مبارك الدويلة... والحضن الدافئ
كثرت شطحات "الإخوان" في الآونة الأخيرة بعد تواصل الضربات عليهم بسبب حساباتهم الخاطئة سواء إقليمياً أو محلياً، مع أنه كان من المؤمل أن تؤدي بهم تلك الأخطاء إلى إعادة تقييم ممارساتهم السابقة وتقويمها بدلاً من المكابرة والقفز على الحقائق.وآخر هذه الشطحات هي مقالة النائب السابق مبارك الدويلة "هكذا نمارس العمل السياسي" الذي اتهم فيها الحكومة بمحاباة التيارين السلفي والوطني في التشكيلة الجديدة لأنهما دعما السلطة في مرسوم "الصوت الواحد" ضد المعارضة السياسية التي لم تمثل في الحكومة الجديدة، كما استغرب من خلو التشكيلة من ممثل للائتلاف (يقصد التحالف) الإسلامي الوطني مع أنه ساقط في الحضن الدافئ من زمان.
أولاً، لا أدري كيف يدعي النائب السابق الدويلة خلو الحكومة من الشخصيات المحسوبة على المعارضة السياسية مع أنها ممثلة بوزيرين (على الأقل) هما وزيرا الصحة والأوقاف؟! أما بالنسبة إلى غياب ممثل للتحالف الإسلامي الوطني من التشكيلة الجديدة فأعتقد أن التحالف ضرب مثالاً ناصعا في المشاركة في الحكومة طيلة 4 سنوات سابقة عبر الوزير د. فاضل صفر الذي يشهد له القاصي والداني بنزاهته وإخلاصه وكفاءته وعمله من أجل الإصلاح من غير استغلال نفوذه للمصالح الفئوية الضيقة، ولتعيين المقربين في المناصب على حساب حقوق الآخرين، ومن غير أن يكون للتحالف مستشارون في مراكز القرار يؤثرون في التشكيلة الحكومية، ويدعون الشخصيات للمشاركة فيها، كما كان الدويلة يقوم بمثل هذا الدور بنفسه في عهد المجلس المبطل الأول، وهو لا يزال يكيل المديح لسمو رئيس الوزراء بالرغم من انتقاده الشديد لتشكيلة حكومته!أما بالنسبة إلى الحضن الدافئ فأكثر الناس معرفة به هم منتسبو "حدس" لأنهم جلسوا عليه لسنوات طوال (خصوصاً منذ التحرير) وما زالوا يرضعون من ثدي الحكومة المدر عبر انتشارهم في مؤسسات الدولة المختلفة وبالمناصب المختلفة. وأظن أن الدويلة يعرف جيداً "النائب الحدسي" الذي كان يغرف من مناقصات الدولة أثناء عضويته، في تعارض واضح للمصالح حتى قال عنه أحد النواب "ريحتك فاحت"!وأظن أن النائب السابق الدويلة يعرف جيداً أنه تقريباً لم تخلُ حكومة منذ التحرير من تمثيل "حدسي" سواء بشخصية ذات انتماء معلن أو مخفي. حتى عندما كانت تتبرأ "حدس" من وزرائها (علناً) مثل الدكتورين الشطي والبصيري، استمرت كوادر التيار في العمل بمكاتبهما! حتى الحكومة الحالية- التي ينتقدها الدويلة- يُعتقد أنها لم تخلُ من تمثيل "حدسي" وهذه المرة عبر شخصية غير معلنة الانتماء مثل الوزيرة السيدة هند الصبيح لأنها كانت قيادية سابقة في برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة الذي كان مركزاً لتسكين كوادر "حدس" في المناصب القيادية أثناء تولي الدكتور وليد الوهيب منصب الأمين العام للبرنامج!وإذا أتينا إلى مؤسسات الدولة فحدث ولا حرج، فبدءاً من القطاع النفطي الذي لا تخلو شركة من شركاتها بتمثيل "حدسي" في المراكز القيادية، بل طال نفوذها حتى إلى شركة "إيكويت" بحكم مساهمة شركة البتروكيماويات فيها، حيث أصبحت هذه الشركة مرتعاً لقيادات إخوانية بعد تصفية بقية القيادات وإحالتهم إلى التقاعد.والكل يعرف نفوذ "الإخوان" في الجامعة والتطبيقي والدمار الذي مارسوه في هاتين المؤسستين و"تضبيط" البعثات لمنتسبي التيار حتى قبل أن يدخلوا الجامعة، ومثال على ذلك أحد أبنائهم السابقين الذي أراد دراسة تخصص معين فدعوه إلى الالتحاق بكلية أخرى مع وعد ببعثة دراسات عليا، وهذا بالفعل ما حصل. وبالمناسبة، هذا الشخص هو نائب حالي!هذا بخلاف تغلغلهم في المؤسسات المصرفية الإسلامية (التي تساهم فيها الحكومة بنسبة كبيرة) إضافة إلى لجنة استكمال تطبيق الشريعة بمبناها الكبير وجيش الموظفين فيها (ما أدري على شنو؟)، والتي صرفت عليها الملايين منذ أكثر من عشرين عاماً ولا تزال بالرغم من عدم أهميتها ودون معرفة الهدف من استمراريتها؟ فما إن يحتل "الإخوان" منصباً مهماً في مكان ما حتى يبدؤوا بالانتشار و"تضبيط" الوظائف لمحازبيهم والقفز على حقوق الكفاءات، وتنفيع الشركات التابعة لرموزهم بعقود استشارات وتدريب، وهذا ليس بغريب على من يتخذ من الدين ستاراً لبلوغ السلطة وتحقيق المصالح الضيقة، مثل صديقهم الذي كان يصف الصهاينة بأحفاد القردة والخنازير ليخاطب زعيمهم لاحقاً بـ"صديقي العزيز"! وبعد كل هذا وذاك يتحدثون عن "الحضن الدافئ" مستهزئين!