ألوان غنائية مختلفة أو لون واحد... ماذا يختار الفنان؟

ملاءمة طبقة الصوت أحمد عبدالمحسن

نشر في 11-01-2014
آخر تحديث 11-01-2014 | 00:01
هل انتفى عصر تصنيف المطرب بين رومانسي وشعبي وإيقاعي وسيطر عصر المطرب الشامل الذي يؤدي الألوان الغنائية كافة لإرضاء أكبر نسبة من الجمهور؟ بالتالي، هل باتت معادلة النجاح تنحصر في التنويع في الكلمات والألحان وظهور المطرب بصورة جديدة مع كل أغنية يصدرها أو ألبوم يطرحه؟
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن مع شيوع {الخلطات} الفنية، وازدياد حدة المنافسة بين الفنانين، في ظل انتشار الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي التي تختصر طريق الانتشار، وفي الوقت نفسه تختصر طريق الفشل والهبوط. لذا يحرص فنانون كثر اليوم على كسر الصورة النمطية وتجنب التكرار في محاولة لاستقطاب الجمهور وتأمين الاستمرارية على الساحة الفنية.
حول مدى ارتباط النجومية اليوم بقدرة الفنان على أداء ألوان غنائية مختلفة، استطلعت {الجريدة} آراء مجموعة من النجوم العرب.
صلاح حمد خليفة

{أفضّل اللون الغنائي الطربي على الألوان الأخرى، لأن هذه الأغاني متجددة باستمرار ولا تنتهي أبداً} يؤكد الفنان صلاح حمد خليفة، موضحاً أن الأغاني اليوم عمرها قصير وتنتهي مع مرور الوقت، على عكس ما كانت عليه في السابق من تميّز في الكلمات وجمال الألحان.

 يضيف: «ما يثير استغرابي ضعف الكلمات والألحان وركاكتها  في غالبية الأغاني، مع أن أموالاً هائلة تصرف على تسجيلها. في السابق كان الملحن يسهر ويركّب الألحان على الكلمات، أما اليوم أصبح التلحين مسألة تجارية. يضع الملحنون الألحان بسرعة مقابل مبالغ مالية، ويوزعونها على الفنانين الشباب».

يوضح خليفة أن المطرب الحقيقي يجب أن يبدع في الألوان الغنائية كافة، والجمهور هو الحكم في هذه المواقف، يتابع: {أعتقد أن مطربين كثراً في الوقت الراهن متمكنون ويستطيعون أداء الألوان الغنائية كافة، ويعود ذلك إلى الفنان نفسه. بالنسبة إلي أفضل اللون العدني والطربي، ولا أمانع من أداء الألوان الغنائية الأخرى في حال تمتعت بكلمات قوية وألحان  متماسكة. برأيي على المطرب أن يؤدي الألوان الغنائية التي يفضلها الجمهور ليبلغ  النجاح}.

عبدالعزيز الويس

 «لا يهمني لون الأغنية أو إيقاعها، بل أن تكون راقية وبعيدة عن الإسفاف والمبالغة»، يقول الفنان عبدالعزيز الويس مشيراً إلى أن ثمة أغاني خرجت في الآونة الأخيرة تضمنت كلمات غير لائقة وفي غير محلها.

يضيف: «يجب أن يبحث الفنان عن أغنية تعبر عن حالة ما أو تتناول قصة معينة، وأن تخرج بشكل لائق، بغض النظر عن لونها».

يتابع: «بالنسبة إلي، أؤدي الأغاني التي تحمل المواصفات التي ذكرتها. أبحث دائماً عن ألوان غنائية مختلفة وأختار ما يلائم طبقة صوتي وطريقتي في الغناء، وفي بعض الأحيان أبحث عن أغانٍ كلاسيكية هادئة ذات كلمات مميزة أو أغنية راقصة لكنها تحمل في جعبتها حكاية».  يوضح الويس أن لكل فنان لوناً معيناً وطريقة خاصة بالغناء، ومن النادر وجود فنان يؤدي الألوان الغنائية كافة بكفاءة عالية، {فلو وجدنا فناناً واحداً يجيد ذلك لاكتفى الجمهور به. قد يبدع الفنانون باللون الطربي إنما لا يستطيعون أداء الألوان الأخرى بكفاءة عالية. صحيح أن الأمور تختلف من شخص إلى آخر، لكن لو حاول كل فنان الخروج عن لونه الغنائي المعتاد ربما سيجد صعوبة في تقبل ذلك}.

