اعتبر الخبير في الحركات الإسلامية والقيادي السابق في تنظيم "الإخوان" أحمد بان أن تمرير الدستور التونسي هو بمنزلة تدشين لمرحلة صدام مؤكد بين حركة "النهضة" و"السلفية الجهادية"، موضحاً في حوار مع "الجريدة" أن السلفية الجهادية مارست ضغوطاً كبيرة على الحركة، وحينما استشعرت الأخيرة خطورة الأوضاع قامت بعملية مشاركة حقيقية مع القوى السياسية، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

Ad

• كيف نظرت إلى تمرير الدستور التونسي؟

- على الرغم من حالة الاستقطاب الموجودة في المجتمع التونسي فإن القوى السياسية تمكنت من التغلب على مصالحها الشخصية، وانتصرت للدولة التونسية، فالأجواء الاحتفالية التي صاحبت تمرير الدستور تعكس الحالة الديمقراطية التي وصلت إليها الفصائل التي امتلكت القدرة على إدارة أهدفها السياسية، بعيداً عن حالة الاستقطاب أو التدافع التي شهدتها مصر مثلاً وقت كتابة دستورها.         

• وماذا عن استفادة حركة "النهضة" التونسية من تجربة إسقاط حكم "الإخوان"؟

- لا شك أن زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي، كان لديه طوال فترة الـ20 عاماً اجتهادات تختلف تماماً عن اجتهادات إخوان مصر الذين غلب عليهم التيار القطبي، فالغنوشي يمتلك رؤى إصلاحية تقدمية وواقعية، استفاد تماماً مما حدث في مصر، فانفتاحه الفكري أعطاه الليونة التي مكنته من اتخاذ مواقف سليمة، والتنازل عن الحكم بعدما حدث من استقطاب حين حاولت الحركة تمرير سياستها في البداية، فاستطاع أن يحافظ على الدولة وعلى الحركة من المصير المصري.

• لكن حركة "النهضة" لم تقدم تنازلات حقيقية إلا مع استشعارها الخطر، فيمن تمثلت هذه الخطورة؟

- في التيارات الجهادية لما لها من حضور وتأثير قوي هناك، حيث كان لها دور في الضغط على الحركة لتحديد شكل التعامل مع القوى السياسية المعارضة، وحينما استشعرت "النهضة" خطورة الأوضاع نفضت يدها عنها وأحدثت مشاركة حقيقية.

 • هل من الممكن أن تغير حركة "النهضة" من استراتيجيتها خلال المرحلة المقبلة؟

- لا شك أن راشد الغنوشي قادر على ذلك بعد قدرته على إقناع من حوله بضرورة التنازل عن الحكم، كما أن الغنوشي دائماً ما كان يطالب بضرورة الدفع بشخصيات حيادية طالما أن القوى المعارضة للتيار الإسلامي لا تقبل وجوده على رأس السلطة، فضلاً عن أن إخوان تونس لاشك لديهم مرونة وخصوصية ثقافية تختلف تماماً عن بقية الحركات الإخوانية في العالم، لكن ما أتوقعه هو أن الاستقطاب قد تخف وتيرته بعد تمرير الدستور لكنه لن ينتهي، ويتوقف كل ذلك، على شكل إدارة البلاد خلال الأيام المقبلة.  

• هل ستتجه حركة النهضة إلى المنافسة على السلطة خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟

- من المؤكد أنها ستكون شريكاً يطور من أدائه، ويأخذ مسؤولياته بحذر حتى يستطيع الوجود بشكل أساسي في السلطة، ومن المتوقع أن ترفع شعار المشاركة لا المغالبة خلال الفترة المقبلة، لتفويت تكرار السيناريو المصري، الذي كاد أن يحدث قبل تمرير الدستور حينما رفعت شعار "المغالبة لا المشاركة".

• ما توقعاتك بشأن نقل مقر القيادة الإخوانية الأم من مصر إلى تونس؟

- لا أتصور أن تتحمل حركة النهضة أعباء جديدة للتنظيم الدولي على أراضيها خاصة مع المعارضة الشرسة التي تواجه الحركة، فمن المتوقع أن تنخرط "النهضة" أكثر في الشأن التونسي، وستحاول أن تنجح وتقلل من أوجه التفاعل مع التنظيم الدولي، حتى تتمكن من تقديم نموذج سياسي جيد، بعد فشل التجربة في مصر، ما أريد قوله هو ان التنظيم الدولي يترك هامشاً واسعاً لفروعه كي تتحرك فيه، خاصة بعدما أدت سياسات التنظيم في مصر إلى سقوط التجربة.

• وماذا عن الصدام المتوقع بين حركة "النهضة" والسلفية الجهادية في تونس بعد تمرير الدستور؟

- بالتأكيد سيحدث صدام بينهما، وإن كانت حركة "النهضة" سوف تسعى إلى الابتعاد عن ذلك حتى لا تدخل في صدام مسلح مع القواعد السلفية الجهادية، لذلك من المتوقع أن تحشد حركة القوى الليبرالية للصدام مع السلفية الجهادية، وعلى أية حال فالصدام قادم لا محالة، خاصة بعد تمرير الدستور وبداية اتهام السلفية الجهادية باغتيال المعارضين السياسيين مثل شكري بلعيد.

• متى يقدم إخوان مصر مراجعات فكرية؟

- أشك في قدرة إخوان مصر على تقديم مراجعات، لكون البنية الذهنية لهم جعلتهم يأبون تقديم مراجعات فكرية حتى في أحلك الظروف التي تمر بها حالياً في مصر.