأول من نوعه، قضت المحكمة الإدارية، برئاسة المستشار ناصر الاثري، بإلزام وزارة الصحة ابتعاث مواطن للعلاج في الخارج على نفقة الدولة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل، بعدما أثبتت أوراق الدعوى عجز الوزارة عن توفير العلاج اللازم له، وهو الحكم الذي يفتح للمواطنين باب اللجوء للقضاء الاداري في حالة رفض الوزارة السماح لهم بالعلاج في الخارج.

‏‫وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها أمس الاول، إن "المواطن تعرض لحادث مروري، وتم تحويله الى مستشفى الفروانية، وكان يعاني كسرا مفتوحا في الفخذ الايمن، وكسرا في الكاحل الايمن، وقد اجريت له عملية جراحية تمثلت في استخدام مسمار جي كيه بين النخاع لتثبيت اطار الكسور".

وأضافت انه "اثناء العملية انكسرت قطعتان من (لقمة مسمار من مثقاب) ريشة الدريل المستخدم، ما نهض واياه قوام شبهة الخطأ الطبي، فبادر بتقديم شكوى ضد الجهة الادارية، ومازالت منظورة امام جهة التحقيق، وقد تم تحويل المدعي قبل ذلك الى مستشفى الرازي واجريت له عملية جراحية أخرى تمثلت باستبدال المسمار بمسمار زنادي".

لقمة مسمار

وتابعت المحكمة: "اثناء اجراء العملية الثانية وجدوا لقمة مسمار مكسورة قطعتين، واستطاعوا اخراج واحدة منها فقط والثانية من الصعب إخراجها وفقا للثابت بالتقارير الطبية، لاسيما انها قريبة من الشريان الفخذي العميق، وهو ما لم تتمكن الهيئة الطبية المشرفة على علاج المدعي من ازالتها، وبدأ المدعي الحركة باستخدام عصا ارتكاز، وظل يشكو من الم في الفخذ والركبة وبدأ العلاج الطبيعي".

وزادت: "بعد ذلك ونظرا لظهور ورم في ركبة المدعي وورم آخر في رأسه بشكل لافت فقد اوصى الاطباء بإجراء اشعة رنين مغناطيسي على الركبة والرأس لتشخيص تلك الاورام، وايجاد العلاج المناسب لها، بيد ان قسم الاشعة رفض اجراء تلك الاشعة بسبب وجود لقمة المثقاب (ريشة الدريل) المكسورة، ومن ثم لا يستطيع بوجودها قابعة بجسم المدعي دون إزالة اجراء الاشعة المذكورة الا بعد معرفة نوع لقمة المثقاب المكسورة بصورة محددة، باعتبار انه جسم غريب (حديدية مغناطيسية)، ويجب حتى يتم إجراء الاشعة للمخ والعمود الفقري والركبة ان يعرف نوع لقمة المثقاب، ومنصوص عليه بوضوح على انه متوافق مع الرنين المغناطيسي من قبل المصنع، وهو ما لم تتمكن وزارة الصحة من تحديده دون عذر، وفقا لتقاريرها الطبية بهذا الشأن".

واردفت: "نظرا لعجز وزارة الصحة العامة عن توفير العلاج الجراحي المطلوب للمدعي أو تحديد نوع المثقاب داخل الكويت أو اجراء اشعة الرنين المغناطيسي فإن المدعي توجه الى طلب العلاج بالخارج لاستيفاء التشخيص المناسب، ومن ثم العلاج الذي عجزت وزارة الصحة عن تحديده".

نوازع الكيد

وقالت المحكمة إن "قرار وزارة الصحة بالامتناع عن ابتعاث المواطن شابه بعض نوازع الكيد والهوى، ويكون رفضها قائما على سببه غير المبرر له، وخالفت بذلك حكم القانون والدستور الذي كفل للمواطنين كل الحق في الرعاية الصحية واناطها بالدولة التي هي ملجأهم الوحيد بعد الله سبحانه وتعالى، والتي عليها واجب الوفاء بكل مقومات الرعاية الصحية لجميع مواطنيها وهو حق قانوني ودستوري مقرر، وهو ما يتعين معه على المحكمة ان تقضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما ترتب على ذلك من آثار أخصها اصدار قرار بعلاجه بالخارج على نفقة الدولة، لاسيما انه من المقرر ان كل وجه من وجوه عدم مشروعية القرار كاف بذاته لتبرير الغائه".

وبينت ان "العلاج بالخارج ليس ترفا أو مظهرا من مظاهر الرخاء والاسترخاء، وانما هو محمول بالمشقة، ومن العدل والرحمة ان يتمتع به من هو أهل له, ووفقا للثابت بالاوراق فإن هناك من تم ارسالهم للعلاج بالخارج بحالات مشابهة لحالة المدعي او اقل منه، ما ينهض معه قوام التمايز غير المبرر بين الاشخاص المتساوين في المراكز القانونية".

وأشارت الى انه "وإن كانت مسألة المرض والعلاج بالخارج مسألة طبية فنية وبحاجة الى خبرة ولجنة خاصة نص عليها القانون للبت بهذا الامر قد لا تتوافر لدى المحكمة على اطلاقه حتى تقرر العلاج بالخارج من عدمه فإن المحكمة تؤكد وبحق ان الجهة الادارية لم تنازع في ثبات المرض بحق المدعي، ولم تنازع بحاجته الى العلاج التي انتهت المحكمة لمقاصده، بل انها قدمت كل ما يفيد مرضه وحاجته الى العلاج، وما هو نوع العلاج مما جعله أمرا محسوما، وانما نازعت بإرساله الى العلاج في الخارج، وهو امر طالما لم توفره هي بالداخل فإنها مسؤولة مسؤولية قانونية عن تسهيل التمتع به بالخارج".

واكدت انه "فضلا عن ان القاضي باعتباره الامين على الدعوى الادارية يقدر بحرية ما اذا كانت البيانات الموجودة بالملف كافية للفصل فيه دون انتظار اي اجراء آخر بمراعاة ان تكون الوسيلة أوفى بالنتيجة من ناحية واقل في التكاليف والجهد من ناحية أخرى، فلم يكن هناك بالأوراق فكر وفكر مضاد بهذا الشأن، وهذه معادلة يحكم فيها اليوم وهي رؤية للمستقبل، لاسيما ان المدعى اصيب نتيجة التقصير الطبي الثابت بالأوراق بإعاقة ونسبة عجز يقدر بـ25%، وعانى ما عناه من ألم لا يضاهيه اي الم آخر، وهو في مقتبل العمر، وقد قرع باب المحكمة الادارية لإنصافه".

back to top