أسامة المهنا

{على الفنان أن يكون قادراً على تقديم الألوان الغنائية كافة ليرضي شغفه}، يؤكد الفنان أسامة المهنا موضحاً أن الجمهور يعشق الفنان الذي يجيد غناء الألوان الغنائية كافة، لذلك يحاول فنانون كثر اليوم القيام بذلك.

يضيف: {بالنسبة إلي أفضل التنويع في خياراتي، وأداء الألوان الغنائية المختلفة، ذلك أن طبقة صوتي تخولني أداءها وأنا أجد نفسي فيها، وهو أمر يفرحني.  تساعد الكلمات والألحان الفنان كثيراً، لذا يجب أن يكون اختياره دقيقاً ويقدم كل جديد ومتميز ليكسب من خلاله جمهوراً عريضاً}.  

عبدالعزيز الضويحي  

{أفضل غناء اللون الرومانسي أكثر من الألوان الأخرى لأني أجد نفسي فيه}   يوضح الفنان عبدالعزيز الضويحي، مشيراً إلى أن اختياره الأغاني والألوان الغنائية يأتي حسب طبقة صوته.

 يضيف: {كل فنان يجد نفسه في لون معين وله طريقة معينة بالغناء، حسب قدرته الصوتية. للأسف أصبحت الألوان الغنائية من السامري إلى فن الصوت وغيرهما من الماضي، وغاب الفنانون المختصون بها تقريباً، إذ يتجه الجميع نحو الأغاني الإيقاعية والكلاسيكية وألوان أخرى}.

يشير الضويحي إلى صعوبة توافر فنان واحد يجيد الألوان الغنائية كافة، خصوصاً في الوقت الراهن، يتابع: {يمتاز فنانون كثر بأصوات وقدرات هائلة ويستطيعون أداء ألوان غنائية مختلفة، لكن لن تصل هذه التجارب إلى حد الاتقان، فعلى سبيل المثال، يمتاز نبيل شعيل بطبقة صوتية هائلة تخوّله أداء الألوان الغنائية كافة، لكنه يمتنع عن غناء بعضها، كذلك الأمر بالنسبة إلى فنانين آخرين يعرفون تماماً أن أداء الألوان الغنائية بإتقان أمر صعب للغاية}.

المهم الإحساس في الاختيار

«أحب الأغنيات التي تكون من نوع السهل الممتنع فلا يجد المستمع صعوبة في فهمها، ويستطيع تردادها عند سماعها للمرة الأولى» تقول فيفيان مراد، موضحة أن  صدق إحساسها جعلها تصل إلى الجمهور من خلال الأغنية الرومانسية.

تضيف: «أسمع هذا الكلام كثيراً وأفتخر به، لأن ما من أغنية تصل إلى المستمع في حال لم ينبض أداؤها بإحساس جميل نابع من القلب. أنا حساسة بطبعي وأي شيء ممكن أن يفرحني أو يحزنني، وحين أؤدي أي أغنية أعيش الحالة تماماً. من هنا اختار تلك التي أشعر بها عند الاستماع إليها للمرة الأولى، لأنني أعرف أن هذا الإحساس الصادق سيصل إلى المستمع مباشرة».

عما إذا كانت ستحصر نفسها باللون الرومانسي الذي يغلب على أغنياتها تؤكد: «لا، بل أريد إثبات نفسي في الألوان الغنائية كافة، لأن لديّ إمكانات صوتية تخولّني ذلك، وأعمالي المقبلة تتضمن مواويل وأغنيات إيقاعية وطربية...».

تتابع: «التنويع ضروري في مسيرة الفنان، ومن يشاهدني في الحفلات والأعراس التي أحييها يلمس قدرتي على تقديم أكثر من لون ولهجة».

وعما إذا كانت تعتبر أن من يؤدي لوناً غنائياً واحداً ليس ناجحاً تعلق: «على الفنان اختيار ما يليق بصوته، فمن ينجح في اللون الرومانسي فحسب عليه أن يقوّي نفسه فيه وألا يتعدّى على ملعب غيره وبالتأكيد سيحقق نجاحاً. أما الفنان القادر على أداء ألوان غنائية مختلفة ويحصر فنه بلون واحد فهو يظلم نفسه ولا يسمح للجمهور بالتمتع بخاماته الصوتية المختلفة».

نيللي مقدسي

{من حق الناس الذين يحبونني أن يسمعوني في أكثر من لون غنائي} تؤكد نيللي مقدسي التي اشتهرت بالأغنيات التي يغلب عليها الطابع الإيقاعي والمليئة بالحركة، مشيرة إلى أنها تميل إلى الأغنيات الإيقاعية النابضة بالفرح، {لكن ثمة جانباً رومانسياً في شخصية كل إنسان، تماماً كما يوجد الجانب الفرح والسعيد}.

تضيف: {تميزت باللون البدوي والإيقاعي السريع منذ انطلاقتي وحققت انتشاراً ويطالبني الناس بالمزيد. لا أعتقد أن أحداً غيري برع به رغم أن فنانات كثيرات يؤدين أغنيات بدوية، فأنا مثابرة عليه وأقدم أعمالاً تتميز بالغرابة سواء في المواضيع أو الكليبات}.

وعما إذا كان الناس يتقبلون انتقال الفنان من اللون الإيقاعي الذي أحبوه فيه إلى الرومانسي توضح: {لا يرفض الناس العمل الجميل، وأغنيتي الرومانسية مثلا {محتاجة ليك} حققت نجاحاً لا مثيل له}.  

تلفت مقدسي إلى أن معظم النجوم يغنون الفرح كما يغنون الوجع والفراق والهيام، فالحياة فيها فرح ورومانسية، ولكل أغنية وقتها وظرفها، ويهوى كل فنان الجمع بين هذين اللونين في حال استطاع ذلك.

دومينيك حوراني

{أغنيتي الأخيرة {بطّل فيي} رومانسية بامتياز وتزخر بمشاعر الحب والغرام، وأخوض فيها تجربة جديدة بعيداً عن الأغاني الشعبية والفولكلورية التي عُرفت بها}، توضح دومينيك حوراني التي تعتبر نفسها قادرة بامتياز على أداء اللونين الشعبي والرومانسي، لا سيما أنها أثبتت نفسها سابقاً في الأغنية الشعبية واليوم في الأغنية الرومانسية.

تضيف: {في داخلي مشاعر رومانسية كفيلة بأن تجعلني أنجح في هذا النوع من الأغنيات، ومن شاهد الكليب تأثر بالمشاهد. أنا ضعيفة في الحب، لكني أخفي هذا الضعف وراء الشخصية القوية التي أظهرها. لا تتطلب الحياة ضعفاً ومن الضروري التحكّم بالمشاعر}.

وعن التحول من الأغنية الشعبية إلى الرومانسية تقول: {عرفني الناس بأغنيات إيقاعية وشعبية وفولكلورية راقصة،  وبما أنني قادرة على أداء أغنية رومانسية بشكل ناجح فلِمَ لا أثبت للجمهور هذه الناحية من صوتي، خصوصاً أن كثراً يطالبونني بتقديم أعمال رومانسية. على الفنان اختيار الألوان التي يستطيع أداءها، بالنسبة إلي أميل إلى اللونين الشعبي والرومانسي، لكني لا أقترب من اللون الطربي كوني أعرف سلفاً أنني غير قادرة على إجادته}.

مادلين مطر

{اللون الرومانسي هو الأقرب إلي ولكن التنويع ضروري} تقول مادلين مطر التي طرحت حديثا أغنية {تعباني} وهي من اللون الرومانسي الذي نجحت من خلاله، مشيرة إلى أن كل فنان يتميز بنوع معين من الغناء، لكن لا يعني ذلك أن يحصر نفسه به في حال كان قادراً على أداء ألوان غنائية أخرى. تضيف: {على الفنان أن يعمل على نقاط القوة التي تميزه عن غيره، وأنا بطبعي إنسانة رومانسية وهادئة، وأحبني الجمهور باللون الرومانسي الجميل. لكن في الوقت نفسه كانت لدي أغنيات سريعة وإيقاعية لم يقل نجاحها عن الأغنيات  الأخرى}.

تنوع لكسر التكرار

يرى تامر عاشور أن الألوان الغنائية كافة مطلوبة لأن الجمهور متعدد الأذواق، وعلى المطرب أداء نماذج مختلفة بأسلوب جديد، عبر التعاون مع ملحنين ومؤلفين من مدارس مختلفة، موضحاً أنه يرفض تصنيف المطرب بين رومانسي أو كلاسيكي أو حتى شعبي.

يضيف أن الغناء بحد ذاته هدفه المتعة، وأن الإحساس يتنوع بين شخص وآخر، وبالتالي، يجب أن يقدّم المطرب ما يقتنع به ويمتع جمهوره المتعدد الأذواق، مشيراً إلى أنه على يقين بأن تقديم أغانٍ خفيفة ضمن الألبوم ضرورة لا يمكن تجاهلها، «لأن لا وقت للجمهور للتفاعل مع أغنية عميقة بسبب طبيعة عمله، وإيقاع الحركة اليومية السريعة. في المقابل، لا بد من أن يرضي المطرب جمهوره الذي يحبذ النمط الرومانسي أو غيره...».

رغم إيمانه بأن المؤلف الواحد يستطيع الكتابة عن أحاسيس ومشاعر مختلفة، إلا أن التعدد، برأيه، يكفل فرصة أفضل للتعبير عن الأذواق المختلفة، وهو ما يفعله حتى مع نفسه، إذ لا يلحن أغاني ألبومه كلها، رغم أن موهبته الأولى هي التلحين، بل يتعاون مع زملائه حتى لا تتسم الأغاني بالتكرار.

شخصية مختلفة

تحرص جنات على أن تكون شخصية مختلفة في كل ألبوم جديد تقدمه، موضحة أنها تجتهد لتغيير صورة الفتاة الرومانسية التي لازمتها فترة طويلة، وتقديم أعمال مختلفة ليس على مستوى روح الألبوم فحسب بل في الأغاني نفسها، وذلك عبر التنويع في المؤلفين والملحنين.

 تضيف: «رغم استغراق الجمهور بعض الوقت ليعتاد الألوان الجديدة التي أقدمها، إلا أنني أركز على التنوع، كما حدث في ألبوميّ {حب امتلاك} و{حب جامد}، إذ قدمت  صورة فتاة متمردة لا ترضح  لحب الامتلاك الذي يمتاز به حبيبها، وقد ظهرت هذه الروح حتى في صورة الألبوم التي رُوّجت في وسائل الإعلام وأثارت انتقادات لجرأتها}.

مع أنه عمل في التلحين في مطلع حياته الفنية، إلا أن ذلك لم يمنع حسام حبيب من التوجه إلى الغناء وتقديم أغان من تلحين آخرين، موضحاً أن تقديم ألوان غنائية مختلفة جزء من معادلة النجاح، ومتسائلاً: {كيف يمكن للجمهور أن يقدر نجماً يقدم الأغاني نفسها بالطريقة ذاتها طوال مسيرته الفنية؟}.

يلفت حسام حبيب إلى أن كثيرين سواء من داخل الوسط الفني أو خارجه، يقعون في فخ التكرار بعد نجاح أغنية معينة ورواجها، مؤكداً أن الفن يعتمد، بالدرجة الأولى، على المغامرة لأنه يقدم للجمهور متعة وسط المتغيرات، {بالتالي يجب أن تكون الأغاني متنوعة وجديدة وتلفت الانتباه، لأن الجمهور سريع الملل من التكرار}.

يتابع أن ثمة مساحة لا يمكن تغييرها وهي تقديم أغانٍ تخاطب الجميع، وهو ما يضمن نجاح الألبوم في أوساط مختلفة، لكن من دون التنازل عن الكلمات  المناسبة والألحان اللائقة، مؤكداً أنه لا يمانع في تقديم أي لون غنائي يضيف إليه جديداً، ويناسبه على المستويين  الشخصي والفني.

تعبير عن الأحاسيس

لطالما حُصرت مي كساب في أداء أغانٍ إيقاعية سريعة ومرحة بسبب تكوينها الشخصي وحبها للضحك والفكاهة، ومشاركتها في أعمال تلفزيونية وسينمائية كوميدية، ورغم عدم رفضها لهذا النوع من الأغاني بل وحبها له على المستوى الشخصي، إلا أن الفنان، برأيها، قادر على تجسيد المعاني كافة والتعبير عن أحاسيس جمهوره، وكلما نجح الفنان في ذلك ارتفعت درجة نجوميته ونجاحه.

تكشف كساب أنها، قبل إعداد ألبوماتها، كانت تطلب من شاعر معين كتابة فكرة محددة، تبدأ بعدها البحث عن ملحن يمكنه تلحين هذه الفكرة، مشيرة إلى أن الأغنية عمل إبداعي بالدرجة الأولى، ولا يمكن إلا أن يكون جديداً ومتنوعاً، يكفل أكبر مساحة من التأثير في شرائح مختلفة من الجمهور، وكتابة تاريخ فني متنوع الأغاني والأذواق، وربما تنجح بعض الأعمال المتوسطة بشكل أكبر في فترة تعقب صدورها.

المهم، برأيها، أن تكون الأغنية صادقة، ويبذل فيها جهد مناسب، بغض النظر عن لونها، لأن الصدق سيكفل لها النجاح.

back to top